عمر الحوراني-درعا
كعادته يذهب إلى عيادته في الفترة المسائية، لم يشاهد أي شيء لافت للانتباه، وعند فتحه باب العيادة وقع الانفجار.
كانت هذه اللحظات الأخيرة من حياة الطبيب مأمون محمد الحريري من بلدة بصر الحرير في ريف درعا الشرقي جنوبي سوريا، والذي فارق الحياة أمس الأحد إثر انفجار عبوة لاصقة أصابته إصابة مباشرة في رأسه وصدره، وكانت معدة للانفجار عند فتح الباب.


استهداف ناشطي المعارضة
ترد الأخبار من جنوبي سوريا عن حالات اغتيال متكررة، لكن هذه المرة كان وقع الخبر قاسيا على عبد المولى الحريري قريب وصديق مأمون، وقد كان رفيقا له طيلة سنوات الثورة، قبل أن يفترقا حيث هاجر عبد المولى إلى تركيا بينما بقي الدكتور مأمون في درعا.
يقول عبد المولى للجزيرة نت إن سياسة النظام منذ سيطرته على جنوبي سوريا منتصف العام الماضي هي اعتقال وتصفية ناشطي المعارضة الذين لم يغادروا بلداتهم بعد عملية التسوية، مشيرا إلى أن النظام قتل ثلاثة من الناشطين البارزين في بلدته.
وفي حديثه عن الطبيب مأمون، قال إنه كان يعاين المرضى بشكل شبه مجاني، وهو يملك مكانة اجتماعية تضاف إلى عمله الإنساني خلال سنوات الثورة، حيث ارتضى العيش بعيدا عن عائلته المؤلفة من زوجته وأبنائه الستة، ليعمل طبيبا مسعفا في معظم المناطق الجنوبية التي كانت تتعرض لقصف النظام.
وكان مأمون قد فقد شقيقه حسن الذي كان طبيبا أيضا، حيث قتل وكل عائلته في قصف لقوات النظام، وفقا للحريري الذي أضاف أن مأمون لم يغير موقفه تجاه النظام حتى بعد سيطرته على بلدته، الأمر الذي دفع النظام للتخلص منه.
حالات متكررة
منذ إجراء عملية التسوية في جنوبي سوريا في يوليو/تموز الماضي، أحصى "مكتب توثيق الشهداء" في درعا 331 عملية اغتيال قتل خلالها 198 شخصا في عموم محافظة درعا، منهم إبراهيم الجهماني في درعا البلد، الذي كان شاهدا على قتل أيقونة الثورة السورية الطفل حمزة الخطيب.
وقال عمه أيمن الجهماني في حديث للجزيرة نت إنه في بداية الثورة السورية تم اعتقال إبراهيم -حاله كحال أغلب شباب منطقة درعا البلد- من قبل المخابرات الجوية في درعا، وبعدها تم إيداعه لدى فرع التحقيق التابع للمخابرات الجوية ومقره السومرية بدمشق.
وشاءت الصدف أن يتم اعتقال وإحضار الطفلين حمزة الخطيب وثامر الشرعي إلى الفرع نفسه، وفيه شهد إبراهيم على تعذيب الطفلين على مدى 45 يوما ومن ثم قتلهما، فقد كان في الغرفة الأقرب إلى غرفة الطفلين.
بعدما أطلق سراحه وأثناء فترة علاجه في الأردن، أدلى إبراهيم بشهادته عن تعذيب الخطيب والشرعي لوسائل الإعلام، لتبدأ الفروع الأمنية ملاحقته بهدف اعتقاله مجددًا.
وسبق أن تعرض إبراهيم لمحاولة اغتيال قتل على إثرها شقيقه الأكبر إياس. كما أقدم النظام على اعتقال والدته وشقيقتيه آيات وريتا بداية أغسطس/آب 2013، ولكن لم يستمر الاعتقال طويلا، إذ في الشهر نفسه تم إعدام الوالدة وبناتها.
ويضيف الجهماني أنه في صبيحة يوم الجمعة 3 يناير/كانون الثاني الجاري، استيقظ إبراهيم كعادته وبنفس حماسته، ولكنه لم يكن يعلم أن هذا سيكون استيقاظه الأخير.
ارتدى ملابسه وغادر منزله متجها إلى المسجد، وما هي إلا دقائق وإذا بدراجة نارية عليها شخصان، تقف قريبا منه، وأشهر أحدهما سلاحه الرشاش مطلقا 15 طلقة استقرت في جسد إبراهيم لتعلن وفاته.
ويشير الجهماني إلى أن الأجهزة الأمنية التابعة للنظام وعبر من أسماهم مرتزقتها الذين جندتهم من أبناء البلد، هم من قتلوا الشاهد المهم في القضية.

JoomShaper