ترجمة/ الإسلام اليوم
بحزن وصدمة, استمعتُ قبل بضعة أيام في لندن, إلى أحمد الجربا رئيس المعارضة السورية عندما كان يصف كيف يضطر السوريون العاديون الذين لا علاقة لهم بالحرب الأهلية الدائرة إلى أكل الكلاب الضالة والقطط للنجاة من حملة الحرمان التي يشنها نظام الأسد.
صحيحٌ أن العالم يعرف أن بشار الأسد استخدم الأسلحة الكيماوية, والقصف العشوائي والاحتجاز التعسفي والاغتصاب والتعذيب ضد مواطنيه, إلا أن ما هو غير مهروف ومهمل كذلك, هو الحرمان الممنهج من العناية الطبية وإمدادات الطعام والمساعدات الأخرى لجزء كبير من الشعب, لذا يجب هذا الحرمان من معظم الحاجات الإنسانية الأساسية أن ينتهي قبل أن يصل عدد القتلى (الذي يزيد الآن عن 100000 شخص) إلى مستويات أكثر كارثية.
يبدو أن التقارير الواردة حول سوء التغذية الحاد في مناطق شاسعة من سوريا التي تقع تحت حصار النظام دفع مجلس الأمن الدولي إلى إصدار بيان رئاسي دعا فيه إلى إمكانية الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية, وينبغي على كل دولة أن تطالب بتحرك على الأرض, الآن وفورا, بما في ذلك الحكومات التي سمحت لحلفائها السوريين بمنع أو تقويض جهود الإغاثة الحيوية التي أجازها القانون الإنساني الدولي.
باختصار, لابد أن يقوم العالم بسرعة وحسم بدوره لضمان وصول المساعدات للمدنيين الأبرياء الذين يحملون عبئ الحرب الأهلية. القيام بما هو أقل من ذلك يعني المخاطرة بخسارة جيل من الأطفال السوريين المصابين بصدمات نفسية والأيتام والذين يعانون من هذه الحرب البربرية.
كما يثبت مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية كل يوم أن المهنيين يمكن لهم أن يقوموا بعمل أساسي حيثما كان هناك إرادة سياسية, إذا كان يمكن لمفتشي الأسلحة الكيماوية أن يقوم بمهمتهم الحاسمة لضمان التأكد من عدم استخدام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى, فإن بإمكاننا أن نجد طريقة ما لموظفي الإغاثة الذين لا تقل مهمتهم أهمية لتوصيل الطعام والعلاج الطبي للرجال والنساء والأطفال الذين يعانون دون أي خطأ ارتكبوه.
من جانبها, قامت الولايات المتحدة بجهود مميزة للتخفيف من المعاناة, منذ بداية الأزمة السورية, قادت الولايات المتحدة المانحين الدوليين وذلك من خلال مشاركتها بتقديم ما يقرب من 1.4 مليار دولار أمريكي للمساعدات الإنسانية, كما تم توزيع المساعدات في كل مكان في سوريا تقريبا من خلال ممارسة دور قيادة الوكالات الدولية التي تشمل وكالة الأمم المتحدة للاجئين وبرنامج الغذاء العالمي واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري وجماعات غير حكومية متعددة.
جدير بالذكر أن معظم العاملين في مجال الإغاثة من السوريين الذين يخاطرون بسلامتهم لعبور خطوط القتال المتغيرة لصالح الآخرين, حيث صنعوا المعجزات وأنقذوا أرواح الآلاف من الأشخاص, بينما كانوا يتعرضون لأنواع مختلفة من الرعب, سواء الملاحقة أو الاختطاف القسري والقتل لكنهم لم يتوقفوا عن الوصول إلى المدنيين الأبرياء المتعلقين بالحياة.
ربما تكون معوقات الحرب الأهلية كائنة في الجانبين, إلا أن سياسات نظام الأسد هي التي تهدد بتحويل الكارثة الإنسانية إلى الهاوية, يرفض النظام تسجيل وكالات الإغاثة القانونية, كما أنها تحجز المساعدات الإنسانية على حدودها, وتطلب من قوافل الأمم المتحدة السفر عبر طرق ملتوية تعبر من خلالها بمجموعة كبيرة من نقاط التفتيش للوصول إلى الناس الذين بحاجة لها, لقد منع النظام بطريقة ممنهجة توزيع شحنات الغذاء بصورة استراتيجية مما أدى إلى زيادة عدد الوفيات وحجم المعاناة.
بيد أن بيان الأمم المتحدة الذي صدر في وقت سابق من هذا الشهر دعا جميع الأطراف إلى احترام التزاماتها تجاه القانون الدولي الإنساني, كما وضع عددا من الخطوات التي إن اتبعت فإنها سوف تقطع شوطا طويلا في مساعدة الشعب السوري,حتى تتمكن القوافل التي تحمل المساعدات أن تسير بصورة أسرع, كما يجب على الجهود التي تبذل لتقديم الرعاية الصحية للجرحى والمرضى أن تضمن ممرات آمنة, وتوقف الهجمات التي تستهدف المنشآت الصحية والأشخاص العاملين فيها.
أن يلتزم نظام الأسد بمثل هذه الأمور برسالة من مجلس الأمن دون وجود ضغوط دولية متضافرة أمر غير واقعي تماما, فالنظام الذي يطلق الغاز السام على شعبه ويحرمه بصورة ممنهجة من الطعام والدواء سوف يرضخ للضغط فقط, وليس للآمال, لذا ينبغي على حلفاء الأسد الذين لديهم نفوذ عليه أن يطالبوه هو وداعميه للالتزام بالمعايير الدولية.
مع دنو قدوم الشتاء سريعا, وتزايد حالات الجوع والمرض بشكل مطرد, لا يمكن لنا أن نضيع الوقت أبدا, ينبغي على عمال الإغاثة أن يحصلوا على حق أداء عملهم فورا, لا يُمكن للعالم أن يقف متفرجا بينما الأبرياء يموتون.
سوريا.. حرب تجويع وحرمان ممنهج!
- التفاصيل