المصدر:    owjn.org
ترجمة: إيمان سعيد القحطاني
اتفاقية السيداو من الاتفاقيات العالمية التي قامت عليها الأمم المتحدة، وتدعي هذه الاتفاقية أنها تسعى لإنصاف المرأة ورفض التمييز ضدها، خاصة في ظل دعم الأديان والثقافات لهذا التمييز بحسب زعم الاتفاقية.  وتدعو بنود الاتفاقية إلى المساواة التامة بين الرجل والمرأة بحيث لا يفرق بينهما في أي شيء.
وغني عن البيان أن الإسلام لا يميز ضد المرأة ولا ضد الرجل، ولكنه لا يعتبرهما شيئاً واحداً لاختلافهما الخلقي والبدني، والشريعة فضلت المرأة على الرجل في أشياء، وفضلت الرجل عليها في أشياء، وقد ورد إجماع العلماء على تقديم بر الأم على بر الأب، وفُضلت المرأة في التسامح معها في بعض الأحكام كلبس الذهب والحرير وغيره، وغالب الأحكام يتساوى فيها الرجال والنساء.
لذلك يجب علينا أن نتصدى لمثل هذه الاتفاقيات والوثائق التي تتصادم مع ديننا وخصوصيتنا الاجتماعية والثقافية، لكن لكي نتصدى لها لابد من الإلمام بها وبآلياتها وبخلفيتها، وهذا ما سنحاول توضيحه من خلال ترجمة أحد المقالات المنشورة في موقع (OWJN) وهو من المواقع النسوية المهتمة بالدعم القانوني لحقوق المرأة، والدعوة لتطبيق اتفاقية السيداو وغيرها من الاتفاقيات الدولية ، فيما يلي نص الترجمة:

"تسلط هذه المقالة الضوء على تاريخ اتفاقية السيداو والبروتوكول الاختياري لها بخصوص القضاء على كل أشكال العنصرية ضد النساء (البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية السيداو).

لماذا تعتبر هذه الاتفاقية هامة؟

خرجت هذه الاتفاقية للنور بعد الاعتراف واسع النطاق بأن الاتفاقيات العالمية التي قامت بها منظمات حقوق الإنسان لم تكن كافية في توجهها لانتهاكات حقوق المرأة والظلم المنهجي الذي تواجهه. وقد تمت مناقشة فكرة القيام بمعاهدة حقوق المرأة في بداية الأمر في المؤتمر العالمي الأول للمرأة المقام في مكسيكو سيتي عام 1975، وبعد عدة سنوات من صياغة البنود والمناقشات قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتبني فكرة اتفاقية السيداو في 18 ديسمبر 1979. وفي مارس 2005 قامت 180 دولة بالتوقيع على هذه الاتفاقية.

كانت السيداو وثيقة "ثورية" لأنها تهتم بالتمييز الحاصل في العالم الخاص (مثل: البيت والأسرة) والعالم الخارجي (مثل العمل الحكومي). وتدرك اتفاقية السيداو الدور الذي قد يلعبه كل من الدين والثقافة في تحديد حقوق المرأة وتقييدها.

إن الهدف من السيداو يتمحور في التركيز على أنواع التمييز العنصري الذي تواجهه المرأة ومساعدتها على القضاء عليه، وهو ما يؤثر على تقييدها من المشاركة في الحياة العامة حالها حال الرجل.

وبالرغم من هذه الشروط المتواكبة فلا تحمل اتفاقية السيداو نفس القوة كالمعاهدات العالمية الأخرى: "بشكل عام أصبحت الاتفاقيات الخاصة بالمرأة خاضعة لتطبيقات ضعيفة المهام والإجراءات، كما أنه تم منح هيئاتها الرقابية صلاحيات وموارد أقل من غيرها، وتخضع التحفظات حول هذه الاتفاقيات إلى قيود تخص المحافظة على الالتزامات المطلوب إجراءها بحزم ودقة. ويعد التزام كل دولة من الدول الأعضاء بتسليم تقرير عن حقوق المرأة لديهم أحد نقاط القوة لاتفاقية السيداو- ويمكن القول إنها أحد إنجازاتها العظيمة-".

ما آليات تطبيق اتفاقية السيداو؟

تقوم أول آلية على الشرط الذي ينص على أن يتم البت في كل الخلافات المرتبطة بنقل وترجمة مفاهيم السيداو لأي جهة أخرى. فإذا لم تتوافر الحلول، فيجب إرسال هذه الخلافات إلى محكمة العدل الدولية. ومشكلة هذه الآلية وجود دافع صغير لأي دولة ترغب برفع دعوى ضد دولة أخرى. وغالبا ما تسعى كل دولة إلى حماية السلطات العليا للدول الأخرى؛ لأنها ترغب أن تقوم هذه الدول بالأمر نفسه تجاهها. وتعتبر إمكانية الدول الأعضاء في الاتفاقية بالتحفظ بهدف تجنب الالتزام بالإجابة على دعاوى قضائية مرتبطة بدول مختلفة.

وأما الآلية الثانية فهي تقرير الدول الأعضاء، فعلى كل دولة موقعة على اتفاقية السيداو تسليم تقرير مبدئي خلال السنة الأولى من التصديق على الاتفاقية، بالإضافة إلى تقارير أخرى يجب تسليمها كل 4 سنوات. ويرتبط الهدف من ذلك بقياس التطورات التي قامت بها الحكومات بإدخال بنود الاتفاقية في القانون المحلي للدول الأعضاء إلى جانب التعرف على المشاكل هناك. وتقوم هيئة القضاء على أنواع التمييز العنصري ضد المرأة بمراجعة هذه التقارير. وتتكون الهيئة من 23 من الخبراء الذين قامت الدول الأعضاء في الاتفاقية بترشيحهم واختيارهم. كما تقوم الهيئة بإصدار التوصيات العامة ولكنها لا تملك الصلاحية لإصدار العقوبات.

ما الانتقادات الموجهة إلى اتفاقية السيداو؟

لن يستغرب البعض إذا عرف أن الإجراءات المطلوبة لم يتم تطبقها في الدول الأعضاء حتى الآن، إلى جانب عدم تهيئة السلطات المسؤولة وفقا لهيئة اتفاقية السيداو وهو أكبر انتقاد موجهه للاتفاقية. وهناك انتقاد آخر يخص التقارير حيث تقوم الدول الأعضاء بعمل تقارير غير دقيقة ومتأخرة بشكل روتيني. وهناك من يقول إن المرأة ستبقى في آخر قائمة الأولويات طالما لم يكن هناك رغبة سياسية دولية أكبر. بالإضافة إلى ذلك لن يكون هناك تطور ملحوظ طالما استمرت الهيئة في المراقبة وعمل توصيات غير إلزامية. وتعتبر هذه الهيئة ذات سلطة أقل من أي هيئة أخرى لأي معاهدة، كما تعد السيداو أحد الاتفاقيات تتضمن عدد كبير من التحفظات.

بالرغم من الانتقادات الموجهة إلى السيداو فمن الواضح أن دور هذه الاتفاقية سيبقى دورا هاما في تسهيل الحوار بين الدول وتبني التغيير المنشود في القوانين المحلية".

JoomShaper