سيدتي - خيرية هنداوي
مرحلة المراهقة هي مرحلة حساسة ومفصلية، حيث يمر المراهق فيها بالكثير من التغيرات الجسدية، النفسية والعاطفية التي تؤثر في سلوكه وتنعكس على علاقاته مع الآخرين، ورغم أن هذه الفترة مليئة بالتحديات، إلا أنها أيضاً تمثل مرحلة نمو واكتشاف لذات المراهق والمراهقة.
إذن كيف يمكن للآباء والمربين أن يتعاملوا مع هذه التغيرات؟ هنا يؤكد الدكتور محمود الألفي أستاذ التربية والطب النفسي، بأن تفّهم التغيرات النفسية والاجتماعية للمراهق طريقك لتعديل سلوكه.
ماذا يحدث للمراهق أثناء سنوات المراهقة؟
تغيرات نفسية في مرحلة المراهقة
تغير المزاج والتمرد من علامات المراهقة
لأن المراهقة تعتبر مرحلة انتقال من الطفولة إلى مرحلة النضج، فهي تتسم بالتغيرات الجسدية والعقلية الكبرى، وهذه التغيرات تتسبب في العديد من التحديات النفسية للمراهقين، ما يجعل من الضروري فهمها بشكل دقيق.
أبرز 8 مشاكل تتعرض لها المراهقات وعلى الآباء إدراكها
تغيرات هرمونية تؤثر على النفسية
التغيرات الهرمونية التي تصاحب مرحلة المراهقة، تعد من أبرز العوامل التي تؤثر في سلوك المراهق؛ فعندما يبدأ المراهق في دخول مرحلة البلوغ، يتعرض جسمه لإفرازات هرمونية كبيرة تؤثر على مشاعره وأفكاره وسلوكه.
حيث إن زيادة هرمون التستوستيرون لدى الذكور، والاستروجين لدى الإناث يؤديان إلى زيادة الرغبة في الاستقلالية، والإحساس بالقلق، ما ينتج عنه مزاجية متقلبة.
وهذه التغيرات الهرمونية قد تؤدي إلى تفاعلات عاطفية شديدة، مما يزيد من احتمالية حدوث تصرفات متهورة أو عنيفة أحياناً، وهنا يؤكد الخبراء أن مرور المراهق بتقلبات مزاجية أمر طبيعي، ولكن ذلك لا يعني أنه يجب قبول كل تصرف.
تظهر حاجتهم للاستقلالية وبداية التفكير النقدي
فتاة مراهقة
في هذه المرحلة، يبدأ المراهق في السعي لاستقلاله واتخاذ قراراته الخاصة، مما قد يؤدي إلى رفض الإرشادات التي يقدمها الآباء أو البالغون الآخرون.
يبدأ المراهق في تطوير التفكير النقدي لديه، مما يعني أنه قد يبدأ في التشكيك في القيم والعادات التي نشأ عليها، ما يعزز شعوراً بالتحدي أو التمرد في بعض الأحيان.
يحتاج المراهقون إلى الشعور بأنهم قادرون على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم، وهو ما قد يصطدم في بعض الأحيان مع رغبة الآباء في توجيههم.
من خلال فهم هذه الحاجة، يمكن للآباء أن يساعدوا أبناءهم في اكتساب الاستقلالية بطريقة صحية، بمنحهم حرية اتخاذ القرارات في حدود معقولة، لا تضر.
تمرد المراهق: والفرق بينه وبين العناد، تفاصيل تهمك داخل التقرير
يبحثون عن الهوية الذاتية
مراهقة تعرض وجهة نظرها لأبويها
تعتبر مرحلة المراهقة أيضاً مرحلة "البحث عن الهوية"، ومعها أو من أجل الوصول إليها، يمر المراهق بتجارب مختلفة لاكتشاف من هو؟ وما يريده في الحياة؛ سواء من حيث مهنته المستقبلية أو هويته الاجتماعية، في هذه المرحلة، يسعى المراهق لاكتشاف ذاته في مجال علاقاته الشخصية، وقيمه، وأهدافه.
تنتابهم تغيرات عاطفية وتصبح للصداقات أهمية
التغيرات العاطفية في هذه المرحلة تكون في ذروتها، حيث يشعر المراهقون بأهمية الحاجة إلى علاقات اجتماعية متينة مع أقرانهم، وقد تؤثر بشكل كبير على سلوك المراهق وتوجهاته النفسية.
وفي المقابل قد تزداد التوترات الأسرية؛ بسبب تزايد الانفصال أو التباعد العاطفي عن الأهل، مما قد يؤثر سلباً على العلاقة بين المراهق ووالديه.
في هذه الفترة، من المهم أن تكون الأسرة داعمة ومتفهمة ومرنة، وأن تُظهر الاحترام لخصوصية المراهق، وفي الوقت نفسه تقدم الإرشاد والأنماط السلوكية الصحيحة.
طرق التعامل مع التغيرات السلوكية في مرحلة المراهقة
أم تتابع برنامجاً مع ابنتها
الآن وقد عرفنا بأن مرحلة المراهقة تحمل العديد من التحديات السلوكية، التي قد تشمل: تقلبات المزاج، والتمرد، والبحث عن الهوية، وتعلمنا أنه مع الفهم الصحيح والموجهات السلوكية، يمكن أن تمر هذه المرحلة بنجاح، إليك بعض الاستراتيجيات الفعّالة للتعامل وتعديل سلوك المراهقين والتعامل مع تحدياتهم.
التواصل الفعّال مع المراهق:
يُعد التواصل من أهم المهارات التي يجب على الآباء اكتسابها للتعامل مع سلوك المراهقين. المراهقون في هذه المرحلة بحاجة إلى من يستمع إليهم ويفهم ما يمرون به. قد يعبّر المراهق عن مشاعره بطرق مختلفة، مثل الانسحاب أو العصبية، ولهذا يجب على الآباء أن يكونوا مستعدين للاستماع من دون إصدار أحكام مسبقة.
يجب أن يكون الحوار مفتوحاً وصريحاً. من المهم أن يشعر المراهق بأن رأيه مهم وأنه قادر على التعبير عن نفسه بحرية. هذا التواصل يساهم في تعزيز الثقة بين الآباء وأبنائهم، مما يساعد في تعديل السلوكيات السلبية.
وضع حدود واضحة مع الحرص على التسامح
أحد أهم الجوانب في التعامل مع المراهق هو وضع حدود واضحة لهم، من دون أن يشعروا أن هذه الحدود تقيدهم بشكل غير مبرر.
يجب أن تكون القواعد السلوكية عادلة ومتسقة، ويمكن أن تتضمن تعليم المراهق عن العواقب الطبيعية لسلوكياته، مثلاً، إذا كان المراهق يتأخر في العودة إلى المنزل، يمكن توضيح العواقب المتوقعة كإيقاف جزء من أنشطته الخاصة.
لكن في نفس الوقت، يجب أن يكون الآباء مستعدين للتسامح عند حدوث الأخطاء، لأن المراهقين في هذه المرحلة يحتاجون إلى فرصة لتجربة الأخطاء والتعلم منها.
دعم وتعزيز السلوكيات الإيجابية
من الضروري أن يتم تعزيز السلوكيات الإيجابية من خلال المكافآت أو التقدير المعنوي. المكافآت لا يجب أن تكون مادية دائماً، بل يمكن أن تكون في شكل تقدير لفظي أو زيادة في المساحة الشخصية أو الحرية. هذا يعزز من شعور المراهق بقيمته الذاتية ويحفزه على الاستمرار في السلوك الجيد.
تقديم المساعدة المهنية عند الحاجة
أحياناً، قد تكون المشكلات السلوكية للمراهق أكثر تعقيداً من أن يتم التعامل معها على مستوى الأسرة فقط. في هذه الحالات، يمكن الاستعانة بمستشارين أو مختصين في علم النفس للتعامل مع القضايا السلوكية الأكثر تعقيداً، مثل قضايا التمرد، الاكتئاب، أو القلق، توفر العيادات النفسية والمستشارات الأسرية برامج خاصة للمراهقين تساعدهم في التعامل مع مشاعرهم وأفكارهم بطريقة صحية.