ديمة محبوبة

عمان - يحمل الطفل أحمد قريوتي، البالغ من العمر خمسة عشر عامًا، في داخله تناقضات نفسية تنعكس أحيانًا على سلوكه. فهو يصف والدته بأنها شخصية حازمة وقوية، في حين يصف والده بأنه يحمل نوعًا من الصرامة في قلبه، لكنه قليلا ما يظهرها إلا في لحظات الغضب الشديد.

يقول أحمد إنه يتعرض لحزم والدته بشكل يومي تقريبًا، سواء بسبب تقصيره في أداء واجباته المدرسية أو رفضه لأوامرها. على سبيل المثال، ترفع والدته صوتها في وجهه، وأحيانا تقسو عليه بكلماتها. لكنه، رغم كل ذلك، لم يكن يغضب منها حقا؛ بل كان يعود إليها بعد كل خصام ليحتضنها وكأن شيئًا لم يكن.

أروى نجيب

تدخُّل الآباء في حياة أبنائهم البالغين يمكن أن يتحول إلى مشكلة كبيرة تواجه العديد من الأسر، خاصة بعد زواج الأبناء. فبعد سنوات طويلة من تحمل المسؤولية الكاملة عنهم واتخاذ القرارات بالنيابة عنهم، ومع كل الجهود والتضحيات التي قدمها الآباء، قد يكون من الصعب عليهم التراجع خطوة للخلف والسماح للأبناء بالاستقلال والانطلاق في حياتهم الخاصة، واتخاذ قراراتهم بأنفسهم، واكتساب الخبرة من تجاربهم.

 

تسلط ساحات لعب الاطفال الضوء على نموذجين متطرفين من الآباء. فمن ناحية، نجد آباء لا يكترثون إذا أقدم أبناؤهم على سرقة أغراض ما تخص أطفالاً آخرين، أو إذا دفعوهم فوق ألعاب التسلق، طالما لم يزعجهم أحد بينما ينهمكون في التعامل مع هواتفهم الذكية. ومن ناحية أخرى، هناك آباء يراقبون أطفالهم باهتمام بالغ، ويرافقونهم في كل تحركاتهم، ويساعدونهم للحفاظ على توازنهم عندما يتسلقون الالعاب.

 

    سيدتي - خيرية هنداوي

لا جدال في أن المسؤول الأول والأخير عن تعاملات الأبناء مع بعضهم البعض ترجع إلى أسلوب تربية الآباء وطريقة توجيههم لأبنائهم ومدى التزامهم بأسلوب صحي سليم؛ فإن صلُحت التربية وتماشت مع الأسس التربوية السليمة صلُح حال الأبناء وصارت علاقتهم ببعضهم سوية.

والقضية ليست جيدة؛ فكلنا يعرف أن علاقة الأخوة تُعد من أسمي العلاقات التي يتمتع بها الإنسان - أشبه بأرث معنوي ثري وثمين- يتركه الآباء للأبناء ليرافقهم طوال رحلة حياتهم.. بما يحويه من وضوح وعفوية وصدق وعطاء في العلاقة من دون مصلحة.

 

    سيدتي - خيرية هنداوي

أكدت أبحاث ودراسات كثيرة على أن مشاركة الطفل في عمل الواجب المدرسي كثيراً ما تأتي بنتائج عكسية، وعلى الآباء ألا يشعروا بالتقصير؛ لأن فائدة هذه المساعدة ضئيلة للغاية؛ إذ أن الأبناء يسعون لحل واجباتهم المنزلية بمفردهم دون مساعدة، ما يجعلهم يشعرون بالاستياء والغضب.

ولكن من الممكن تشجيع أطفالهم على القيام والمشاركة بالأنشطة المدرسية، أو إظهار اهتمامهم بالأنشطة الفكرية، مثل قراءة كتاب معاً، ما يسهم في تحسين التحصيل الدراسي والشعور بدافع أكبر للقراءة والكتابة أو حتى مجرد الذهاب للمدرسة، خاصة في الصفوف الدراسية الأولى.

JoomShaper