المدن
نعا ناشطون سوريون، السبت، الناشطة والمعتقلة السابقة صفاء الأشقر، بعد معاناة طويلة من مرض السرطان، الذي أصيبت به جراء تسممها بمادة الزئبق الذي كان النظام السوري يدسه في أطعمة المعتقلين من أجل التعجيل بوفاتهم.
وبحسب المعلومات المتداولة، توفيت الأشقر، الأربعاء الماضي، في مدينة موس النروجية حيث كانت تقيم وتستكمل علاجها ودعمها للمعتقلات السوريات الناجيات من سجون نظام الأسد سيئة السمعة.


وكتبت "جمعية المعتقلات السوريات": "الأخت والصديقة العظيمة المعتقلة سابقاً التي خسرها ملف المعتقلين لدى سجون عصابات الأسد القاتل، وكانت رغم معاناتها الطويلة مع المرض متحمسة للعمل لربط الناجين مع بعضهم وتأليف الصف وكانت الناجيات يستمدن القوة من صمودها الباقي".
ونقلت وسائل إعلام سورية معارضة، عن لونا، ابنة الراحلة أن والدتها درست الأدب الإنجليزي في كلية الآداب بجامعة "البعث" في حمص، ونظراً لعدم وجود توظيف حينها انتقلت إلى دمشق والتحقت بإحدى مدارسها وتم تعيينها معاونة مديرة لسنوات تدريسها الطويلة. وروت كيف تشاجرت ذات مرة مع إحدى المعلمات لخروجها قبل انتهاء الدوام، فرفعت بها تقريراً أمنياً أدى إلى اعتقالها في فرع "الخطيب" العام 2010 للتحقيق.
وأضافت لونا أن اعتقال والدتها الثاني كان في 19 شباط/فبراير 2014، بتهمة تمويل الإرهاب، عندما التقت بطفل مصاب بالسرطان في أحد مشافي العاصمة دمشق، فقامت بإيصال مساعدات مادية له عن طريق بعض المتبرعين، ليتم رفع تقرير أمني بحقها. ولم تعرف عائلتها عنها شيئاً حتى نيسان/أبريل 2015، عندما تلقت لونا اتصالاً من والدتها من داخل سجن "عدرا"، وعلمت منها بعد الإفراج عنها أنها تعرضت للتعذيب في فرع أمن الدولة.
وقام الجلادون بسكب الماء المغلي على كتفها وصدرها وظلت آثار الحروق موجودة على جسدها إلى حين وفاتها وبقيت سنتين ونصف في المعتقل إلى أن تم الإفراج بتاريخ 19 أيلول/سبتمبر 2016، وخرجت بعد شهر عن طريق التهريب إلى لبنان.
إلى ذلك، تحدثت مديرة "رابطة المعتقلات السوريات" منى بركة، وهي معتقلة سابقة في سجن عدرا أيضاً، أنها التقت بالناشطة الراحلة في جناح الموقوفين في السجن سيئ السمعة بعد أن تم تحويلها إلى محكمة الإرهاب، فيما تم نقلها هي من جناح الإيداع إلى جناح الإيقاف، وكانت حسب تعبيرها "إنسانة أكثر من رائعة وصبورة وتحب كل من حولها من المعتقلات وكانت تتحدث دائماً عن أولادها الثلاثة ومدى اشتياقها لهم وكم تتعذب من دون وجودهم إلى جانبها، خصوصاً أنها كانت أرملة ومعيلة لهم".
وكشفت بركة أن الأشقر لم تتلق أي زيارة طوال فترة اعتقالها لأن أبناءها كانوا في لبنان، ورغم ذلك بقيت قوية وبشوشة وتعمل في حياكة النسيج بالسنارة لتبيع ما تنتجه وتصرف على نفسها لعدم وجود من يساعدها من خارج السجن حتى أن السجينات الأخريات اعتدت مناداتها بـ"صفاء سنارة".
وأردفت بركة بأن الأشقر عانت كثيراً في الأفرع الأمنية وفي سجن "عدرا"، وكانت تعيش حالات إغماء بسبب المرض الذي أصيبت به، وكان الجلادون يطفئون أعقاب السجائر في أنحاء مختلفة من جسدها، مضيفة أن "سبب مرض السرطان الذي أصيبت به فيما بعد هو مادة الزئبق التي كانت توضع في طعام المعتقلات وفي الماء الذي يشربنه، وكان لمادة الزئبق أثر سلبي على تحفيز الخلايا السرطانية، ونسبة كبيرة من المعتقلات المفرج عنهن عانين من نفس المرض"، حسب تعبيرها.
في السياق، قالت الناشطة نوار عليو التي عملت مع الأشقر في النشاط الإغاثي والحراك السلمي أنها تعرفت بها عن طريق تطبيق "سكايب" وكانت تنقل الأخبار الموثوقة وأخبار المظاهرات والاعتقالات من داخل دمشق، وعملت في نقل الأدوية للمصابين في المشافي الميدانية، وساعدت عن طريقها أمهات الشهداء والمعتقلات اللواتي كانت تبحث عنهم من مكان إلى مكان.
وكشفت "عليو أن الأشقر كانت تنزل إلى الشارع أثناء المظاهرات وتحمي الشباب والبنات عندما يأتي الأمن لاعتقالهم بقولها "هذا ابني" أو "هذه بنتي".
وبحسب مصادر حقوقية سورية، يبلغ عدد المعتقلات اللواتي تعرضن للتعذيب والاغتصاب في السنوات العشر الماضية نحو 13 ألفاً و500 معتقلة، ومازال حوالي 7 آلاف منهن في معتقلات النظام السوري حتى اليوم.

JoomShaper