دمشق-سانا: أطلقت هيئة تخطيط الدولة بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان اليوم تقرير حالة سكان العالم للعام 2009 الذي أعده الصندوق تحت عنوان في مواجهة عالم متغير.. المرأة والسكان والمناخ.
وقال الدكتور عامر حسني لطفي رئيس هيئة تخطيط الدولة إن التغيرات الديموغرافية هي الأكثر تنوعاً وتعقيداً وتراكماً عبر الزمن إذ تنطوي على نتائج متشعبة عديدة اقتصادية واجتماعية وبيئية تزداد تعقيداً مع تنوع وازدياد الحاجات الإنسانية في ضوء محدودية الموارد وعدم الكفاءة في استخدامها موضحاً أهمية تناول هذه العلاقة من منظور التنمية المستدامة.
ونوه لطفي باهتمام الحكومة بقضايا السكان وتمكين المرأة والبيئة وبما تحقق من تقدم في هذا المجال مشيراً إلى أن المؤشرات الديموغرافية تدل على أن سورية تمر بمرحلة التحول الديموغرافي وهي المرحلة التي مرت بها معظم البلدان المتقدمة في بداية مراحل النمو والتي تتميز بحدوث انخفاض في معدل النمو السكاني.
وأشار إلى أن الخطة الخمسية الحادية عشرة التي يتم إعدادها حالياً تأخذ بالاعتبار علاقة السكان بالتنمية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية باعتبار النمو السكاني هو أحد أهم التحديات التي يجب العمل عليها.
وأكد رئيس الهيئة أهمية إطلاق هذا التقرير لتذكير المجتمع الدولي بأن تغير المناخ أكثر من مجرد قضية تتعلق بكفاءة الطاقة أو انبعاثات الكربون وإنما هي قضية تتعلق بالبشر وسلوكهم الاستهلاكي وحقوقهم وفرصهم وتذكير للدول المتقدمة بوعودها تخصيص70 بالمئة من نواتج بلدانهم المحلية لتحقيق أهداف الألفية وخاصة الاستدامة البيئية.
وأوضح اسماعيل ولد الشيخ أحمد المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في سورية أن هذا التقرير يوفر آفاقاً جديدة لنقل المناقشة حول تغير المناخ من الطابع الفني والتقني حول الانبعاثات الكربونية للدول إلى تأثيره على أرض الواقع لافتاً إلى أن سرعة النمو السكاني والتصنيع أدت إلى زيادة سريعة في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتضرر الفقراء من الآثار الناجمة عنها.
وقال ولد الشيخ أحمد إن النساء هن من أشد الفئات تأثراً بتغير المناخ في البلدان النامية لأنهن يشكلن النصيب الأكبر من القوى العاملة الزراعية حيث يقمن على تدبير أمور الأسر المعيشية ورعاية أفرادها ما يحد من قدرتهن على التنقل ومضاعفة تعرضهن للكوارث الطبيعية المتصلة بالأحوال الجوية مشيراً إلى أن هذه الحلقة المفرغة من الحرمان والفقر وعدم المساواة من شأنها أن تقوض رأس المال الاجتماعي اللازم للتصدي لتغير المناخ على نحو فعال.
ورأى المنسق المقيم أن تغير المناخ ينطوي على مخاطر حصول انتكاسات من شأنها عكس مسار المكاسب التنموية التي جرى تحقيقها في الكثير من الدول على مدى العقود الماضية في سبيل تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية مؤكدا ضرورة التصدي لهذه القضية لانها لا تحتمل الانتظار واتخاذ نهج اعم ازاءها يضع في الاعتبار العوامل المتعلقة بالنوع الاجتماعي والسكان وتضافر جهود حكومات العالم والمجتمع الأهلي والمنظمات الدولية والإقليمية ووكالات الأمم المتحدة للاسهام في رفع الوعي ووضع السياسات والتدابير والبرامج الضرورية اللازمة لمكافحة الانعكاسات الخطيرة الناجمة عن تغير المناخ.
وعرض عمر بلان الممثل المساعد لصندوق الأمم المتحدة للسكان النقاط الأساسية في تقرير حالة سكان العالم لعام 2009 والتي تشتمل على عناصر تغير المناخ واثره على مكاسب التنمية والهجرة وآلية تخفيف أثره والعبء المجحف الذي تتحمله المرأة والصحة الإنجابية والتحكم في تغير المناخ.
وجاء في التقرير أن تنظيم الأسرة والرعاية الصحية الإنجابية والعلاقات بين الجنسين أمور يمكن أن تؤثر في مستقبل المسار الذي سيتخذه تغير المناخ وعلى كيفية تأقلم البشر مع أمور مثل ارتفاع مستوى سطح البحر وتفاقم الاعاصير وازدياد حدة حالة الجفاف مشيراً إلى احتمال تكلل الاتفاقيات الدولية والسياسات الوطنية المتعلقة بتغير المناخ بالنجاح اذا ما اخذت بالاعتبار الديناميات السكانية.
وتوصل التقرير إلى أن تخفيض وتيرة النمو السكاني على سبيل المثال من شأنه تعزيز قدرة الصمود الاجتماعي في مواجهة آثار تغير المناخ والإسهام في الحد من انبعاثات غازات الدفيئة في المستقبل وإلى ضرورة أن تأخذ هذه القضية بالاعتبار حين مناقشتها جميع جوانب المشكلة من حيث أبعادها الإنسانية والمتعلقة بالنوع الاجتماعي.
وأشار إلى أنه من شأن أي معاهدة ستنبثق عن مؤتمر عام 2009 للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بالتغير المناخي مساعدة الناس على التكيف مع التغير وتسخير طاقات النساء والرجال من أجل عكس مسار الاتجاه نحو ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض وستكون بمثابة استراتيجية عالمية أصيلة وفعالة لمعالجة مسألة تغير المناخ في الأجل الطويل.
وأوضح التقرير أن درجة حرارة سطح الأرض ارتفعت بمعدل 74ر0 درجة مئوية على مدى المئة سنة الماضية وهي كافية لتعطيل الكثير من النظم الايكولوجية لكوكب الأرض والتسبب في مخاطر هائلة أمام رفاهية البشر والأهم أن استمرار الارتفاع بالمعدلات الحالية أو تسارع الوتيرة قد يرفع درجة حرارة الأرض بمعدل يتراوح بين 4-6 درجات بحلول عام 2100 ما ينطوي عليه اثار وخيمة على البيئة والمستوطنات البشرية والاقتصادات والناس كافة.
وجاء في التقرير أن تغير المناخ يهدد بتفاقم حدة الفقر وارتفاع مستويات البحار ويهدد الصحة وزيادة معدلات انتشار الأمراض التي تسببها ناقلات الجراثيم كما يسهم في ازدياد حدة التحركات السكانية على نطاق كبير والهجرة من الريف الى المدن ويهدد في الوقت ذاته بتعريض حياة الناس للخطر وتقويض سبل معيشتهم وتفاقم الفجوات بين الاغنياء والفقراء وزيادة الفوارق بين النساء والرجال ولاسيما في البلدان الفقيرة مؤكداً ضرورة أن تتنبأ الحكومات بالضغوط التي يمكن لتغير المناخ ان يضيفها إلى المهمة العصيبة المتعلقة بالنهوض بالتنمية وضمان الحصول على خدمات الرعاية الصحية وتمكين المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين.
ودعا التقرير الى التكيف مع المتغيرات والصمود في مواجهتها انطلاقاً من حياة الناس الذين يخضعون انفسهم لعملية التكيف هذه ولخبرتهم وحكمتهم في الاضطلاع بها.
وقدم رفعت حجازي مدير إدارة التنمية البشرية في هيئة تخطيط الدولة عرضاً حول السكان والتنمية والصحة الانجابية وتغير المناخ في سورية تطرق فيه إلى المحددات السكانية والهرم السكاني ومعدلات الخصوبة الكلية والزواجية والوفيات وتطور معدل وفيات الأطفال دون الخامسة ووفيات الامهات والهجرة والتوزع السكاني والتمكين الاجتماعي والاقتصادي للمرأة وحصة النساء من الوظائف المدفوعة الاجر في القطاع غير الزراعي.
وأوضح أن التغيرات المناخية في سورية التي تمثلت في الجفاف وانخفاض معدلات الهطول المطري في معظم المناطق وخاصة الشمالية الشرقية وارتفاع درجات الحرارة والعواصف الغبارية وتلوث الهواء اثرت على النظم الزراعية وتربية الحيوان وانخفاض الانتاج.
وعرضت خمينة أحمد من صندوق الأمم المتحدة للسكان مديرة مشروع حفاظاً على موارد سورية ملحق تقرير حالة السكان المتعلق بالشباب تضمن دور الشباب في مواجهة الجفاف والتكنولوجيا الجديدة والحلول المطروحة امامهم بالاضافة الى لمحات من آراء وتجارب وتصورات بعض الشباب في عدد من دول العالم لمواجهة تغيرات المناخ وحماية الانسان الذين اجمعوا على اهمية استفادة الشباب من التقدم المحرز فيما يتصل باتباع اساليب للمعيشة تكون أكثر مواتاة للمناخ في إطار من مساندة تقدم التكنولوجيا.
وجرى نقاش مستفيض بين المشاركين حول الآليات المطروحة لمواجهة التغيرات المناخية.
حضر إطلاق التقرير الدكتورة أنصاف حمد رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة والإدارات الفنية في الهيئة والصندوق.
إطلاق تقرير حالة سكان العالم للعام 2009 (في مواجهة عالم متغير.. المرأة والسكان والمناخ)
- التفاصيل