محمد الحمصي: كلنا شركاء
يقترب شهر رمضان في هذا العام خالي الوفاض من أي لقمة قد تسد ساعات طويلة من الصوم، أو حتى للاستعداد له عند وجبة السحور، ليعلن حي الوعر المحاصر أخر قلاع الثورة في حمص المدينة، وكذلك مناطق سيطرة الثوار شمال حمص، أن شهر الخير والكرم أتى عليهم وهم جياع.
“ضياء” أحد سكان حي الوعر المحاصر قال إنه لا فرق لدينا بقدوم رمضان، “فنحن بالأصل لا نأكل سوى وجبة يتيمة في المساء، الفرق الوحيد لدينا أن علينا الصبر في هذا الحر الشديد على شرب الماء، أما بالنسبة للطعام فهو مفقود منذ ثلاثة أشهر”.
ومن جهته قال السيد “أبو نعيم”، صاحب أحد المحال التجارية في حي الوعر، إن محال الحي خاوية تماما، ليس من الزبائن، بل من البضاعة من جميع الأنواع، الغذائية والصحية،
وحتى رغيف الخبز مفقود تماما.
وأردف: “ماذا نفعل، لا أعلم، لا تسألن كيف سأمضي رمضان، لدي ثلاثة أطفال تتلاشى أجسادهم النحيلة أمامي، وأنا عاجز عن ممارسة طقوس البهجة الرمضانية أمامهم، كالحلويات أو حتى المأكولات الروتينية على أبسط تقدير، يا إلهي كم هو قاسٍ شعور أن يأتي رمضان الذي أعتدنا على روحانيته وسخائه بحلة غير التي اعتدنا عليها، كئيب مع جوع يلفنا من كل الجهات”.
وتحدث الناشط الإعلامي “محمد السباعي” عضو مركز حمص الإعلامي لـ “كلنا شركاء” قائلاً إن النظام أطبق الحصار على حي الوعر منذ العاشر من شهر آذار مارس الماضي، وقطع عنه كل وسائل الحياة كالخبز والكهرباء والمواد الغذائية، ليستهلك الحي جميع مخزونه الغذائي، ويأتي رمضان هذا العام تلفه الأحزان من كل مكان، بالإضافة للتصعيد العسكري الذي شنته القوات النظامية على الحي، بقصف بجميع أنواع الأسلحة والصواريخ، ليقتل سبعة مدنيين في يوم الأحد الماضي، الذي كان أصعب يوم على سكان الحي منذ عامين.
مساعٍ للمنظمات
وفي ريف حمص، حيث الحصار أخف وطأةً، قال الناشط “سامر الحمصي” في حديث لـ “كلنا شركاء” إن الجمعيات الأهلية في منطقة الحولة تسعى خلال الفترة الماضية جاهدة لتحصيل مشاريع إفطار صائم، والسلال الرمضانية للمحاصرين في منطقة الحولة، والذي تجاوز عددهم 65 ألف نسمة، بينهم سبعة آلاف من النازحين على أقل تقدير.
وأردف بأن هذه المساعي حتى اللحظة لم تكلل بالنجاح، وإن تحصيل شيء فهو أقل بكثير من أن يكون كافيا، ومن خلال التواصل مع المنظمات وغيرها، وجد أن كل منظمة تعتمد شخص أو مجموعة أشخاص، ويتم تغييب البقية، في إدارة مشاريعها، حتى وإن كانت الإدارة سيئة، إضافة إلى المناطق التي تحكم العمل الإغاثي.
وأضاف: “لاحظنا أن حظ مدينة حمص وريفها هو الأقل على مستوى سوريا، علماً أنها منطقة محاصرة، فيجب أن تكون الأعلى، إلا أن ذلك عكس ما يحدث، ودائما ما نطالب بوجود مندوبين لنا في تركيا وغيرها، وإمكانية إدخال المواد الغذائية إلى مناطق الريف الشمالي، وهو أمر مستحيل بسبب الحصار، كما لاحظنا خلال السنوات الماضية تراجع مشاريع العمل الخيري، خاصة في رمضان، وهو أمر يثير الاستغراب، وللأسف فإن عديد الأسر التي انتظرت رمضان لتستمتع بوجبة رمضانية مع بعض اللحم، عليها أن تنتظر أكثر، وربما يكون انتظارها طويلا.
ومن جهة أخرى، قال “حسين أبو محمد”، مراسل مركز حمص من الحولة، في حديث لـ “كلنا شركاء”، إن المواد المتوفرة مرتفعة الثمن كثيرا، ولا تتماشى مع أصحاب الدخل المقطوع كالمنشقين والموظفين الذين توقفت وظائفهم، ويعتمد الكثير على المواد الأساسية في طعامهم، وهؤلاء يشكلون نحو 40 في المئة من سكان الحولة، فمثلاً سعر كيلو اللحم تحاوز 3000 ليرة سورية، والسكر نحو 550 ليرة للكيلو الواحد.
“هاني سعد الدين” المنسق الإعلامي لمنظمة أمل في مدينة الرستن بريف حمص الشمالي، تحدث لـ “كلنا شركاء” عن صعوبة الحياة في مدينة الرستن مع اقترب شهر رمضان، وقال إن الأهالي تعتمد في شهر رمضان على المساعدات الإنسانية المقدمة من الجمعيات الخيرية في المدينة، وذلك يعود لارتفاع الأسعار مع انعدام دخل المواطن.
وأضاف بأن المدينة تترقب كارثة إنسانية إن لم تقدم هده الجمعيات ما يلزم من المواد الغذائية، وحصص الأغذية المطبوخة، فهناك عائلات تجمع أكياس النايلون من القمامة من الأن لاستخدامها في طبخ بعض الحشائش التي تنبت في هذا الفصل من العام، لتتجنب جمع هذه الأكياس في أيام الشهر الفضيل.
المواد مفقودة
وأشار “سعد الدين” إلى أن هناك نقص كبير في مادة الخبز، وهي المادة الأهم، والسكر والرز والعدس والحمص، وإن وجدت فأسعارها مرتفعة جدا.
وقال أحد أهالي مدينة الرستن لـ “كلنا شركاء” إنه وقبل بدء الشهر الفضيل، كان سعر الكيلو غرام الواحد من الفروج 1050 ليرة سورية، حتى جاءت الجمعيات وحجزت مادة الفروج من التجار، فارتفع سعره حتى وصل إل 2000 ليرة سورية، ولم يعد المواطن يستطيع شراءه.
وأضاف: “يجب أن يتم التنسيق بين الجمعيات التي تعمل على تأمين مادة الخبز طول الشهر، والمطابخ الثورية، وتقسيم القطاعات فيما بينها، والعمل على تأمين أكبر قدر من حاجيات المواطنين”.