ديمة محبوبة
عمان– أطفال يتراقصون على المسرح، كل مع زميله، فيما تقف إحداهن دون زميل للاحتفال، وتناظر باقي زملاءها، وتحاول على خجل أن تؤدي الحركات وحدها، حتى جاءها الإنقاذ والفرح من سلوك "والدها" الذي كسر قيود الخجل لديه، وانصب تفكيره باتجاه واحد فقط "كيف يكون شريكاَ للفرح مع ابنته في يوم تخرجها من الروضة".
هذا المقطع الذي تم تداوله عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي، وحتى الإخبارية منها، كان لأب أردني تقمص دور الشريك لإحدى الفقرات الفنية المعدة للمشاركة في حفل تخريج الصفوف الأولى من المدرسة، ولم يتواجد الطفل الآخر لسببٍ ألم به، لتكون ردة الفعل لهذا الأب المتواجد بين الجماهير هي الأفضل حتى الآن، بحسب الآلاف ممن علقوا على هذا المقطع، بعد أن صعد إلى المسرح وشاركها فقرة الاحتفال، ما كان له كبير الأثر الإيجابي المتمثل بوجه الفتاه التي ضحكت فرحاً، وأدت حركاتها على أكمل وجه.


في هذا الصدد يؤكد مختصو علم التربية والنفس، أهمية الأب الحنون والسند والمحب لعائلته في حياة ابنته على وجه التحديد، فوجود الأبوين وقيام كل واحد بدوره أمر مطلوب وواجب، لكن للأب دوره المختلف مع ابنته في إظهار الحب والعون والسند الذي تحتاجه في مواجهة الحياة.
وهنا تتحدث إحدى الأمهات، إلهام منسي، وتقول: "إن لديها ابنة وولدين، ودائما ما تلفت نظر زوجها إلى أن يعتني بالابنة بشكل خاص، كأن يميزها بهدية ما، وبشكل سري، وأن يدعمها ويساندها ويتحدث معها، وأن يخرج برفقتها في "مشوار" مهما كان بسيطاً، وتستذكر بشكل دائم علاقتها بوالدها، الذي كان رفيقا لها في جميع المراحل العمرية، ويفيض عليها بكلمات الحب والعطف والحنان".
ولأنها تعلم تماما، حسب تعبيرها، أثر هذه العلاقة عليها وعلى شخصيتها وحبها لذاتها، تريد لابنتها أن تعيش هذه العلاقة، وبالمعطيات ذاتها، التي تدعم شخصيتها فيما بعد وتجعلها قوية وثابتة بثبات علاقة الأب بابنته، وتعلم أن سندها موجود ويميزها ويراعي مشاعرها المختلفة.
التربوية والمرشدة النفسية رائدة الكيلاني، تؤكد أن علاقة الأب بابنته لا تعني أن يتجاهل الأب أولاده الذكور، لكن اليوم تخصص حديثها عن أثر علاقة الأب الجيدة على ابنته، وأنه من خلال ملاحظتها ولفته إليها وإظهار الحب دائما وبشكل مستمر يجعل منها فتاة ذات شخصية قوية ومؤمنة بذاتها، وقادرة على مواجهة المجتمع بعلاقته بطريقة صحيحة.
وتؤكد الكيلاني، أن هناك طرقا كثيرة يمكن من خلالها أن يتقرب الأب من ابنته، كأن يكون معها في النشاطات المدرسية، أو إن كانت تهوى الرياضة عليه أن يشاهدها تتمرن، إذ إن الفتاة التي يشاركها والدها هذه النشاطات أكثر قوة وحزما ومسؤولية في اللعب من الفتاة التي لا يهتم الأب بها وينحصر اهتمامه فقط بالعلاقة المادية.
وتلفت الكيلاني، إلى أن الفتاة التي تأخذ حيزا من اهتمام والدها وأمام الجميع، يعزز لديها قوة الاعتماد على الذات والحزم، فالآباء الذين يشجعون بناتهم على الاستقلال والحزم يساعدونهن على تطوير المهارات التي يحتاجونها للنجاح في الحياة، واثقات وقادرات، ومن غير المرجح أن يقعن ضحايا لسوء المعاملة أو القبول فيها، خصوصا عندما يكون الأب هو الصديق الواعي الذي ينصحها حول العلاقات الصحية، فيمكن للآباء تعليم بناتهم أهمية الاحترام والثقة والتواصل في العلاقات، ويجب مساعدتهن على تطوير علاقتهن مع الأصدقاء أينما كانوا.
والأب الناجح، وفق الكيلاني، هو القدوة الناجحة، فمن خلال احترامه لابنته ووالدتها، وكيفية التعامل اللطيف والمحترم يجعل من نفسه قدوة لها، إذ لن تقبل بشريك حياة يعاملها أقل ما كانت تتعامل به عند والدها، من حب واحترام وإثبات ذات وشراكة.
اختصاصي علم النفس والتربوي الدكتور موسى مطارنة، يؤكد أن العلاقة بين الأب وابنته تلعب دورا واضحا وحيويا في حياتها، فمن خلال المشاركة والدعم والمحبة، يمكن للآباء مساعدة بناتهم على التطور إلى أن يصبحن نساء واثقات وناجحات، مؤكداً أن الفرد بشكل عام يريد أن يرى نفسه محط أنظار واهتمام عائلته، وبخاصة الوالدين، والأولى أن تكون هذه العلاقة الأولى المقدرة للفتاة والمعطاءة والمحبة لها.
ويؤكد مطارنة، أن علاقة الأب مع ابنته الصحية يتخللها الكلمات والأفعال والعناق الذي تحتاج إليه الفتاة كثيرا حتى تشعر أنها محبوبة لديه، والأب دوره كبير في الأسرة ككل، ولا يقتصر دوره على العمل خارج المنزل فقط، وأن تكون مشاعره متوازنة ومتصالحة ومحبة وقادر على إظهار مشاعره.
ويقول مطارنة: "إن على الآباء تدريب أنفسهم وإجبارها على تحقيق أحلام أبنائهم، إذ يمدهم شعورا قويا بتقدير الذات والثقة، ويعطيهم الأمان بأن دائما هناك من يعمل لأجلهم، وخاصة الفتيات، وتحتاج الفتاة إلى أن يكون والدها من أجلها، عاطفيا وجسديا والاستماع إليها وتقديم الدعم لها والإرشاد من خلال اتباع هذه النصائح.

JoomShaper