مفكرة الإسلام: قام عدد من المهتمين بالشأن العراقي في بريطانيا، منذ أيام، بعد اتصالهم بعدد من الأطباء في الفلوجة، بتوثيق ازدياد حالات الإصابات بالتشوه بين الأطفال وولادة الأجنة المشوهة.
وكتب الأطباء من بريطانيا رسالة إلى الدكتور علي عبد السلام التريكي، رئيس الدورة السادسة والأربعين للهيئة العامة للأمم المتحدة؛ جاء فيها أن نساء الفلوجة بتن يتجنبن الحمل والإنجاب، خلافًا لكل النساء في العالم، اللواتي يتطلعن شوقًا إلى اليوم الذي يصبحن فيه أمهات، خشية إنجاب أطفال مشوهين.
وتدل الأرقام والإحصائيات المذكورة في الرسالة بأن مخاوف نساء الفلوجة ليست وهمية بل تستند إلى واقع مرعب بكل المقاييس.
تشوهات مروعة:
وازداد عدد الأطفال الذين يولدون بتشوهات خلقية مروعة إما بلا رأس أو عين واحدة في وسط الجبهة، أو بشرة مصدّفة أو أعضاء مفقودة كلياً، كما ازدادت حالات السرطان المختلفة وبالتحديد اللوكيميا بين الأطفال.
وقد تم توثيق هذه التشوهات في برنامجين قدمتهما شبكة 'سكاى نيوز' التلفزيونية البريطانية في يونيو 2008 وفي الأول من سبتمبر الماضي.
وتشير الرسالة إلى أن 'من بين 170 حالة ولادة حديثة في مستشفى الفلوجة، 24% من الأطفال توفوا خلال سبعة أيام و75% منهم كانوا مشوهين خلقيًا، وبمقارنة هذه الأرقام مع سجلات شهر أغسطس 2002 تبين بأنه من 530 ولادة توفى ستة أطفال فقط في الأسبوع الأول مع وجود حالة تشوه واحدة'.
وأوضحت 'سكاى نيوز' أن تحقيقًا صحافيًا أجرته قبل خمسة عشر شهرًا أظهر تزايد عدد الأطفال الذين يُولدون مشوهين فى الفلوجة، مضيفةً أنها قامت بإعداد ملف عن حالات الأطفال المشوّهين الذين ولدوا فى المدينة خلال الأشهر الثمانية الماضية. وأن هناك تنوعًا فى حالات التشوه عند الأطفال، وأن إصابات الأطفال شملت مشكلات عديدة، من بينها تشوهات فى البطن وتشوهات فى الوجه تسببت فى وفاة الكثير منهم قبل بلوغهم سن الخامسة من العمر.
شاهد عيان أمريكي:
ونقل التقرير شهادة أحد جنود فرقة المشاة الأمريكية الأولى، الذى شارك فى هجوم الفلوجة، قائلا: 'أعرف أن الفوسفور الأبيض قد استخدم بالفعل'. وأنه شاهد 'جثثًا محترقة، وأطفالاً محترقين ونساء محترقات.. الفوسفور الأبيض يقتل بلا تمييز'.
وجاء في الرسالة التي وقعها الجراح البريطاني المعروف دافيد هالبن والمهندسة الكيمياوية العراقية ملاك حمدان والطبيب المختص كريس بيرنز كوكس والدكتور هيثم الشيباني المختص بعلوم البيئة والمعماري نيكولاس وود والدكتورة نوال السامرائي، وزيرة الدولة لشؤون المرأة العراقية سابقًا، ان 'الدكتور بيرنز كوكس، كان قد خاطب عضوة البرلمان البريطاني كليرشورت مستفسرًا عن هذه الحالة. فكتبت بدورها رسالة الى دوغلاس الكسندر، سكرتير الدولة لشؤون التنمية الدولية ، مطالبة اياه بتوضيح موقف الحكومة البريطانية من الاطفال المشوهين في الفلوجة.
واستلمت السيدة كلير جوابا بتاريخ 3 سبتمبر، اي بعد يومين من بث فيلم سكاي نيوز، جاء فيه أن حالات ولادة أطفال مشوهين في الفلوجة لا تزيد عن الحالتين أو الثلاث في السنة، لذلك ليست هناك مشكلة.
التهرب من المسؤولية:
وتدل الرسالة، المماثلة في فحواها لرسائل أخرى استلمت من مسؤولين بريطانيين آخرين، بصدد صحة الأطفال العراقيين وتأثير اليورانيوم المنضب، بان هناك حملة تضليل وتزييف للحقائق للتخلص من مسؤولية جريمة كبيرة جراء استخدام الحكومة البريطانية أسلحة مميتة ذات تأثير بعيد المدى على المدنيين. وهو خرق لميثاق الأمم المتحدة ومعاهدات جنيف ولاهاي وممثلية روما لمحكمة الجنايات الدولية خاصة وأن التأثير المدمر لليورانيوم المنضب وذخائر الفسفور الأبيض سيؤثر على حياة أجيال مقبلة'.
ويطالب الموقعون على الرسالة الهيئة العامة للأمم المتحدة بأن تعترف بأن ازدياد عدد الولادات المشوهة وحالات السرطان بشكل غير مسبوق في العراق وخاصة في الفلوجة، البصرة، بغداد والنجف، هو مشكلة حقيقية. وأن تعين لجنة محايدة تقوم بإجراء بحث شامل في مشكلة ازدياد عدد التشوهات الولادية والسرطان في العراق. وأن تشرع بتنظيف العراق من المواد السامة التي استعملتها القوات المحتلة بما فيها اليورانيوم المنضب والفسفور الأبيض. ومنع الأطفال والبالغين من دخول المناطق الموبوءة لتقليل التعرض لهذه المهالك.
كما طالب الموقعون بالتحقيق في استخدام هذه الأسلحة فيما إذا كانت جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية قد حدثت وعليه الامتثال لميثاق الأمم المتحدة ومعاهدات جنيف ولاهاي وممثلية روما لمحكمة الجرائم الدولية.