*صحيفة النهار- أورينت نت
المرأة السورية والثورة
أمّ الثوار في دمشق، بعدما فقدت اثنين من أبنائها، آثرت اعتبار شباب "الجيش السوري الحر"، بمثابة أبنائها، واعتنقت دوراً في الثورة، تُعِدّ من خلاله الطعام للثوار، وتغسل ثيابهم، وتشد أزرهم، وتحضّهم على الصبر بكلمات حنونة تشي بقلب طيّب. تبكي أمّ الثوار أبناءها الشهداء، لكنها تردف: "حرقوا قلبي على أولادي، بَس معليش، فِدا سوريا، وأنا كمان فِدا سوريا". أما في الكهوف، والسهول التي افترشها سوريون باتوا بلا مأوى، فتجمع الجدّة في ريف حماة فتات الخبز اليابس، تطعِم منها الأطفال الجوعى بحرص شديد. ألا يقول المثل الشعبي: "ما في ولا صَرّة ما بتسند جَرَّة"؟ وبينما تروم الأمّ براري إدلب، بغية جمْع حطب توقده لطهي قليل من البرغل أو الأرز؛ تنهمك شابات في الرقة في التزيين والرسم، وفي حياكة أعلام الثورة الخضراء، رمز الخلاص الوحيد من المأساة بالنسبة إلى كلّ مؤمن بالثورة. إنه العلم الذي كان بمثابة أيقونة حُبّ وسلام في أيادي سوريات شاركن في التظاهرات السلمية في شمال البلاد وجنوبها، وغربها وشرقها.

أقطع المسافات زحفاً، اتقاء رصاص القنّاص، لكي أصل إلى المستشفى الميداني، وأعالج المصابين والجرحى. هذا ما تحكيه طالبة جامعية في كلية الطب، تركت الدراسة، لتنخرط في الثورة، وتتفرّغ لهذا العمل الإنساني الجبّار. تضيف: "أنا ما بخاف، ليش بدّي خاف؟ وما مارس إلي تطلبه منّي مهنتي الإنسانية؟ أنا بِدْعي على كل طبيب وكل شخص كانْ قادر يساعد وما ساعد".

على أحد الحواجز الأمنية العسكرية التابعة للنظام، اعتُقِلت صبيّة رائعة نُبلاً وثقافةً ووعياً. كانت عبير رافع، تنقل الغذاء والدواء إلى المحاصَرين في ريف دمشق. في أثناء "جرّها" إلى سيارة الاعتقال، بعد تغطية وجهها بكيس أسود، صاحت عبير: "ليش بدكم تاخذوني؟ أنا رايحة ودّي أكل ودَوَا للناس الشرفاء إلّي سوّدتم عيشتهم. اتركوهم، اتركوني"، وفق ما روته لنا إحدى قريباتها. منذ ذلك اليوم، غربت شمس عبير في سجون نظام الإرهاب، ولا تزال حتى اللحظة، مجهولة المصير، أما التهمة الموجهة إليها، فهي "الإرهاب"!

*علا شيب الدين

JoomShaper