بقلم: سوري حر
أنا السوريُّ لا تعجب...
وقبل الحرفِ أن يُكتب ...
حروفي كانت المذهب
أُعلّمُهم بحفرِ الصخرِ
كيف الشمسُ أن تُكتب!!!
وكيف تُعبَّر الأقمار والأنهار.... والمجداف ... والمركب
وكيف الفجر يبتسم... وكيف الصبح يرتسم
وكيف الطفل أن يلعب
وكيف البلبل الصدّاح ...
بكلّ صباح...
يغنّي: شآآآآآآم
في تغريده الرنّام ...
لا ينسى... ولا يتعب
أنا السوري ... لا تعجب
بلادي مهد أمجاد...وآيات... كرامات ... فلا تعجب
أنا التاريخ ... قبلي لم يكن تاريخ... لا قلم... ولا قرطاس...
لا حرف... ولا كُتبٌ ... ولا مكتب
أنا الطهر الزلال: طُهر الضرع والمشرب
أنا الفيحاء والشهباء... والفردوس.... والملعب
أنا الخابور والرحبة... أنا الساحل... أنا إدلب
أنا حوران: ومن طيني تسرّق لونه الزنبق
ويوم فضحت جرأته تمايل فاخرا يلعب
أنا الخيرات والبركات والصلوات والمعراج
والأسباب والغايات والترنيم والأشعار كي تطرب
ومن حرّان خرجت أقارع الشيطان
والسلطان والسجّان... لم أعيَ ولم أرهب...
فلا تعجب
أنا حمص... وسيف الله لم يغفو... سوى في حمص... لا تعجب
فتاه بطيب منزله كلّ الطين... وأضحى طينها أطيب
أنا الساحل... أنا جبلة... وفيّ توشّح القسّام
سيف العزّ والإسلام
وجاد بنفسه يصرخ: لنا الأقصى... لنا حيفا... لنا يافا
ولن نُغلَب... ولن نَغلَب ... ولن نتعب
فلا تعجب....
أنا الأموي ... والزنكي... صلاح الدين.... والعظما...
نزار يطرّز الياسمين في حارات فيحائي
وفي ربوات أحيائي... قصائد حب...
لا تبلى ولا تخبو ... بمَرّ الدهر... لا تنضب
أنا النووي... والشاميّ والحمصيّ والحموي والديري...
أنا السوري لا تعجب... أنا السوريّ لا تعجب
أنا الكافور والبخور... والختمي والياسمين والجوري...
أرضي فوحها زرنب...
وقل: مسك... وقل: عنبر... وقل: ترابي عرفه أطيب
أنا بردى ... أنا العاصي ... فراتي طعمه عسل...
وقل: عسل... وقل: أطيب
أنا السوريّ لا تعجب...
فأصلي نسل عدنان...
ومن يعرب... أنا أعرب
وبي وصّى نبي الله....
وقال: الشام بركتكم... إليها المفزع المهرب
وفي أكناف غوطتها: عيسى سيهبط ... يقتل الدجال
ويسجد في ثراها شاكرا للرب
أنا السوري لا تعجب
وإن أغضب...
فبركان: لظاه الويل ... لا تقرب
أنا السوريّ لا تعجب
وإن أغضب....
فزلزال... وطوفان ... وزلزال ولا مهرب
أنا السوري: إن أصبر ...
فأيوب لصبري منه قد يعجب
وإن أغضب: فسمّي يقتل العقرب
ولا تعجب...
سلوا الغدّار والمكّار والغازي
سلوا تيمور... سلوا غورو
سلوا عن صبري الصخريّ...
وعن صمتي ... وعن صبري...
وعن صمتي ... وعن صبري
وعني حين أُستغضب
سيخبركم: بأنّ النوم طلّق عينه اليمنى...
واليسرى بدت أرعب
سيخبركم بأنّي حرّ وابن أحرار
لم أركع... ولن أتعب
وأنّ الموت أمنيتي... أفرّ إليه أتوثّب
فلا تعجب
وأني حضن من فاء ومن جاء ومن جاع ومن أغرب
وأني وطن من شُرّد ومن أُبعد ومن عُذّب...
وأنّي غوث لهفان وخوفان وجوعان ....وللعطشان أنا الأعذب
وأني مرضع ناصح... وقل: أمٌّ... وقل: أقرب
قضيت العمر في تلقين أولادي
بلاد العرب أوطاني... من الشام لبغدادِ
ومن نجد إلى يمن ... ومن مصر إلى المغرب
ويوم هتفت: حريّة!!!
بخيمة لاجئ أُصْلب
ألا تعجب؟!!!!!
ويوم هتفت: سلميّة
بزخّ النار أن أُضرب!!!
وحين فضحت خطّتهم: وخان الأقربُ الأقرب
بصحراء لهم أُرمى بين الأفعى والعقرب!!
أبقوني على رمق... بنزع الموت أتعذّب
وأُسقى من نقيع الذل... بئس المشربُ المشرب
ألا تعجب؟
لكني أنا السوريّ من صفوان أوصالي... ومن صخر... وقل: أقسى...
وقل: أَصْلب
لكني أنا السوري من جدّي ورثت العزّ:
من خالد ومن سعد ومن حيدر ومن عمر ومن حمزة ومن مصعب.... فلا تعجب
غداً... وبعد الظلم ما يذهب
فجري سوف ينفلق
ويملأ أفق آفاقي.... وأسجد شاكراً للرب
وأصدع ملأ حنجرتي: أنا السوري... لا تعجب.
أنا السوريُّ لا تعجب
- التفاصيل