المدون محمد كناص
لاحق صيادون ثلاثة ذئباً في إحدى الجبال؛ فاندس الذئب في مغارة ناجياً بنفسه من هلاك في معركة غير متكافئة!… تلك المغارة لم يكن لها سوى فتحة تتسع لدخول جسم بحجم الذئب أو لرأس إنسان!.
لم يجزع الصيادون بل جلسوا مختبئين وراء صخرة مواجهة للمغارة ينتظرون أن يبين لهم الذئب فيردوه قتيلاً بطلقات بنادقهم النارية!.
اختبأ الذئب في جوف المغارة والتزم الهدوء، وبدأ يلعب مع الصيادين لعبة الملل!… فإما يمل الصيادون ويعودون أدراجهم أو يمل الذئب فيخرج ويُقتل!…
فقد أحد الصيادين الثلاثة صبره وتوترت أعصابه؛ فترك مكانه واتجه يلتمس خبر الذئب في المغارة! فدس رأسه في الفتحة!… إلا أن الصياد بدا لأصحابه هادئاً أكثر من الذئب في فم المغارة!… فانتظروه أن يتحرك إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث! فصاحبهم لوقت مضى وهو ملقي بقفاه لأصحابه ورأسه كأنما الجبل ابتلعه، وهو لا يسحب رأسه ولا يتقدم مليماً واحداً!…
هرع الصيادان إلى مكان صحابهما فوكزاه فوجداه من دون رأس!… فتعجبا من أمر زميلهما!… وأخذتهما الدهشة وبدأا يتحزران إن كان لصاحبهما رأساً! فقال الأول للثاني: أنا أجزم أنه لم يكن يملك رأساً فيما مضى! فأجابه الثاني: إننا ننهي المشكلة بسؤال زوجته إن كان لزوجها رأساً أم لا؟!…
حمل الصيادان الجثة ودخلا بها إلى القرية وأخبروا أهلها بما حصل، واجتمع بهم رجال وشيوخ وجميعهم لم يعرفوا إن كان لذلك الرجل رأساً في فيما مضى!… ذهب الجمع إلى بيت الزوجة في طرف القرية وسألوها إن كان لزوجها رأساً أم لا؟ فقالت الزوجة: لا أعرف!… ولكن كل ما أذكره أن زوجي في بداية كل عام كان يشتري قبعة جديدة!…
تلك الزوجة أنهت خلافاً جدلياً كاد يقض مضجع القرية للإجابة على ذاك السؤال؛ فهي لم تدخل معهم في النظريات والمسلمات حول تكوين الإنسان؛ إنما جعلت أفعال زوجها هي الفيصل حول تكوين أي شخص عندما أخبرتهم إنه كان يشتري قبعة في بداية كل عام!.
عندما اشتعلت الثورة في سورية وخرج الناس يهتفون للحرية؛ اختلف كثيرون حول حرية سورية وإن كان لها حق بذلك أم لا… فمنهم من بدأ يسأل عن ماهية الحرية… ومنهم من أخذ يشتم الحرية… بل بالغ البعض في إنكار شيء اسمه حرية…
إن أطفال درعا لما أدخلوا رؤوسهم إلى جحر المجرم بشار الأسد يطالبونه بالحرية؛ قام بخلع أظافرهم وقطع رؤوس نظرائهم كما فعل ذاك الذئب بالصياد، وأخذ بشار الأسد يتساءل كما الأغبياء أصدقاء الصياد هل يا ترى لسورية حق بالحرية! وهل كانت أصلاً حرة!… وراح بشار عند نظرائه من الذئاب في طهران وموسكو يستوضح بمزيد من الغباء عن حرية سورية!… فما أجابوه إلا بما أجاب الجمع في تلك القرية!… إلا أن أطفال درعا لم ينتظروا الإجابات التنظيرية ولا المسلمات التي يبنيها بشار عن الحرية، بل، كان جوابهم كما جواب الزوجة “بذكر الأفعال والقيام بها، والخروج للحرية بدل التنظير لها” فذهل العالم أيضاً، وأخذته الصعقة عن حرية سورية، وتخطفته الآراء عن حق سورية بالحرية، وهو حتى الآن ينظر إلى رؤوس السوريين تخطفها مخالب الذئب بشار في جغرافية الموت السورية التي لا تختلف عن مغارة ذاك الذئب في الجبل، ولا يستطيعون حتى اللحظة الإجابة عن سؤال هل لسورية والسوريين حق بالحرية!…
بل، حتى اللحظة أعياد أربعة تمر على سورية وأبناؤها لم يعايدهم أحد سواء من الزعماء أو الشعوب!… وكأنهم مختلفين حتى في هذه!… فهل كان لسورية عيد قبل اليوم!…
هل كان لسورية عيد!…
- التفاصيل