منى سليم
لماذا انسحب عنا الإحساس بالمسئولية والشعور بالغير، لماذا نقف ننظر لهؤلاء الغرباء يأتون من كل مكان في العالم لفك الحصار عن غزة، ومن بعده ينطلق العالم لنجدة هايتي في حين تتواضع الهمة العربية والإسلامية في هذا الجانب؟ ولماذا لم يتحرك سوى النذر القليل من المصريين حين أطلقت منظمات مدنية دعوى لتكوين قوافل شعبية لنجدة منكوبي السيول في الصعيد وسيناء؟
الإجابة عن هذا السؤال كانت الشغل الشاغل لكثير من المهتمين برصد الحالة النفسية والاجتماعية التي تتحرك داخلها المجتمعات والشعوب العربية، والتي كانت حتى وقت قريب تتفاخر باختزانها درجة كبيرة من التراحم داخلها.

نوال السباعي - مدريد
‏***في مدريد حيث يعيش مالايقل عن ثلاثمئة ألف مسلم مع ستة ملايين مواطن اسباني هم سكان العاصمة الاسبانية وضواحيها ، تجد بين هؤلاء المسلمين الملتزم وغير الملتزم ، تجد بينهم المتعلم والأمي ، وتجد المثقف والجاهل ، وتجد الواعي وذلك الذي أغلقت عليه الأشياء والأمور ، تجد فيهم من هاجر منذ أربعين عاما طلبا للعلم أو الراحة بعيدا عن مجتمعات تخنق المرء في بلادنا ولاتسمح له بنمو ولاراحة ، وهم أبناء الرعيل الأول من المهاجرين لاتتجاوز أعدادهم العشرات ممن قاموا بتوطين الجاليات وبناء المراكز الثقافية والاجتماعية وشكلوا قيادات دينية أو اجتماعية لمن جاء بعدهم ، ثم تجد من أتى هذه البلاد منذ مطلع التسعينات طلبا للرزق ولبعضٍ من كرامة ، بعد أن دُمرت في بلادنا مصادر الرزق ، وفقد المواطن كرامته كإنسان ، وهؤلاء هم الأغلبية الساحقة من المهاجرين القادمين من المنطقة العربية شرقها وغربها خلال الأعوام الخمسة عشر الأخيرة ، ومعظمهم نازحون من مناطق كافرة العوز الإنساني إلى أدنى حاجات الإنسان الطبيعية،

الدستور - رنا حداد
اسمحوا لي ان أتحدث عن الفقر والفقراء ، ككل الذين تحدثوا عنهم. لم أكلف نفسي عناء البحث عنهم ، كما لم يكلف كثيرون منا أنفسهم عناء الشعور بمعاناتهم. خمس صور للفقر شدتني هذا الأسبوع الذي تميز بعطاء رباني تجلى في أمطار الخير التي هطلت علينا جميعا أغنياء وميسوري حال وفقراء.

في محطة الوقود

كانت تقف في الزاوية ترتدي ثوبا اسودا طويلا تشهد أطرافه تجوالها طويلا في الشوارع كما تشهد انه كان الكساء الرسمي لها. ما دل على ذلك أيضا بهتان لونه الذي يوحي انه رافقها منذ الأزل ولازال.

نوال السباعي - مدريد‏
***كانت مواطنة اسبانية يهودية هي أول من أبلغ وبشكل لافت للنظر عن المذبحة التي كانت تجري في البوسنة قبل خمسة عشر عاما ، تلك السيدة ذات السبعين عاما في كرسي عجلاتها وهي تضع أنبوب الأوكسجين في أنفها ، ظهرت في كافة نشرات الأخبار بطلب منها لتقول للرأي العام بأن مايجري مع المسلمين في البوسنة والهرسك هو عين ماجرى مع اليهود في أوربة قبل خمسين عاما. هذا الحدث لم يكن بالأمر البسيط الذي يمكن المرور عليه ، لأنه يعني أكثر من قضية وفي أكثر من اتجاه ، فإضافة إلى مايؤكده من سهر اليهود على قضاياهم من المهد إلى اللحد ، فهو يعني كذلك أننا لانستطيع أن ندخل كل الناس تحت نفس العباءة ، وأنه وعلى الرغم من تسنم الصهيونية العاليمة اليوم في أوربة قضية الحرب على الاسلام والمسلمين باعتبارهم القوة القادمة التي تعني في صناديق الاقتراع تغير السياسات الأوربية تجاه قضية فلسطين بالضرورة ، على الرغم من ذلك ، فإن هناك من الشرفاء ومن كل الأطراف من لايمكنه السكوت على الظلم وهضم حقوق الانسان .

لميس ضيف - البحرين

فوجئتْ، وهي تجوب ظهراً إحدى محال التوفير الشهيرة في البلاد، بعامل آسيوي ضخم يتلصص عليها وعلى ابنتيها الصغيرتين ولم تتجاوز الكبرى الخامسة من العمر. ارتعبتْ في البدء؛ ولكنها حدثت نفسها بأنها -وابنتيها- في مأمن سيما وأنهن يتوسطن قلب محل مزدحم بالحراس والموظفين والمتسوقين.. ولكنها كانت واهمة..!!
فبعد دقائق من رصد تحركاتهن عن بعد؛ غافل العامل السيدة ونقض على ابنتها ذات السنوات الخمس بهدف خدش حيائها ولمسها في مواضع العفة؛ بيد أن السيدة، رغم قصر قامتها وضعف بنيتها، زأرت فيه زئير الأسد وهجمت عليه لتحرر ابنتها.. بالطبع لاذ بالفرار ولكن السيدة التي ثارت ثورتها- لحقته وكانت ترميه بكل ما يصادفها وهي تصرخ مستنجدةً بالموظفين ‘’من جنسيات عربية’’ والمتسوقين ‘’وهم قلة من المواطنين’’.. كانت المسافة للباب طويلة ‘’لضخامة المتجر’’ ولم يتعرض أحد للمجرم ليعرقل فراره.. ورغم أن المكان قد ضجّ لدقائق ببكاء الطفلتين المرعوبتين وصراخ الأم الغاضبة إلا أن الجمع اكتفوا بالمشاهدة والتساؤل ‘’وش السالفة؟!’’ وكأن الأم تملك ثواني لتشرح لهم الواقعة..!

JoomShaper