ندوة تناقش اسباب تراجع التسامح في المجتمع المصري ونمو ظاهرة العنف بين فئاته ودور المرأة في التصدي للعنف واتهامات للنساء في الدعوة للتطرف الديني
القاهرة ـ 'القدس العربي ـ من محمد نصر كروم: عقد المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية ندوة عن 'المرأة وتحدي التطرف والإرهاب' حضره عدد من القيادات النسائية والخبراء.
وأكد اللواء أحمد فخر رئيس المركز على أنه في الفترة القصيرة الماضية تراجعت قيم التسامح والاعتدال في المجتمع المصري.


وأشار إلى دراسة قام بها المركز القومي للبحوث كشفت عن أن ثلاثين في المائة من طلاب المدارس مارسوا أشد أنواع العنف في صوره المختلفة ولم يعد ذلك حالات فردية، بل صار سلوكا معتادا لدى الكثير من الفئات.
وأكد أن دراسات تقييم الإعلام التليفزيوني تشير إلى تأثير مشاهد العنف والعدوان والخروج على القانون على الصغار الذين يتوحدون مع نموذج البطل الذي يمارس العنف ويحاولون تقليده، وأن الآباء والأمهات لا يتدخلون في تحديد أوقات المشاهدة ولا اختيار نوعية ما يشاهده أبناؤهم نتيجة ثورة الإعلام التكنولوجي، ونبه على أهمية دور المرأة سواء كانت الزوجة أو الأم أو المدرسة أو زميلة الدراسة والعمل على تصحيح فكر وقيم الأطفال والشباب. وقالت الدكتورة نورهان الشيخ رئيس وحدة التدريب المتقدم والتعاون البحثي بالمركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية 'إن تراجع قيم التسامح والاعتدال في المجتمع المصري، في مواجهة تنامي ظواهر التطرف الفكري والديني والسلوكي، وشيوع العنف بدرجاته وصوره الاجتماعية والسياسية، جعل مصر من الدول التي تعاني ظاهرة الإرهاب ذات التداعيات المدمرة اجتماعيا وسياسيا.
وأكدت أن مصر تعد واحدة من الدول التي عانت بشدة من تصاعد الأنشطة الإرهابية مبكرا لا سيما منذ مطلع الثمانينات حيث مثلت حادثة اغتيال الرئيس السادات عام 1981 هزة عنيفة ونقطة تحول لظاهرة العنف السياسي في مصر أثرت دون شك على مسار الاقتصاد والتنمية فيها.
ومنذ ذلك الوقت سعت مصر إلى وضع استراتيجية فعالة لمقاومة التطرف والإرهاب تنطلق من منظور شامل لتعامل مع الظاهرة من مختلف أبعادها سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية دينية، مع التركيز على التعامل الأمني للإجهاض المبكر لأي أنشطة أو تحركات إرهابية.
وأشارت الدكتورة نورهان الشيخ إلى 'أن للمرأة دورا بالغ الخطورة والحيوية في تشكيل الثقافة المجتمعية لا سيما في أوساط الشباب، ومواجهة الظواهر السلبية المختلفة في المجتمع، لأن المرأة هي الأم والزوجة والمعلمة في المدرسة والاخت وزميلة الدراسة والعمل، ومن ثم فقدرتها على التأثير من خلال الأسرة والمدرسة والحياة العامة لا حدود لها'.
وقالت فريدة النقاش الكاتبة الصحافية ورئيسة ملتقى الهيئات لتنمية المرأة
'انه رغم شيوع العنف بدرجاته وصوره الاجتماعية والسياسية، إلا أنه ظهرت ايضا وشاعت أنواع من الجرائم الوحشية الغريبة على المجتمع المصري، مثل قتل الأم والأبناء والاغتصاب واستقواء الأغنياء على الفقراء فضلا عن عدم احترام القانون والنظام بل والتلاعب بهما، وتفاقم شعور المواطنين بالغضب نتيجة لهذه الممارسات المتزايدة التي تدعو كل مواطن للبحث عن حل خاص لمشكلته.
وأشارت فريدة الى انتشار الأمن الخاص أو ما يسمى بمؤسسات 'الكير سيرفيس' التي تحمي كبار الأغنياء وتوفر لهم الأمن وتستفز المجتمع.
وأكدت على أنه 'لن نستطيع أن نعالج ونوظف دور المرأة في مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب دون أن نتطرق للإطار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي العام وهو الإطار الذي ينخلق منه الوضع الراهن وتتفاقم ظواهره السلبية بسببه.
وأشارت الى ان مصر شهدت في العقود الثلاثة الماضية تفاوتا كبيرا بين الطبقات يتفاقم يوما بعد يوم، وكلما تدهور مستوى المعيشة دفعت النساء ثمنا مضاعفا من الجهد والصحة والنتيجة الطبيعية لذلك هي تراجع اهتمام النساء بالشأن العام وتضيق قاعدة هذا الاهتمام لينحصر في إطار الطبقة الوسطى والفئات الميسورة وتنعزل نساء الطبقات الشعبية اللاتي لا يقل عددهن عن ثمانية ملايين امرأة.
وقالت انه رغم الهامش المحدود للحريات العامة مازالت هناك قيود كبيرة على الحريات الديمقراطية خاصة حرية الصحافة وتشكيل الأحزاب والجمعيات وحالة الطوارئ مفروضة بصفة دائمة على البلاد منذ ثلاثين عاما ورغم قولهم ان تمديدها لن يمس الحياة السياسية وأنه سيقتصر على المخدرات والإرهاب، إلا أنه تزايدت في الشهور الأخيرة الممارسات السلطوية المعادية للحريات التي طالت النشطاء السياسيين.
وقالت انه قد زاد مؤخرا الطابع التجاري الاستهلاكي للثقافة في مصر مما جعلها ثقافة فقيرة تنتج وعياً سطحياً يسهل التأثير عليه من قبل الثقافة الوهابية الوافدة التي تتخذ موقفا معاديا من المرأة والحضارة الحديثة وتدعو للانغلاق وتؤثر بشكل واسع على وعي النساء، والتي تعتبر المرأة كائنا أدني لابد من محاصرته وفرض الوصاية عليه.
وأخطر نتائج ذلك، هي تشوه وعي المرأة ونظرتها لنفسها، وانتشر النقاب الذي اعتبره شكلا من أشكال القهر الطوعي للذات وظهر دور جديد للنساء كداعيات للتطرف والإيمان الشكلي، وانتشر لديهن التكفير والاستبعاد وتضييق آفاق العلاقة بين الديانات الإبراهيمية وقطع الطريق على عمليات تجديد الفكر الديني وانتشرت ظاهرة الافتاء على الهواء.
ونجد أنفسنا في سياق موضعنا هذا امام إشكالية مركبة ونحن نبتغي إسناد أدوار للنساء في مواجهة التطرف والإرهاب وثقافة القمع والاستعباد فيما تنخرط قيم واجهة التطرف والإرهاب وثقافة القمع والاستعباد فيما تنخرط قطاعات متزايدة من النساء في اتباع هذه الثقافة بنفسها وتروجها فتزداد المهمة تعقيدا. ودعت فريدة المنظمات النسائية والديمقراطية لتنظيم حملات طويلة المدى تستهدف تنمية الوعي الديني لدى جمهورها وبخاصة من النساء على أساس من مراجعة نقدية لتراث الثقافة العربية الإسلامية لإبراز ما هو عقلاني فيها وتشكيل مجموعة عمل للتخطيط وإطلاق الحملة لتضم باحثين مجددين نساء ورجالا.
وطالبت الإعلام الحكومي بعمل مسح شامل لبرامجه سواء الدينية أو الموجهة للنساء لتتيح خطابا يحض على التسامح واحترام الآخر ويبرز قيم العدل والمساواة ويقدم للمجتمع النماذج الايجابية من النساء اللاتي يكافحن افكار التطرف وينشئن أبناءهن على القيم الإنسانية العليا.

JoomShaper