افتتاحية- واشنطن بوست

مر ما يقارب ستة شهور منذ أن أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا يطالب فيه إنهاء قصف مناطق المدنيين في سوريا ويدعو إلى وصول إنساني فوري للمناطق المحاصرة. ومر حوالي أربعة أشهر منذ أن وصف وزير الخارجية جون كيري الحصار بأنه «كارثة» بحجم لم يُر مثله منذ الحرب العالمية الثانية وقال إن «كل أطراف النزاع مطالبون بتسهيل العبور الإنساني إلى السوريين الذين هم في حاجة ماسة إلى المساعدات». 

 

قبل عدة أسابيع، أصدر مؤتمر دبلوماسي حول سوريا حضره السيد كيري بيان يقول «إنه مصر على اتخاذ خطوات ملموسة لتمكين توفير السلع الإنسانية الضرورية»، ويحذر البيان

من أنه إن لم يتم اتخاذ أي خطوة، فإن المؤتمر سيدعم الإنزال الجوي للمواد الغذائية على القرى المحاصرة يبدأ في الأول من حزيران.

حتى يوم الاثنين الماضي، لم يكن أي من المواد الغذائية قد وصلت إلى داريا في ضواحي دمشق، ولا إلى الوعر إحدى مناطق حمص أو غيرها من 19 منطقة محاصرة، بتعداد سكاني يبلغ أكثر من 500 ألف حددتها الأمم المتحدة. لم يكن هناك اي إنزال جوي للمؤن الغذائية. ولم يكن هناك اي تنظيم، ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة ليس هناك اي شيء محتمل في الايام المقبلة. تلاشى موعد نهائي آخر، وتم تجاوز خط أحمر آخر – ومازال الأطفال في القرى المحاصرة يتضورون جوعا. 

مؤخرا، قامت الطائرات الروسية والسورية بقصف ثقيل للمناطق المدنية في معاقل الثوار في حلب وإدلب. قال المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 500 مدني، من ضمنهم 105 أطفال، قتلوا في 45 يوما لقصف حلب. وكان «وقف الاعتداءات» التي تفاوض عليه السيد كيري في شهر شباط، والذي لم تعطه كل من روسيا وسوريا اي اهتمام على الإطلاق، قد تم خرقه. 

ماذا كانت ردة فعل إدارة أوباما؟ مازالت تنتظر بصبر أن يتوقف نظام بشار الأسد عن إسقاط البراميل المتفجرة من المروحيات على المستشفيات والسماح بمرور قوافل المساعدات. ومازالت تطلب بلطف من روسيا التوقف عن قصف القوات الثورية التي يدعمها الغرب وأن تجبر نظام الأسد أن يحذو حذوها. وجاء في بيان لوزارة الخارجية مؤخرا «نحن نتوقع من النظام تنفيذ التزماته». وقالت المتحدثة باسم الوزارة «لقد طلبنا من روسيا استخدام نفوذها لإنهاء هذه السياسة غير الإنسانية». أما بالنسبة لإنزال المواد الغذائية جوا، «فهذه مسألة معقدة جدا».

كان الوعد بإنزال المواد الغذائية جوا، والذي تلاشى، كلام منمقا تماما. في 26 من شهر أيار، كان إثنين من كبار المسؤولين في الأمم المتحدة قد حذرا أن الجسر الجوي للأمم المتحدة لن يتم تأسيسه دون إذن من نظام الأسد – النظام نفسه الذي منع وصول المواد الغذائية برا. وقد طالبت الأمم المتحدة من الولايات المتحدة وروسيا «بإيجاد طريقة» لبدء العملية. لكن لم تقم الولايات المتحدة وبريطانيا، المؤيدتان الرئيستان لعملية الإنزال الجوي للمواد الغذائية، بأي شيء لجعل العملية ممكنة. بدلا من ذلك، فقد أصدرتا مناشدات للحكومة الروسية – الحكومة ذاتها التي تقصف بانتظام الاحياء المدنية لحلب وإدلب. 

وكان السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة قد ألمح مؤخرا أنه إذا استمر نظام الأسد في منع وصول المساعدات برا وجوا، فإن حكومته «ستفكر بإجراءات أخرى». وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة أن «النظام السوري يستمر في تجويع مئات الآلاف من المدنيين على نحو ممنهج. هناك جرائم حرب ..... وهنا قوة كبيرة في مجلس الأمن.... لقول «هذا يكفي»  «.  

العبارات القوية. هذا تخصص كيري أيضا. فقد كان كيري أعلن أن الناس في القرى المحاصرة «يأكلون أوراق الشجر والعشب أو حيوانات من أي نوع يمكنهم اصطيادها». وقال أن «وصول المساعدات الإنسانية يجب أن يحدث ليس بعد أسبوع من الآن..... يجب أن يحدث في الأيام الأولى». كان ذلك الحديث في الثاني من شهر شباط. 

JoomShaper