فريق العمل
لن نتحدث هنا عن ذلك الإدمان تجاه التسوق الموجود عند بعض الناس، أو استمتاع البعض بشراء أشياء لا يحتاجونها وبلا هدف، لكننا نحن نتحدث عن ذلك الشعور بالندم المصاحب لعمليات الشراء المتعددة، خصوصًا في أوقات البقاء بالمنزل.
بسبب توسع مواقع الشراء عبر الإنترنت خلال العقد الأخير، كان وقت الإغلاق والحجر المنزلي الذي شهده العالم خلال جائحة فيروس كورونا التي ضربت العالم نهاية عام 2019، محفزًا للناس لشراء الكثير من البضائع سواء كانوا يحتاجونها بالفعل أم لا؛ فالجلوس في المنزل طوال الوقت كان عاملًا مساعدًا على تفريغ الطاقة الزائدة التي لم تستهلك في الحركة والتنقل والعلاقات الاجتماعية، في عمليات الشراء.
لكن بعد عمليات الشراء المستمرة هذه خلال الإغلاق والحظر المنزلي، بدأ عدد كبير من الناس في الندم على قيامهم بالحصول على كل هذه الأشياء، مكتشفين أنهم لم يكونوا بحاجة لأدوات المطبخ تلك، ونظام سماعات المنزل الحديث، وعدة أدوات النجارة أو التصليح، بعدما لم يستخدموها بالمعدل نفسه المتوقع، أو ربما لم يعد هناك وقت لاستخدام هذه الأشياء بعد العودة للحياة الطبيعية من الأساس، فقد وجدت دراسة بريطانية حديثة أن واحدًا من كل 10 بريطانيين ندم على عمليات الشراء التي قام بها خلال فترة جائحة كورونا.
أسباب زيادة الشراء خلال الجائحة
تسبب وباء كورونا الذي ضرب العالم كله، في خلق وزيادة مشاعر القلق التي جعلت الناس تشعر بحالة من عدم اليقين بشأن ما كان يحدث، وبشأن المستقبل، وهذا القلق – بشكل عام – عادة ما يغذي القيم المادية عند البشر أكثر وأكثر، وهو ما ينعكس في صورة زيادة احتمالية قيام الناس بالشراء.
في الطبيعي، ونتيجة لظروف عدم اليقين بشأن المستقبل، ربما يقول المنطق إن الناس يجب أن يقللوا المصاريف والمشتريات غير الضرورية لحين انجلاء الوضع، لكن النزعة المادية لدى البشر تجعلهم يميلون إلى شراء السلع بناءً على حالتهم المتصورة، لذلك ليس من المستغرب أن يستثمر الكثيرون في سلع باهظة الثمن أثناء الوباء، تعويضًا عما كانوا ينفقونه على أشياء لم تعد متاحة في ذلك الوقت، مثل السفر وتناول الطعام بالخارج.
الندم بعد الشراء
لكن مع عودتنا إلى الحياة الطبيعية إلى حد ما، تنخفض مستويات القلق هذه، ويبدأ الناس في النظر بشكل مختلف نحو ما اشتروه، فينظر الناس إلى ما اشتروه فيرون أنها أشياء لم تعد مرغوبة أو مفيدة كما كانوا يظنون، أو أن الحاجة لها لم تعد موجودة، هنا يظهر ذلك الشعور بالندم. والندم هو عبارة عن قوة سلبية تدفع الناس إلى تصحيح الذات.
تتغير أولوياتنا الحياتية بعد العودة للحياة الطبيعية، ومعها تغيرت رغباتنا المادية، فالمتسوقون يحكمون على المشتريات بناءً على قدرة العنصر على تلبية احتياجاتهم، وعندما تصبح العناصر غير مرغوبة يرغبون في شراء شيء جديد (قد لا يكونون قادرين على تحمله)، وتبدأ تلك الحالة من «ندم المشتري» في الظهور تجاه السلع الأكثر تكلفة التي اشتروها في وقت سابق.
كيف تتجنب الشعور بالندم بعد الشراء؟
ما حدث قد حدث، إذا كنت قد اشتريت شيء ما سابقًا وتندم عليه الآن، فلن يمكننا تغيير ما فعلته، لكن المهم الآن هو التركيز على ما تنوي شراءه في المستقبل، هنا عليك أن تتعلم كيف تأخذ قرار الشراء بشكل صحيح وعقلاني يحول دون الندم على ما اشتريته.
هناك بعض الأشياء التي يمكنك فعلها لتقليل احتمالية ندمك على قرار شراء شيء ما.
1- الشك في صالح عدم الشراء
إذا كنت تقف على الحياد بشأن اتخاذ شراء شيء ما، فمن الأفضل أن تقاوم رغبتك في الشراء؛ إذ تشير الدراسات هنا إلى أن الناس أقل عرضة لخوض تجربة الندم إذا لم يشتروا شيء أكثر مما لو كانوا قد اشتروه. بكلمات بسيطة، ندمك أنك لم تشتر سلعة ما غالبًا ما يكون أقل من شعورك بالندم إذا اشتريتها ثم لم تعد راغبًا فيها.
2- الدفع التلقائي والدفع نقدًا
إذا كان هناك بعض المعاملات الدائمة مثل دفع الإيجار والفواتير، فربما من الأفضل أن تجعلها تتم أوتوماتيكيًّا عبر حسابك البنكي مثلًا، وفي المقابل، اجعل المدفوعات التي من المحتمل أن تندم عليها لاحقًا، أكثر وضوحًا وأنت تقوم بها من خلال الدفع نقدًا؛ فالدفع نقدًا يعطي تحذيرًا ضمنيًّا لك أنك تصرف مبلغًا ما قد تندم عليه مقارنة بالدفع عبر بطاقات الائتمان.
3- لا تتسرع
غالبًا ما يؤدي الشراء الاندفاعي إلى الندم، خصوصًا عندما تظهر لك في بعض الأحيان تلك الرغبة في التبذير وصرف الأموال، وهنا عليك اتخاذ بعض الاحتياطات المهمة. أولًا: ابتعد عن العروض والخصومات مثل عروض الجمعة السوداء الشهيرة، فمجرد مشاهدتك وتصفحك مواقع العروض هذه، سيرفع من رغبتك في الشراء، وهنا سيأتيك شعور الندم بنسبة كبيرة فيما بعد، لأنك اشتريت بناء على العروض وليس بناء على ما تحتاج إليه.
ثانيًا: ابتعد عن الإصدارات الجديدة للمنتج نفسه الذي تملكه، فإذا تابعت الإصدار الأحدث لهاتف آيفون، فستتملكك رغبة كبيرة في الشراء رغم أنك تمسك في يديك الإصدار الأقدم بعام واحد، وفرق المواصفات والخصائص لا يحتاج منك لصرف مئات الدولارات. ثالثًا: إذا كنت ترى أن أوقات العروض هي فرصة للشراء ولا تستطيع منع نفسك، عليك قبل التسوق أن تحدد المبلغ الذي يمكنك إنفاقه، وما الذي تريد إنفاقه عليه، وحدد قائمة بما تريد شراءه والتزم بها.
4- ماذا تشتري بالضبط؟
عندما تنفق أموالك، حاول التركيز على السلع المرتبطة بالتنمية الشخصية، فعندما ترتبط المشتريات بجوانب مثل تلك، يشعر الناس بمزيد من الرضا عما اشتروه، ويصعب أن يأتي لهم ذلك الشعور بالندم، وقد وجدت إحدى الدراسات حول أنواع المشتريات التي كانت أكثر إرضاءً للناس، أن هناك خمسة أنواع مختلفة من المشتريات التي تحقق مستوى رضا بنسبة 75% أو أعلى، وهي بالترتيب المتعلقة بـ: المجتمع، والرعاية الصحية، والمرافق (بما في ذلك الإيجار)، والفنون والترفيه، والتعليم. يظهر من هذه الأنواع أنها متعلقة بشكل واضح بالحفاظ على الذات أو إثرائها.
5- استثمر في تجارب الحياة
إذا رغبت في الترفيه عن نفسك من خلال مكافأتها بشراء شيء ما، فقد يكون هذا هو القرار الأسوأ؛ ففي حين أن شراء ملابس أو ألعاب جديدة قد يكون مرضيًا على المدى القصير، فهو يأتي نتيجة لإمكانية قيامك باستمرار بمقارنة الشيء الجديد الذي اشتريته بالسلع الأخرى التي تمتلكها، وستظل تسأل نفسك عن مدى حاجتك الفعلية لها.
في المقابل، هناك أمور أخرى يمكن أن تدفع مقابلها وتمنحك شعورًا أفضل دون ندم، هنا عليك الدفع مقابل تجربة شيء ما، مثل الذهاب في العطلة أو الذهاب للعب البولينج أو تجربة مغامرة جديدة ما، فمثل هذه الأشياء من غير المرجح أن تؤدي إلى ندم المشتري أو المستهلك عليها، فخوض تجربة أو نشاط أو مغامرة جديدة هو أمر فريد من نوعه ويصعب مقارنته بشيء آخر.
6- فكر في الآخرين أولًا
بدلًا من التركيز على نفسك ورغباتك، فكر في شراء أشياء للآخرين؛ إذ يمكن أن يكون تقديم الهدايا مرضيًا لكل من المانح والمتلقي، وغالبًا، لن تندم أبدًا على شراء سلعة قدمتها هدية لطفلك أو لزوجتك أو لأمك أو حتى لصديقك.