قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية لحقوق الإنسان، في تقرير أصدرته يوم الأربعاء، إن السيدات في سوريا تعرضن للاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والأذى البدني، والتضييق، والتعذيب أثناء النزاع السوري، من جانب القوات النظامية، والمليشيات الموالية لها، والجماعات المسلحة المعارضة للحكومة، وبأن لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، لجنة السيداو، ستقوم بإجراء استعراض لوضع السيدات السوريات يوم 4 يوليو في جنيف.

ويتتبع التقرير المكون من 47 صفحة، وعنوانه: “ما زلنا هنا: سيدات على جبهات النزاع السوري”، مصائر 17 سيدة سورية أصبحن الآن لاجئات في تركيا. ومن خلال التوصيف بالكلمة المكتوبة والتصوير الفوتوغرافي، يوثق التقرير تأثير النزاع السوري على المرأة بصفة خاصة. حيث عرضت السيدات اللواتي تتبعهن التقرير لانتهاكات على أيدي القوات النظامية وتلك الموالية لها، وكذلك على أيدي الجماعات المسلحة المعارضة للحكومة، مثل لواء الإسلام، وجماعات متطرفة مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).وقالت ناشطات وعاملات إغاثة إنهن تعرضن للتهديد والاعتقال والاحتجاز التعسفيين والتعذيب على أيدي قوات حكومية أو قوات المعارضة المسلحة. كما تعرضت كافة المحتجزات الست السابقات اللواتي استعرضهن التقرير للإساءة البدنية أو التعذيب أثناء الاحتجاز، وتعرضت سيدة واحدة للاعتداء الجنسي عدة مرات. وقالت سيدات أخريات إنّهن وقعن ضحايا للقيود التمييزية المفروضة على ملبسهن وتحركاتهن. وأصيبت سيدات عديدات أو فقدن بعض أفراد عائلاتهن في اعتداءات عشوائية عديمة التمييز على المدنيين من جانب القوات الحكومية.

وكانت مايسة، 30 سنة، تقدم المساعدة الطبية للمدنيين، وتعمل في قناة فضائية مؤيدة للمعارضة، قبل احتجاز قوات أمنية حكومية لها في دمشق في أبريل 2013. اعتدى عليها أفراد قوات الأمن بالضرب في الليل بخرطوم أخضر غليظ: “كانوا يصفعونني على وجهي، ويجرونني من شعري، ويضربونني على قدمي وعلى ظهري وفي كل مكان”.

وقامت جماعات مسلحة غير حكومية أيضًا بالتضييق على سيدات من اللواتي استعرضهن التقرير واحتجازهن، وفرض سياسات تمييزية على السيدات والفتيات، بما في ذلك القيود على الملبس وحرية التنقل. كانت بريفان، 24 سنة، وهي سورية كردية، تقدم المساعدة الطبية لأشخاص يعيشون في مخيم اليرموك المحاصر في دمشق حين احتجزتها جماعة لواء الإسلام المسلحة غير التابعة للدولة. تم الإفراج عن بريفان بعد 10 أيام، ولكن حين حاولت إعادة افتتاح صيدليتها البدائية في المخيم، هددتها داعش لأنها ترتدي الحجاب دون العباءة. قالت: “قالوا لي: ‘إذا رأيناك بهذا الشكل ثانية فسوف نقتلك. إذا رأيناك في هذه المنطقة سنشنقك”.

وقالت أخريات لهيومن رايتس ووتش إنهن أصبن أو فقدن أقارب لهن في هجمات عشوائية عديمة التمييز على مناطق مدنية. وصارت العديدات منهن العائل الرئيس لأسرهن نتيجة للنزاع. قتل أربع من أطفال أمل الخمس في قصف بالقنابل البرميلية على حلب في يوليو 2013. وبعد هذا بقليل تعرض زوجها لسكتة دماغية أصابته بشلل جزئي وإعاقة في الكلام، وتضطلع أمل، 44 سنة، برعايته. في مارس، رحلت الأسرة إلى تركيا لطلب العلاج الطبي والرعاية التأهيلية للزوج. وهناك كانوا ينامون بمنتزه في العراء ويعتمدون على الصدقات لتناول الوجبات.

ووفقًا لقرار مجلس الأمن الأممي رقم 1325 واتفاقية “السيداو”، التي صدقت عليها الحكومة السورية في عام 2003، يتعين على كافة أطراف النزاع اتخاذ تدابير لحماية السيدات والفتيات من العنف أثناء النزاع، بما في ذلك العنف الجنسي. كما يلزم القرار 1325 واتفاقية السيداو الدول الأطراف بمحاسبة المسؤولين عن تلك الانتهاكات، وتوفير الدعم لاحتياجات السيدات الطبية والنفسية الاجتماعية والاقتصادية، وضمان إشراك المرأة الجاد على كافة المستويات في مفاوضات السلام ومبادرات إقرار السلم.

وقالت لايزل غيرنهولتز، مديرة قسم حقوق المرأة في هيومن رايتس ووتش: “لم تعف المرأة من وحشية النزاع السوري في أي جانب من جوانبه، إلا أنها ليست مجرد ضحية سلبية، إن المرأة تتولى مسؤوليات متزايدة سواء كان هذا باختيارها أو بضغط الظروف، ولا ينبغي أن تدفع الثمن ترهيبًا واعتقالًا وإساءةً وتعذيبًا”.

وطالبت هيومن رايتس ووتش لجنة السيداو بحث الحكومة السورية على التوقف عن عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفيين وكافة أشكال العنف ضد النساء، والتحقيق في تلك الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عنها. كما وقالت هيومن رايتس ووتش، إن على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والحكومة السورية وغيرهما من الأطراف المعنية ضمان التمثيل والمشاركة التامة والجدية للمرأة في مباحثات أو مفاوضات السلام المقبلة كلها، وكذلك ما يتلوها من عمليات لوضع السياسات وإقرار السلم.

 

JoomShaper