أسامة الخلف
أنتجت المأساة السورية المستمرة منذ عقد ونيف من إنطلاق الحراك السلمي للشعب السوري منذ العام 2011 معطيات وضحايا الحرب التي تقاسمت الجغرافية السورية وتفاوتت نسبة الضرر بين معتقل وقتيل ونازح ومهجر وذوي احتياجات خاصة.
وحسب التقديرات الأممية فإن نسبة المتضررين من الحرب السورية بلغت 30 في المئة من نسبة السكان الذين تضرروا بشكل كامل أو جزئي من نتاج الحرب.
ويشمل مصطلح الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة كل من يعانون من عاهات طويلة الأجل، بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسّيَة، قد تمنعهم من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين.
بدورها عملت منظمات المجتمع المدني ومبادرات محلية على تكثيف جهودها وتسليط الضوء على واقع حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة عبر حملات تحت مسمى «أريد قانونا» التي أطلقتها منظمة «ماري» للتنمية وتتضمن مسودة حقوق ومطالب خاصة باحتياجات أصحاب هذه الفئة في الرقة.
ويقول الناشط ياسر الخلف منسق أنشطة بمنظمة «ماري» ومن حملة «أريد قانونا»: «انطلقت حملتنا المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة منذ أيار/مايو الماضي، وكانت البداية بإجراء لقاءات ومناقشات مع الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومع عدة شرائح من المجتمع المدني والحوكمة والحقوقيين والشخصيات ذات الصلة، فيما كانت المرحلة الثانية هي تبني فكرة نص قانوني وميثاق متوافق عليه حمل إسم (أريد قانونا) تناصرت وانضمت معنا عدة منظمات من المجتمع المدني».
ويضيف: «المجلس المدني بالرقة بدوره كان قد خصص نسبة 5 في المئة من نسبة التعيينات بالشواغر والوظائف، ولكن الأمر لا يتوقف فقط عند العمل، فهناك الأمور الأخرى التي يحتاجها أصحاب الهمم، كالمرافق الخاصة والعامة التي تفتقر لأي تسهيلات لذوي الاحتياجات الخاصة، أيضا قوانين مطبقة واستثناءات في أي من المنشآت في الأسواق والحدائق والشوارع وحتى قوانين السير».
ويتابع: «عملنا مسودة ميثاق يتضمن عدة نصوص ومواد معنية بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة اتفقت عليها عدة فعاليات حقوقية ونشطاء من خلال سلسلة جلسات، ليصار إلى عرضها على المجلس العام بالإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا».
بالمقابل أصدرت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في كانون الأول/ديسمبر الماضي العقد الاجتماعي. وتُعرّف «الإدارة الذاتية» العقد الاجتماعي على أنه «مجموعة الأسس النظرية والعملية والقوانين والقواعد التنظيمية، التي توضع لتحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم وتبين حقوق وواجبات الأفراد والمسؤولين داخل المجتمع».
وجاء في المادة 102 من العقد الاجتماعي للعام الماضي: مجلس الشؤون الاجتماعية والكادحين: يتشكل من المنظمات والمؤسسات التي تعنى بشؤون العمال، الفلاحين، والكادحين والحرفيين، وذوي الاحتياجات الخاصة، والنازحين والمهجرين واللاجئين، ومن أجل أن يضمن مشاركتهم الفعالة في الحياة الاجتماعية، وتأمين فرص العمل لهم يقوم بتطوير الاتحادات والتعاونيات والمدارس المهنية للمساهمة في تأسيس النظام المجتمعي الديمقراطي. والكادحون الفئة الأساسية التي تساهم في بناء المجتمع الديمقراطي وترسيخ السياسة الديمقراطية. ويقوم المجلس بتطوير المشاريع التي تنمي الناحية الاجتماعية والثقافية لدى الكادحين. ويعمل على بناء نظام اقتصادي يحقق القيمة لجهد المرأة. أيضا ينظم ذوي الاحتياجات الخاصة ويفتتح الأكاديميات والمراكز الخاصة التي تعمل على تمكينهم نفسيا اًو مهنياً ويقدم الدعم المادي للذين لا يمكن تأمين حاجاتهم.
على صعيد متصل أقام مجموعة من ذوي الاحتياجات الخاصة مبادرة شعبية في حديقة عامة وسط مدينة الرقة المرورية أطلقوا عليها إسم «مبادرة السلام» منذ آذار/مارس الماضي في خطوة لتسليط الضوء على واقعهم وحقوقهم ومطالبهم.
ويقول الناشط أحمد الشريف وهو أحد القائمين على المبادرة: منذ ما يربو على الثمانية أشهر نجتمع مساء كل يوم سبت في الحديقة المرورية بالرقة، وهو اعتياد أسبوعي نلتقي فيه مع بعضنا من ذوي الاحتياجات الخاصة ونتبادل الآراء والأفكار والاحتياجات ونعزز تصميمنا على الخروج بمطالب، غايتها تسليط الضوء والحشد والمناصرة للفئة المهمشة من المجتمع التي تضررت جدا نتيجة ما حدث في كامل سوريا والرقة على سبيل المثال لا الحصر، والمشاركون هم رياضيون سابقون وناشطون وحقوقيون ومواهب كبيرة تحدت الإعاقة الحركية والظروف لتصل لمبتغاها وهو تنفيذ مطالبهم المحقة وتفعيل قوانين خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة.