لها أون لاين
من قال بأن الإسلام في الشام قد انتهى عهده؟ وصار إلى المتاحف, ولم يبق منه سوى طقوس احتفالية وعمائم تلتف فوق لحى مشذبة، وتصطف إلى جانب صلبان تزين خلفية الصورة في الاحتفالات الرسمية, لتنقل للعالم رسالة كاذبة عبر وسائل الاعلام توحي أن سوريا بخير، وأن الإنسان فيها يحترم لإنسانيته مهما تكن عقيدته؟
من قال: إن الشام قد أذعنت لأمر لا يسمح إلا بشعائر ظاهرها العبادة والأذكار, وباطنها ولاء مطلق للسيد الحاكم بعدما ملأت أصنامه وأصنام أبيه كل ساحات البلاد وميادينها وإدارات المؤسسات في كل مدينة وقرية تنتمي للشام, وأنها تخلت عن الإسلام عقيدة وتقوى ومنهاجا  يشمل من تقليم الأظافر إلى السياسة الدولية؟ من قال: إن الشعب انشغل بحاجات يومه, وغفل عن إسلامه روحا ومنهجا للحياة وما بعد الحياة؟ وبأنه غبي يصدق إعلام النظام ويجهل أن معاهد الأسد لتحفيظ القرآن الكريم ما هي إلا ستارة أقيمت لإبعاد الناس عن معاني وقيم القرآن الكريم, وأن لا أحد في سوريا, يكترث لاحتفالات أرباب الشعائر الدينية التي تقام في الأعياد، ومرة واحدة كل سنة في رمضان, يحضرها الطلاب المتخرجون من تلك المعاهد, الحافظون لكلام الله كما يحفظه شريط مسجل, دون أحكامه؟
سنوات مرت على سوريا, بعد فشل الإخوان المسلمين في حركة الثمانينات، وما تلاها من مجازر وتوحش للقوى الأمنية, كان فيها كل مظهر من مظاهر التقوى تهمة, لو تناولت كأس الماء وسميت بالله قبل شربه لجحظت من حولك العيون: أنت متدين؟ والمتدين بحسب تقديراتهم لا بد أنه يوالي تياراً من التيارات الإسلامية, والتيارات الإسلامية في سوريا تتمثل بالإخوان المسلمين, أنت إذاً من الإخوان المسلمين؟ أو أنك تؤيدهم في سرك وقد فضحك سلوكك؟ هذا معناه الإعدام بلا محاكمة, وفقاً للمادة 49 من الدستور, فأنت بذكرك لاسم الله قبل شربك للماء تعلن بأنك شخص خطير, يهدد أمن البلاد, سيتباعد عنك الأصدقاء خوفا وهلعا, لذلك عليك أن تشرب الماء بصمت, أو اذكر الله في سرك, في سرك فقط, ولا تدخل هذه الدوامة التي لن تتوقف عندك، بل ستتمدد لتشمل أصدقائك وأهل بيتك, وعشيرتك, تخويفا ورعبا.
من قال بأن هذا الحال يمكن أن يدوم؟
لقد نزل الشباب إلى الشوارع مكبرين مهللين, تفيض بهم المساجد فيؤدون الصلاة في باحاتها، وعلى الأرصفة خارج أسوارها, يخرجون من صلاتهم ليتظاهروا ويطلقوا أصوات حناجرهم منادين بإسقاط النظام, وأي نظام؟ نظام قائم على النهب والفساد من أول درجة في سلمه، حتى الدرجة الأخيرة, قلب المفاهيم وسمى الأشياء بغير أسمائها, صارت الرشوة في عرفة تسمى (بالمعلوم) والاختلاسات والسرقات( شطارة)، والتقي الذي يتورع عن ارتكابها (غبي) لا يستحق المناصب ولا العيش الكريم, وصار حجاب المرأة (خرقة)  تزري بلابستها, وتجعلها في مرمى التهكم والاتهام, وهجرت المساجد إلا من بعض العجائز الذين لم يبق لهم في دنياهم ما يخافون عليه, ونشطت الحسينيات وحلقات اللطم تنشد أناشيدها باللغة الفارسية, حتى ملأت أركان دمشق وأسواقها, وامتدت إلى كل المحافظات السورية.
بغفلة عن عيون الرقباء, وعن فروع المخابرات المنتشرة كالجراد في حياتنا, وبمشيئة الله وحده, انفجر البركان, وعلت هتافات الله أكبر في كل المدن والقرى, في كل الشوارع والأزقة والشرفات, أية قوة بشرية تقدر على لجم بركان ثائر؟ أية قوة تستطيع إسكات أصوات تهتف (الله أكبر)؟
من قال إن سوريا استسلمت للذل ولن تنهض من جديد؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: كاتبة سورية حرة.

JoomShaper