قالت: «الحلول والمفاوضات السياسية تأخذ وقتا لا يمكن لأطفال القدس انتظاره»
الملكة رانيا العبد الله خلال إطلاق مبادرة «مدرستي فلسطين»، في كلمة ألقتها بحفل أقيم في مركز الحسين بعمان أمس (أ.ب)
عمان: محمد الدعمة
أعلنت الملكة الأردنية رانيا العبد الله أمس الأحد عن إطلاق مبادرة «مدرستي فلسطين»، لضمان إدماج الأطفال خارج المدارس بالعملية التعليمية وتحسين نوعية البيئة التعليمية في مجموعة من مدارس القدس الشرقية.
وقالت في كلمة ألقتها في حفل أقيم في مركز الحسين بعمان: «نطلق (مدرستي فلسطين) من الأردن؛ لما لبلدنا من دور تاريخي في الحفاظ على عروبة القدس، وحماية مقدساتها الدينية. لكن القدس مسؤولية كل عربي».
وتحدثت الملكة رانيا العبد الله عن الدور الذي ستقوم به مبادرة «مدرستي فلسطين» قائلة: «سنعمل، ومن خلال وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية، على إدخال برامج (مدرستي) إلى المدارس التابعة للأوقاف الأردنية في القدس، فقد أثبتت (مدرستي) نجاحا ملموسا هنا في الأردن. سنصلح البنية التحتية للمدارس، ونحاول ضم مبان متوفرة للمدارس الموجودة، ونوسعها.. ونمكن الطاقم التعليمي بمتطلبات التعليم النوعي الحديث».
وأكدت: «سنرفع مستوى خريجي المدارس العربية، لتبقى هويتهم صامدة بهم، ويبقوا صامدين بكرامة في وجه الاستيطان».
واستعرضت الملكة رانيا العبد الله الأوضاع في القدس قائلة: «القدس اليوم كما بالأمس، تتصدر عناوين الأخبار وجداول أعمال القمم... فالوضع بالنسبة إلى المقدسيين يزداد سوءا، ظاهره وباطنه.. مما تحمله الأخبار عن الاستيطان، وتضييق الخناق، والترحيل، والحرمان من الحقوق الأساسية، إلى ما تؤكده الإحصائيات من تراجع نسبة الإنفاق على التعليم، وتضاؤل المعونات الخارجية وزيادة نسب البطالة».
وأشارت إلى الأوضاع الإنسانية في القدس بقولها: «تخيل أن تحتل أرضك مستوطنة! تستولي على بيتك وحريتك... تحدد مستقبلك بخطوط ملتوية! تقطّع الأراضي أنصافا وأرباعا، تعيق كل حركة، وتقف بين الطالب والمدرسة، بين اللقمة وأفواه أبنائك. خطوط كَتبت في الدروس تاريخا لا عروبة فيه، لتحاول تنشئة جيل يائس، هويته لا تقوى على حمله الثقيل، حمله الشخصي والفلسطيني والعربي».
وقالت: «الحلول والمفاوضات السياسية تأخذ وقتا لا يمكن لأطفال القدس انتظاره. فبينما تدور حروب المفاوضات على طاولات السياسة، تدور رحى الاحتلال لطحن الهوية المقدسية وتهويدها».
وأشارت إلى التفاوت الكبير بين القدس الشرقية والغربية من حيث وضع التعليم، قائلة: «الإنفاق على التعليم في إسرائيل هو أضعاف الإنفاق على التعليم في القدس الشرقية. وتتاح لأطفال إسرائيل أحدث أساليب التعليم في أكثر المدارس تطورا. خمسون في المائة فقط من أطفال القدس مقدر لهم أن يكملوا تعليمهم. ومن استجاب الله لدعواتهم وصلوات والديهم فحظوا بمقعد دراسي.. يدرسون في مدارس ضيقة، مخنوقة، وصفوف شحيحة إمكانياتها». ودعت الملكة رانيا العبد الله الجميع لدعم مدارس القدس قائلة: «لأجل هوية القدس الفلسطينية العربية وأطفال القدس ومستقبلها وأملنا، معكم سنعمل من اليوم دون كلل».
من جانبه أعرب رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض عن تقديره العميق لهذه المبادرة الخيرة التي تأتي بعد تجربة غنية لهذه التجربة الرائدة والريادية، مبادرة «مدرستي الأردن»، وبما حققت هذه المبادرة من نجاح ولم تأتِ من فراغ وإنما جاءت نتيجة لما تم وضعه في البداية بالتركيز على العملية التربوية بمكوناتها من هيئة تعليمية وإدارية وطلبة وأهالٍ ومؤسسات مجتمع مدني وشراكة من القطاع الخاص».
وقال: «إننا نشعر بثقة بأن العمل بهذه المبادرة في فلسطين سيسهم في استكمال البنيان المؤسسي وتحسين الواقع التعليمي في القدس». وأضاف: «إن التركيز على القدس يحمل الكثير من المعاني التي تعكس بشكل صادق موقف الأردن الداعم للقضية الفلسطينية، حيث تعمل هذه المبادرة على تحسين الواقع التعليمي في القدس، خصوصا بعد أن أصيب هذا الوضع بضعف ووهن جراء المشروع الاستيطاني».
وقد تم عرض فيلم قصير بصوت الملكة رانيا العبد الله يظهر صورا لمجموعة من المدارس التي ستشملها «مدرستي فلسطين»، حيث روت قصة معاناة الطلبة والطالبات ومجموعة تحديات تواجهها مدارس القدس الشرقية.
وكانت الملكة رانيا العبد الله أطلقت «مدرستي الأردن» في أبريل (نيسان) عام 2008 بهدف تحسين البيئة التعليمية في 500 مدرسة حكومية في أمسّ الحاجة إلى الإصلاح. وستعمل «مدرستي فلسطين» ضمن النهج ذاته الذي تعمل به «مدرستي الأردن»، من ناحية إجراء أعمال الصيانة لعدد من مدارس القدس الشرقية التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية، حيث سيتم تحديد مجموعة الاحتياجات الأساسية لتلك المدارس، وبناء على تلك الاحتياجات سيتم العمل على صيانة وتحديث تلك المدارس لضمان بيئة تعليمية تفاعلية، مريحة وآمنة.
كما سيتم تطبيق مجموعة من البرامج التعليمية والتوعوية التي تهدف إلى تطوير نوعية العملية التعليمية للمعلمين والطلاب، وتزويد الطلبة بالمهارات والمعارف من خلال تطبيق مجموعة من البرامج التعليمية التي تعتمد على احتياجاتهم. ومن بين البرامج التي سيتم تطبيقها: برنامج المدارس الآمنة، وبرنامج المدارس الصحية، وبرنامج التكنولوجيا والابتكار، وبرنامج تدريب المعلمين.
ويأتي إطلاق الملكة رانيا العبد الله لمبادرة «مدرستي فلسطين» لما تعانيه العملية التعليمية في فلسطين من تحديات نتيجة مجموعة من العوامل، منها ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، والضغوطات التي يمارسها الجانب الإسرائيلي، والحواجز التي يضطر آلاف الأطفال إلى قطعها يوميا للوصول إلى مدارسهم.
وتصل نسبة الطلاب الفلسطينيين الذكور الذين يبدأون التعلم ولا يكملونه إلى أكثر من 50%. واليوم، هناك 100 ألف طفل وطفلة إضافيين - عما كان عليه العدد قبل عشر سنوات - خارج المدارس.
الشرق الأوسط