الحرب بين الحق والباطل هي قضية أزلية منذ أن خلق الله الإنسان على هذه المعمورة. وهي سنة ثابتة لا تتغير ولا تتبدل، ولكن الحق سوف ينتصر لا محالة في نهاية الأمر شاء من شاء، وأبى من أبى لأن الحق سبحانه وتعالى يقول: «وإن جندنا لهم الغالبون».

ولكن المشكلة تكمن في أن هذه الحروب لابد فيها من ضريبة تدفع من الأنفس والأموال من أجل أن ينتصر الحق. وهذه أيضا سنة ثابتة لا خلاف فيها، ولكن أن يكون الضحايا الأكثر هم ممن لا ناقة لهم ولا جمل مثل الأطفال الأبرياء، فهنا تصبح القضية ليست مجرد حرب فقط!!. بل هي سياسة شيطانية تترية المقصد منها هو إفناء نوع معين من البشر، وليس الدفاع عن قضية أو مبدأ. وسياسة قتل الأطفال هي سُنة ابتدعها فرعون الهالك غرقا حيث يكمن فيها أقسى أنواع الوحشية الإنسانية، والتي هي أشد وأقسى وأعنف من

الوحشية الحيوانية. لأن الحيوان الوحش والمفترس يقتل من أجل أن يأكل لا من أجل الحقد أو الانتقام أو إفناء نوع أو للتسلية!!

وما يحدث من حصار في سوريا سواء في مضايا أو المعضمية وغيرهما من المناطق الأخرى، هو خرق لكل القوانين الدولية والأعراف العالمية. بل حتى في أيام الجاهلية كانت هناك نخوة عربية تأنف وتترفع عن قتل الأطفال لأنهم ليسوا أندادا، ولأنها ليست شجاعة ولا مروءة!. إن الذي يقوم بهذا الفعل هو خارق لكل ما يحمل معنى إنسان، وفيه تعدٍ وجرم أكثر من قانون الغابة. وكل من ساهم في ذلك بقول أو فعل أو حتى إشارة، فهو لا يعد من البشر، و لا هو إنسان أصلا!

ونقول لأولئك وللعالم أجمع أين هم من رحمة الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال «ولا تقتلوا وليدا، أو امرأة، ولا كبيرا فانيا، ولا منعزلا بصومعة».

وأين العالم كله ليعتبر ويتعلم من خليفته من بعده وهو أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- حين أسس النظام العالمي للمواثيق والأخلاق والأعراف الدولية للحرب. وذلك حين قال للجيش في كلمته المشهورة: وإني موصيك بعشر، لا تقتلن امرأة، ولا صبيا، ولا كبيرا هرما، ولا تقطعن شجرا مثمرا، ولا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة، ولا بعيرا، إلا لمأكلة. ولا تحرقن نحلا، ولا تفرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن.

وأين هم من صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- الذي ضرب مثلا للشرق والغرب حين فتح القدس (أعاده الله إلينا) حيث عامل الأسرى والأطفال والنساء معاملة إنسانية، فيها دروس من المروءة والنخوة والشهامة، بل هي أعلى من ذلك هي الرقي الإسلامي للمحارب المنتصر، ولذلك ذكره التاريخ والناس والعظماء، وشهد له العدو قبل الصديق.

والسؤال الآخر هو للعالم المتحضر والمتقدم أين أنتم حين يتم تجويع وحصار الآلاف من البشر معظمهم من الأطفال؟! ولماذا الانتظار طويلا من أجل إصدار قرار أو إرسال مساعدات؟ هل لا بد من أن يموت الآلاف صبرا أمام الشاشات ليتحرك من كان في قلبه ذرة من إنسانية!!

ليعلم العالم شرقه وغربه أن من سنن الحياة التي لا مفر منها أن من لا يرحم لا يُرحم، ومن يمكر يُمكر به، فانصروا المظلوم والأطفال الأبرياء الآن وساعدوهم لينصركم ويساعدكم الله في مواطن كثيرة.

وختاما، اللهم اغثهم وفرج كربهم (آمين)، والله غالب على أمره؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله.

JoomShaper