02-08-2021 | 12:18 المصدر: النهار العربي
كان الطفل السوري، حسين صباغ (13 عاماً)، من بين 27 طفلاً قضوا في الهجمات التي شنتها القوات السورية في شمال غرب البلاد خلال الشهرين الماضيين وحدهما.
ويروي تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية قصة الفنان الصغير الذي نزحت أسرته إلى شمال غرب سوريا فراراً من جحيم الحرب التي شنها نظام بشار الأسد على حلب عام 2016.


على غرار سوريين آخرين، حاولت الأسرة في إدلب بناء حياة جديدة على الرغم من استمرار الحرب من حولها.
وهناك، حاول المراهق السوري الذي كان يهوى الرسم مساعدة الفنان المحلي عزيز الأسمر في رسم لوحاته الجدارية السياسية الشهيرة، لكن أحلام صباغ في أن يكون رساما تحطمت، الشهر الماضي، بعدما قصف الجيش السوري مسبحاً في بلدة صغيرة، ما أدى لمقتله وشقيقه البالغ من العمر 17 عاماً، وعمه (23 عاماً) وثلاثة مدنيين آخرين.
وفي بلدة واقعة في منطقة مركز إدلب، بقيت الجدارية التي رسمها الفنان على جدار منزل تعرض للقصف، وتظهر اللوحة الكبيرة بيتاً في نوافذه قلوب حمراء، وسماء فيها بقع سوداء لطائرات حربية ومروحيات وصواريخ.
وقال الفنان المحلي الذي ساعده حسين صباغ لـ"الغارديان": "لقد أحب الجميع حسين. هو ساعدني في العديد من اللوحات الجدارية التي رسمتها. كان موهوباً وكان صاحب خيال جميل. كان هناك رسم معين يحب أن يرسمه كثيرا: منزل فيه قلوب حب، أراد أن يقول إن هذه القنابل تقتل الحب وتدمر المنازل".
حسين هو واحد من 27 طفلاً قُتلوا في الهجمات التي شنتها القوات السورية في شمال غرب سوريا في الشهرين الماضيين وحدهما، حيث أدت حرب الاستنزاف التي يشنها بشار الأسد إلى خسائر فادحة بين السكان الأصغر سناً والأكثر ضعفاً في المنطقة. كما تعرضت سبعة مبان مدرسية للقصف، "مما زاد سجل النظام القبيح في استهداف البنية التحتية المدنية"، بحسب تعبير الصحيفة.
وتقول مديرة الاتصال والدعوة في شبكة "حراس الطفولة"، وهي مؤسسة خيرية تعمل على حماية الأطفال في سوريا ليلى حسو: "لقد بدأنا نلاحظ نمطاً في السنوات الأخيرة، وهو زيادة القصف في المناسبات مثل العيد".
وأضافت: "قتل 13 طفلاً في ثلاثة أيام فقط. الآن، في كل مرة يأتي العيد نخشى أن نفقد المزيد من الأطفال. بدلاً من إعطائهم ملابس جديدة لارتدائها والاحتفال، يقوم الآباء بتزيين أطفالهم بملابس العيد لدفنهم".
ويفترض أن المنطقة التي تعرضت للقصف يغطيها اتفاق لوقف إطلاق النار، وقع في 2018، لكن الحكومة السورية كعادتها لا تلتزم بمثل هذه الاتفاقات، ما يجعل سكان المنطقة في حالة مستمرة من الخوف.
وكان حوالي 3.5 ملايين شخص قد فروا إلى الشمال الغربي هربا من المعارك في أجزاء أخرى من البلاد، وسط ظروف معيشية مزرية تفاقمت منذ انهيار العملة السورية، العام الماضي، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
كما أدى التدفق المستمر لخفض المساعدات ووصول فيروس كورونا الى زيادة صعوبات الحياة اليومية للأشخاص المحاصرين بين الحكومة السورية وهيئة تحرير الشام.
وأوضحت ليلى حسو أنه "أحيانا يطلب منا الآباء إغلاق المدرسة لأنهم يخشون أن يموت أطفالهم هناك" في حين أنه يفترض أن تكون المدارس أماكن آمنة. وتعتبر أن الحكومة السورية تريد توجيه رسالة مفادها "أن لا مستقبل في هذه المنطقة لك أو لأطفالك ".
وفي جنوب غرب سوريا، تصاعدت أيضا أعمال العنف، في الأسبوعين الماضيين، في وقت تعهد فيه الأسد بجعل "تحرير تلك الأجزاء من الوطن التي لا تزال بحاجة إلى أن تكون محررة" واحدة من أولوياته القصوى.
ويعتبر الفنان المحلي أن الجدارية المتبقية على المنزل في قرية بنش هي "وسيلة للاحتفاظ بالأمل وتذكير العالم بأن السوريين ما زالوا يحلمون بالسلام والعدالة".
وبدأ التصعيد في درعا، نهاية تموز (يوليو) الماضي، مع قصف القوات السورية، درعا البلد بالصواريخ وقذائف الهاون، تمهيدا لاقتحامها براً.
وأسفرت المواجهات بين القوات السورية، والمقاتلين المحليين في درعا، عن مقتل نحو 32 شخصا، بينهم أطفال، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويذكر أن نحو 5 آلاف طفل قد قتلوا وأصيب نحو أربعة آلاف خلال سنوات الحرب السورية، فيما نزح نحو خمس ملايين قسرا.
ذهب أسمر لوضع الزهور على قبر حسين في بنش الأسبوع الماضي. ورغم ألم فقدانه مساعده الشاب، إلا أن الرسم لا يزال وسيلة للاحتفاظ بالأمل وتذكير العالم بأن السوريين ما زالوا يحلمون بالسلام والعدالة، على حد قول.
ويقول: "منذ عودتي إلى سوريا من بيروت قبل سنوات، أسعى لرسم البسمة على وجوه الأطفال. أحاول أن أجعلهم ينسون ، ولو للحظة، الإرهاب والحرب الذي عاشوه".
ويضيف: "أدعهم يشاركون معي حتى يتمكنوا من التعبير عن مشاعرهم من خلال الفن. أريد أن أوصل لهم رسالة مفادها أن الأمل لا يزال موجودًا ".

JoomShaper