عبد السلام إسماعيل
قيل كثيرا عن إستثنائية وعظمة الثورة السورية، وإن كان مفهوم العظمة أو الإسثنائية يأتي من الظروف والسياقات التي تحيط بمسيرة الثورة والعقبات التي تحاول التغلب عليها فضلا عما تهدف إليه. يبقى وصفها بذلك وصفا نسبيا من جهة أن الوقت وسيرورتها المستمرة لا يتيحان لنا التحرر من التفاصيل والأحداث المستمرة بما يسمح لنا النظر إليها عن بعد كتجربة ناجزة ومكتملة، وهو أمر لن يتأتى إلا بعد سنوات من إنقضائها. ربما وقتها نصبح أكثر قدرة على الحديث عنها، وأكثر تبصرا فيها، فما يقال اليوم هو مجرد تفاعل أولي مع أحداثها وانعطافاتها الكثيرة، سينظر إليه في وقت لاحق على أنه جزء لا يتجزأ منها. وقتها تكتسب عظمتها واستثنائيتها من النتائج التي تترتب عليها وبالمنجزات التي ستحققها. وما يمكن قوله الآن عن أحد وجوه هذه الإستثنائية، هو قدرة الثورة غير المسبوقة على النفاذ إلى شرائح واسعة ومتنوعة من الشعب لا رابط بينها من قبيل الروابط والتقسيمات التقليدية على المستوى المناطقي والطبقي أو الثقافي والديني، هي ثورة شعب كامل يتطلع إلى تقرير مصيره والعيش بكرامة وحرية، ويريد الإحساس بقيمته كإنسان، كصرخة تردد صداها “أنا إنسان ماني حيوان وهالعالم كلها متلي” .
وعلى نفس الصعيد، تعتبر المشاركة الكثيفة للمرأة من أجمل وجوه الثورة السورية، وهو أمر لم يحدث في تاريخ الثورات أن كان للمرأة دورا بارزا وخصبا كما هو دور المرأة السورية، ولعله معروفا أن أحد مخاضات الثورة السورية الأولى بدأت من دعوة سوريات إلى وقفات تضامنية مع ثورات الربيع العربي، كانت تلك الدعوات تمرينا لكسر إحتكار السلطة حق الحشد الشعبي في سبيل قضايا تتصل بمصالحها.
لقد كانت الثورة الإطار الملائم للرد العملي على كل الأفكار التي انتشرت حول محاولات تنميط المرأة في مفاهيم باب الحارة المنحطة والضحلة ثقافيا. فساهمت المرأة في كل مجالات الثورة، دعمتها ثقافيا، وإغاثيا وعلى مستوى التوثيق وتنسيق العمل الثوري مناطقيا والمشاركة في التظاهرات، وإمتدت حتى إلى المشاركة في حمل السلاح.
من هنا، خصص موقع الصفحات السورية عدد هذا الأسبوع لتلونه المرأة السورية بحروفها وكلماتها، كتحية متواضعة من الموقع إليها وإلى دورها العظيم في هذه الثورة.
ومن خلال تجربتي القصيرة في موقع الصفحات السورية، كنت أعاني كثيرا من ضعف إستجابة الكتاب السوريين وعدم تكلفهم عناء الرد في أحيان كثيرة غير أن المرأة كانت مختلفة كالعادة ومعطاءة، فكانت المشاركة تفوق توقعاتنا، لا يكفيها عدد واحد ولا يوفيها حقها أيضا. مما وضعنا في حيرة كبيرة في الإختيار والنشر لما للمشاركات من غزارة وتنوع. قد تتفاوت المشاركات وتختلف بالنوعية بما هو تفاوت طبيعي بين أسلوب الكاتبات وإختلاف ميدان الكتابة. غير أن جميع ما خطته أيدهن عزيز علينا، وسيدفعنا ذلك إلى الحرص على فرد أعداد قادمة نتركها كمساحة حرة تملؤها نساء سورية بما يطيب لهن من مشاركات.

تحية مرة أخرى إلى المرأة السورية.
ملاحظة: قمنا بترتيب المساهمات تبعا للترتيب الأبجدي لأسماء الكاتبات.
—–

اللوحة للفنانة رندا مداح، وهي تشارك بلوحاتها في محور: بمثابة تحية إلى نساء سورية.
خاص – صفحات سورية -

JoomShaper