إيشان ثارور*
أوقف الأمر التنفيذي الجديد الذي وقعه الرئيس دونالد ترامب، يوم الاثنين الماضي، بشأن الهجرة، مرة أخرى برنامج الولايات المتحدة الرامي لإعادة توطين اللاجئين. وإصرار البيت الأبيض على أن بروتوكولات التدقيق في اللاجئين ليست محكمة بما يكفي ليس مدعوماً بالأدلة التجريبية، ولا بالبيانات الحكومية عن التهديدات الأمنية المتعلقة باللاجئين. ومع ذلك، فإن تشويه سمعة اللاجئين -لا سيما السوريين منهم- كان محور رسائل ترامب السياسية منذ الأشهر الأولى من حملته. ولم يفعل ذلك شيئاً لمعالجة محنة السوريين، خاصة الأكثر ضعفاً بينهم.
لقد أجبر أكثر من نصف سكان سوريا على الفرار من ديارهم. وهناك أكثر من 4 ملايين لاجئ مسجلون في الأمم المتحدة، وما يقرب من مليون غيرهم على الأقل يقيمون غير مسجلين في دول مجاورة. وبالنسبة للأطفال
على وجه الخصوص، كانت التكلفة مذهلة: فوفقاً لبيانات صندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف»، فإن نحو 8.4 مليون طفل ومراهق سوري -أكثر من ثلث العدد الإجمالي للسكان- هم في حاجة إلى مساعدات إنسانية، وأكثر من 2.5 مليون طفل يعيشون حالياً لاجئين، أو في حالة فرار بحثاً عن الأمان. بيد أن الأمر سيحتاج إلى أكثر بكثير من مجرد جمع التبرعات الدولية لوقف معاناتهم. ويذكر تقرير نشرته هذا الأسبوع منظمة «أنقذوا الطفولة» تفاصيل المصير المذهل والمأساوي لجيل بأكمله من الأطفال السوريين ينشأون مع صدمة ست سنوات من القصف وسفك الدماء. وقد أجرى الباحثون لقاءات مع 450 طفلاً ومراهقاً ممن لا يزالون يعيشون داخل البلاد. ووجدوا أن العديد من الأطفال السوريين يعانون «ضغوطاً سيئة» نتيجة للصراع. ووفقاً للجمعية الخيرية البريطانية، هناك 3 ملايين طفل على الأقل ما زالوا في البلاد، ولا يعرفون شيئاً سوى الحرب. ويقول علاء، وهو صبي يعيش في جنوب البلاد: «سأشعر بارتباك إذا لم أسمع أو أرَ الضربات الجوية؛ لأنها تحدث في أحيانٍ كثيرة».
وتقول «ماريكا بروفي»، مستشار الصحة النفسية من منظمة «أنقذوا الطفولة» في الشرق الأوسط: «بعد ست سنوات من الحرب، نحن الآن في مرحلة حرجة، وبعدها ربما يكون التأثير على السنوات التكوينية للأطفال وتنمية الطفولة هائلًا إلى درجة أن الضرر قد يكون دائماً ولا رجعة فيه». ويرسم التقرير الذي حمل عنوان «جروح خفية» تفاصيل تقشعر لها الأبدان عما فعله أكثر من نصف عقد من القتال لجيل من الأطفال:
- قال 80% من الأطفال والبالغين، إن الأطفال والمراهقين أصبحوا أكثر عدواناً وقال 71% إن الأطفال يعانون بشكل متزايد التبول اللاإرادي -وهو من الأعراض الشائعة للضغط السيئ واضطراب ما بعد الصدمة بين الأطفال.
- يقال إن ثلثي الأطفال قد فقدوا عزيزاً عليهم، وقصفت منازلهم أو عانوا إصابات تتعلق بالحرب.
- قال 51% من البالغين الذين تمت مقابلتهم، إن المراهقين يتجهون إلى تعاطي المخدرات ليتمكنوا من التعامل مع الضغوط.
- قال 59% من البالغين، إنهم يعرفون أطفالاً وبالغين تم تجنيدهم في جماعات مسلحة. وقال 50% تقريباً، إنهم يعرفون أطفالاً يعملون في نقاط التفتيش أو الثكنات.
- واحد من كل أربعة أطفال يعيش الآن في خطر الإصابة باضطرابات الصحة العقلية.
ووفقاً لما أورده التقرير، فإن 48% من البالغين الذين شملتهم الدراسة قالوا إنهم رأوا أطفالًا فقدوا قدرتهم على الكلام، أو لديهم إعاقة في التحدث خلال فترة الحرب. وروت زميلتي «أليزا لافلاك» على «تويتر» تفاصيل رؤيتها لهذه الظاهرة: التقيت محمد.. في معسكر للاجئين في لبنان. كان قد تعرض لصدمة في سوريا ولم يتكلم منذ مغادرته!
ووفقاً لتقديرات منظمة «أنقذوا الطفولة»، فإن هناك حالياً اثنين من الأطباء النفسيين لكل نحو مليون شخص في البلاد. ومن ناحية أخرى، تقول «اليونيسيف» إن نحو 2.6 مليون طفل سوري لا يذهبون إلى المدرسة.
* محلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»