مالك فيصل الدندشي

     كادت السنة الخامسة تطبق على الشعب السوري منذ اندلاع انتفاضته في شهر آذار من العام 2011م، وما زالت علامات انتهائها غير واضحة، كما كانت علامات بدايتها لا يعرف من الذي حركها في توقيت غير مناسب، وإمكانات متواضعة، وغياب لقيادة راشدة واعية حيث حارب النظام النخب منذ أن تولى السلطة منذ أكثر من نصف قرن من الزمن.

     تتميز الثورة السورية بأنها ثورة انطلقت من المساجد عفوية في ظاهرها، ثم نمت وترعرعت، وشبت، وكبرت، وهي ما تزال في كنف بيوت الله تعالى حتى قال قائلهم: – وهو رجل مسيحي – شكرا للمساجد. هذه المعطيات هي التي حدت بكل المراقبين بأن يطلقوا عليها ثورة مسلمة سنية!!.

     وعلى الرغم من العطف الشكلي الذي لاقته هذه الثورة على المستوى العالمي والإسلامي والعربي، إلا أن الدعم الحقيقي الذي قُدِّمَ لها لم يكن على المستوى الذي يزيل كابوس النظام وأعوانه ومريديه؛ ثم بدأ

التحالف الدولي لنصرة الشعب السوري يتضاءل دوره، ويضعف ويتراجع، ويقدم المعونات لهذا الشعب المسكين في خفر واستحياء. 

     في هذه الأثناء كانت ضربات النظام وأعوانه تتوالى على المعارضة السورية، وتوقع خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، والعالم يتفرج على السفاح والمجرم.

     ولا أريد أن أستعرض – مما لم يعد يخفى على أي متابع – ما يعانيه أهل السنة والجماعة في سورية، حيث إن المصائب صارت كالجبال.

     وفجأة ومن تحت الركام، ومن وراء الضباب الخفيف، طلع علينا الروس، وألقوا بثقلهم في المعركة، وبدأت طائراتهم تقذف كل شيء متعاونة مع النظام وأعوانه (تيار الممانعة والممانعة!!!)، وولد حلف جديد – ولكنه قديم لمن له خبرة ومتابعة – يضم كلا من سورية والعراق وروسيا وإيران وأعلن حربا سافرة على الشعب المسلم السني في الشام، ومن الملاحظ أن العالم يتفرج على ما يقوم به هذا الحلف، وعلى رأس المتفرجين الغرب وأمريكا. والمفاجأة دخول إسرائيل في هذا الحلف بشكل علني ومفضوح، وأصبح المقاومون والممانعون أصدقاء،_ وهم لم يكونوا أعداء من قبل – وازدادت معاناة المسلمين السنة في سورية، وهم لا ينتظرون الفرج إلا من الله تعالى.

     وبعد هذا الاستعراض يحق لكل محب لهذا الشعب المسلم السني المنكوب أن يتساءل: أين نشاط الأحباب والأصدقاء الذي سيقف في وجه هذا الوحش المفترس الذي لا يعرف الرحمة!!!؛ بل أين مواقف علماء الدين؟؟!!، وأين مواقف التيارات الإسلامية وقادتها؟؟؟؟!!!! وأين وأين وأين؟؟!!

     لقد لاحظنا - بعد هذا الاستعراض الموجز السريع – أن كثيرا من المستورات قد انكشفت، وأن ما أنبأنا عنه التاريخ قد برز عيانا، وظهر الروافض والباطنيون، واليهود والصليبيون، والمجوس على حقيقتهم قديما وحديثا، ولم تعد تنطلي علينا أكاذيبهم وعنترياتهم، والأحزاب العلمانية والوطنية والقومية التي تستروا وراءها، وما تخفي صدورهم أكبر كما قال المتنبي:

                          وسوى الروم خلف ظهرك روم      فعلى أي جانبيك تميل!!!

  ولم يعد أمامنا أيها المسلمون إلا أن نقول: اللهم لا ملجأ إلا إليك. اللهم لا منجا ولا ملجأ منك إلا إليك. إليك المشتكى. أنت ولينا وناصرنا، فعلينا أن نسأل أنفسنا: ما الذي يريده منا خالقنا حتى ينصرنا؟. لنعلم، ونعمل، ونخلص؛  وبذا يتحقق الموعود "إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ"آل عمران 160، وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"سورة محمد 47.  وأخيرا فإذا كان لهذه الثورة - إذا صح التعبير - من خير؛ فإنه يتجلى بارزا في كشف الخفايا، والمؤامرات ، وظهور الأحلاف وظهور النفاق جليا بدون استحياء، وغدت معركتنا واضحة المعالم والوسائل والأهداف. وتبين العدو من الصديق. واستيقن أهل السنة بأن العالم  قد تخلى عنهم. وبذا فإن التخطيط لهذه الثورة ينبغي أن يغير كل فاسد، ليحل محله كل صالح.

JoomShaper