لها أون لاين
في يوم 16 من شهر يونيو الجاري اجتمع أكثر 500 عالم من علماء الإسلام بفندق "فيرمونت" بالقرب من مطار القاهرة الدولي، لتداول أمر الشعب السوري وما يتعرض له من مذابح بشعة، ليصدروا الفتوى التاريخية بوجوب الجهاد بالمال والنفس نصرة لأهلنا المسلمين في أرض الشام المباركة.
تلت هذه الفتوى المباركة حالة من الارتياح والترحيب بعدما قال العلماء كلمتهم في أمر مصيري تواجهه الأمة في بقعة من أعز البقاء على قلب كل مسلم.
كما كان الترحيب كبيرا بتأكيد العلماء على رفض التدخل الأجنبي في شأن الشعب السوري، وكذلك المطالبة بخروج حزب الله الرافضي بالخروج من الأراضي السورية، ودعوة البلاد العربية والإسلامية لمؤازرة الشعب السوري للتخلص من الظالمين.
هذه الوقفة من علماء الأمة كانت في غاية الروعة والأهمية، فقد أبرقت للعالم كله أننا أمة واحدة وجسد واحد، وأنه من غير الممكن السماح لتوجيه الثورة السورية بما يخدم مصالح أعداء الأمة من المتربصين بالشعب السوري.
وبعد إعلان علماء المسلمين، توالت الأنباء تحمل خبر قرار الإدارة الأمريكية عزمه تقديم المساعدة العسكرية للجيش السوري الحر الممثل الشرعي للثورة السورية.
وكان هذا الخبر الأخير كفيلا بالتشويش على ما أنجزه أكثر من 500 عالم من علماء المسلمين إعلاميا، وتوالت المظاهرات والاتهامات لعلماء الأمة أنهم استجابوا لقرارات أمريكا، وأن أمريكا هي من أوعزت لهم بهذه الفتوى!

والواقع أن هذا القرار السريع من قبل الإدارة الأمريكية، غاية في الذكاء، فهو يستثمر المغالطات الذهنية التي سقطنا فيها، بالتعود على تبعية أنظمتنا العربية في دول الربيع لأمريكا قبل سقوطها، وبالتالي فمن السهل توجيه الرأي العام نحو عمالة هؤلاء العلماء الأجلاء لأمريكا!

لكن الحقيقة أن هذه طريقة غربية قديمة، في إفساد ثقة الشعوب بعلمائها وقادتها، فيذكر لنا التاريخ أن جامعة الدول العربية واجهت برفض من إنجلترا حين رأت فيها وحدة وقوة للأمة، حين قرر العرب إنشاء جامعتهم في أربعينيات القرن الماضي.

وحين يئست إنجلترا من إثناء الدول العربية عن قرارهم؛ بادرت بتأييد الجامعة على الفور، وبدأت ماكينتهم الإعلامية في بث الدعاية، التي تؤكد عمالة الجامعة لإنجلترا، مما أفقد الشعوب الثقة في جامعتهم من وقتها، حتى يومنا هذا!

إننا في مرحلة جديدة، تيبست فيها قوة الغرب وشاخت، وأذنت أيامها بالزوال، فقد آن الأوان أن يتسيد الإسلام المشهد من جديد، فلا نستغرب المواقف الوطنية الحقيقية والجادة للقادة المسلمين، على المستوى السياسي والمستوي الشرعي والفقهي، فنحن نعيش حقبة مختلفة تماما، ولابد أن نخلص أنفسنا وخيالاتنا من كل صور التبعية للغرب الذي كان يصر عملاؤه من المثقفين والإعلاميين في بلدنا على فرضه علينا وكأنه قدرنا!

إن الأيام تدور دورتها، والتاريخ يعتدل من جديد، لتعود بلاد الشام إلى الصدارة، لتؤدي دورها الريادي في نهضة الأمة وتسيدها على العالمين.

JoomShaper