عمر يوسف

شمال سوريا- أثار مشروع قانون الآداب العامة الذي طرحته حكومة الإنقاذ المعارضة والعاملة في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام شمال غربي سوريا ردود فعل متباينة بين مرحب للقانون ومشجع له لتحصين المجتمع، وآخر معارض ورافض له يجد فيه تقييدا للحريات العامة.

ويتضمن القانون مجموعة قواعد وأحكام متعلقة بالنظام الأخلاقي والسلوكي للأفراد والمجتمع تشمل 128 مادة، من أهمها إنشاء شرطة للآداب العامة، وفرض الحجاب على الفتيات فوق 12 عاما، ومنع تشغيل الأغاني في الأماكن العامة، ومنع الاختلاط في العمل بين الجنسين.

ويمنع القانون الجديد المعازف والعروض المرئية وإيذاء الجوار بالضجيج، ومنع التدخين في المؤسسات العامة والخدمية والمرافق العامة المغلقة، ويلزم أصحاب صالات الأفراح بتوظيف عاملات في صالات الأفراح النسائية، ويمنع إطلاق النار أو استعمال السلاح في الأفراح، كما يمنع تقديم الأراجيل في المطاعم والمقاهي.

في حين تضطلع شرطة الآداب العامة بمهام أبرزها الرقابة على وسائل الإعلام الطرقية، ووسائل التسلية والترويح، والمؤسسات التجارية والصناعية والخدمية والطرق والمرافق العامة، ومنع مخالفات الآداب والذوق العام فيها.

قيم المجتمع

"الجزيرة نت" استطلعت آراء عدد من الأهالي في إدلب شمال غربي سوريا، للوقوف على ردود الفعل من قبل السكان لمشروع القانون.

ويرى الشاب من مدينة إدلب محمود العابد أن المشروع مفيد جدا للحياة العامة، كونه يراعي قيم الدين الإسلامي والعادات والتقاليد في المجتمع السوري، ولكن قد لا يلقى القبول الإيجابي لدى جميع شرائح السكان.

وقال العابد -في حديث للجزيرة نت- إن أبرز ما أثار اهتمامه ضمن مشروع القانون منع تشغيل الأغاني ومنع القيادة الرعناء والاختلاط في أماكن العمل دون رقابة، مشيرا إلى أن البند الأخير قد لا يلقى رواجا من الجميع.

بدوره، أكد عزيز الإدلبي (اسم مستعار) أن القانون يحد من الحريات العامة، ويتدخل في سلوكيات شخصية، من قبيل منع شرب الأراجيل في الأماكن العامة أو الاستماع للموسيقى والأغاني، معربا عن رفضه لمواد عدة في مشروع القانون.

من جهتها، اعتبرت الطالبة ياسمين (تحفظت على ذكر اسمها كاملاً) أن القانون إيجابي في ضبط عدة أمور مخلة بالآداب العامة في الطرقات والأسواق، لكنه سلبي في مسألة منع الاختلاط في العمل، لكونه يحد من عمل المرأة، ويمنعها من الاستفادة من الفرص في سوق العمل.

فكرة المركزية

لكن الباحث في الشأن السوري عرابي، يعتقد أن مشروع القانون يأتي من تأكيد "هيئة تحرير الشام" وحكومة الإنقاذ على فكرة "مركزية" الحكومة والسلطة، بعيدا عن العشوائيات في الأفكار، مؤكدا أن الفترة السابقة شهدت وجود شرطة الحسبة في ظل غياب قانون ضابط وناظم للعمل، وبالاعتماد على الذاكرة الفقهية للعناصر.

وقال عرابي، في حديث للجزيرة نت، إن مشروع القانون يحمل لوائح واضحة للتأكيد على "حاكمية الشريعة"، في ظل ما تردد في الآونة الأخيرة عن ابتعاد هيئة تحرير الشام عن الدين والأدلجة، لتظهر في مشروع القانون الأخير بعدها الديني والشرعي أمام الناس.

وأكد عرابي أن ما ورد في مشروع القانون هو من ثقافة المجتمع والشريعة الإسلامية، وهو موجود في القانون الجزائي السوري، معربا عن اعتقاده بوجود متحيزين ضد الهيئة يرفضون القانون، ومنهم من يريد أن يتصيد الأخطاء، ويتهم الحكومة بالتشدد في تطبيق القانون.

مدينة إدلب - الشمال السوري

شروط الانتساب

وكانت وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ أعلنت بداية يناير/كانون الثاني الجاري، عن فتح باب الانتساب للعمل ضمن شرطة الآداب العامة وفق شروط محددة، واستمر الإعلان لغاية السابع من الشهر نفسه.

واشترطت الوزارة أن يكون المتقدم خريجا من كلية الشريعة أو معهد شرعي متوسط، وأن يكون بين الـ30 والـ40 عاما، وغير محكوم بجناية أو جرم شائن، وأن يجتاز الدورة التي تقررها الوزارة.

الجزيرة نت حاولت التواصل مع وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ للوقوف على رأيها بشأن مشروع قانون الآداب العامة أو ملف شرطة الآداب، لكن الأخيرة رفضت التصريح في الوقت الحالي، وردت بأن الفترة الحالية هي لاختيار العناصر المشاركين في مسابقة اختيار عناصر الشرطة.

JoomShaper