ليس الحمل بمرحلة سهلة بالنسبة إلى المرأة، بل عليها الاهتمام بصحتها عبر تناول غذاء سليم وتجنّب الإصابة بأي عدوى للحفاظ على صحة جنينها وتجنيبه المخاطر. إليك بعض النصائح فخذي بها.
بعض الفيروسات، البكتيريا والطفيليات لا يشكّل خطراً على الأم، لكن حين يدخل مجرى الدم، قد يجتاز حاجز المشيمة ويدخل جسم الجنين. نتحدث هنا عن اللسيتيريا والتوكسوبلازما. ما هي إذاً الأطعمة التي يجب تجنّبها خلال الحمل للوقاية من هذه المخاطر؟
الليستيريا
بكتيريا شائعة، نجدها لدى امرأة حامل من أصل كل مئتين حول العالم. حين تُكشَف في الوقت المناسب، يسمح العلاج بالأجسام المضادة بحماية الجنين. قد تتسبب الليستيريا بالسحايا، وقد تصيب أيضاً عيني الطفل وقلبه على حد سواء. لذلك يساعد تجنّب بعض الأطعمة خلال الحمل في الوقاية منها. فما هي؟
- الحليب غير المطبوخ والأجبان المصنوعة منه.
- قشرة الأجبان غير المطبوخة، مثل جبنة الكاممبرت أو البري.
- اللحوم والأسماك النيئة أو شبه النيئة.
- اللحوم المعالجة والمحفوظة منها، الكبد، والمنتجات الهلامية.
- السمك المدخّن.
- المحار النيء.
- الخضار النيئة غير المغسولة.
- الحبوب المنبّتة غير المطبوخة كالصويا.
التوكسوبلازما
ثمة نساء غير حصينات تجاه التوكسوبلازما (حامل من أصل اثنتين حول العالم). تُكشَف هذه الحالة عند فحص الدم خلال بداية الحمل.
في حال كانت الحامل ذات مناعة ضعيفة، يجب مراقبة وضعها خلال أشهر الحمل. فإذا رصد الطبيب الكائن الطفيلي، يصف علاجاً بالأجسام المضادة لمنع إصابة الطفل. تذكّري بأن التوكسوبلازما قد يسبب الإجهاض أو يخل بنمو الطفل.
لذلك يجب اتّخاذ بعض الإجراءات الوقائية لتجنّب التقاط العدوى، كغسل اليدين بعد ملامسة التراب (الأفضل تجنّب العمل في الحديقة أو ارتداء قفّازات)، أو اللحم النيء. في سياق متواز، لا بد من تجنّب بعض الأطعمة:
- اللحوم النيئة أو غير المطبوخة كما يجب.
- لحوم الصيد المدخّنة أو المنقوعة في الخل.
- الرخويات النيئة.
- الخضار، الفواكه، والأعشاب العطرية النيئة وغير المغسولة بعناية.
البدانة
يبدو الحمل أكثر تعقيداً لدى النساء البدينات. وردت التوصيات التالية الخاصة بالوزن في دراسة أميركية:
- يشكّل كسب الوزن خلال الحمل دوماً مسألة حساسة، حتّى بالنسبة إلى اللواتي لم يكن بدينات قبل الحمل. التوصيات بسيطة نسبياً. بالنسبة إلى البدينات (يتخطّى مؤشّر كتلة الجسم لديهنّ الـ30)، يجب أن تتراوح زيادة الوزن بين ستة و10 كيلوغرامات، في مقابل 11 إلى 16 كيلوغراماً لدى النساء ذات الوزن العادي.
- يجب التعامل مع مسألة زيادة الوزن خلال الحمل بجدية. يعتبر عدم كسب ما يكفي من الوزن عامل خطر قد يؤدّي إلى ولادة الطفل قبل أوانه أو ولادته بوزن ضئيل. كذلك تولّد الزيادة المفرطة في الوزن خطر حدوث مضاعفات لدى الطفل (حجم كبير جداً) ولدى الأم (سكّري، ارتفاع ضغط الدم). حين ندرك بأن البدانة بحد ذاتها تولّد مسبقاً هذه المخاطر، نفهم بأن هذا الموضوع مهم لصحة الأم.
- تُنصَح النساء الحوامل، سواءً كنّ بدينات أم لا، بعدم التركيز على الكيلوغرامات، وإنما باتّباع نظام غذائي ذات جودة عالية وتجنّب الإفراط في الأكل خلال الحمل وباقي الأوقات.
في هذا المجال، عمدت دراسة حديثة أُجريت في الولايات المتحدة على عيّنة صغيرة من النساء (العدد الإجمالي 232 امرأة) إلى تقييم نتائج حمية أجرتها النساء البدينات والحوامل. انضم نصف النساء إلى المجموعة 'المرجع'، وكن يتلقين نصائح عامة فحسب خلال لقائهن باختصاصية تغذية. أمّا النصف الآخر فجرت متابعته من خلال مواعيد منتظمة وأُوصيت النساء في هذه الفئة باتّباع حمية متوازنة وكان عليهن تدوين الأطعمة التي تناولوها. لم تكن الحمية مقيّدة جداً، وطُلب من النساء عدم قياس وزنهن للتركيز على نوعية غذائهن وليس على عدد الكيلوغرامات.
- في النهاية، بلغ متوسط وزن النساء، موضوع الدراسة، أقل بـ13 كيلوغراماً مباشرةً قبل الولادة مقارنة باللواتي تلقين متابعة عادية. بالنسبة إلى اللواتي كسبن أقل من خمسة كيلوغرامات (حتّى أن 40% منهن فقدن بعض الوزن)، بلغ معدل الولادات القيصرية مستوىً عالياً، بينما كان أقل ارتفاعاً لدى المصابات بالسكري. يُشار إلى أن وزن الطفل لم يتأثر بشكل كبير بسبب الزيادة البسيطة في الوزن. استنتجت هذه الدراسة بأن النساء البدينات لا يحتاجون فعلياً إلى كسب الوزن خلال الحمل.
الغثيان
لتجنّب الغثيان أو التخلّص منه لا يجب تناول أدوية خلال الحمل من دون استشارة طبيب. قد يفرض بعضها مخاطر كبيرة على الجنين، بينما لا يزال الشك يحيط بالأدوية الأخرى بشأن عدم ضررها خلال الحمل. عموماً، لا يُنصَح بتناول الأدوية خلال الحمل ولا يمكن تناولهن إلا بوصفة طبيب.
عقار بريمبيران
عقار بريمبيران لعلاج الغثيان أحد الأدوية التي لم يثبت عدم ضررها كلياً. لكن الغثيان قد يسبب لبعض النساء إزعاجاً شديداً إلى حد أن الطبيب قد يصف لهن هذا الدواء، وفق حالتهن الصحية. يُشار إلى أنه حتّى الوقت الحاضر، لم تُسجّل أي حادثة تسبب بها هذا الدواء لدى النساء الحوامل.
من جهة أخرى، لم تكشف دراسات أجريت على حديثي الولادة وأمّهاتهن اللواتي تناولن دوار بريمبيران أي خلل لدى هؤلاء الأطفال مقارنةً بالذين لم يتعرَضوا للدواء خلال وجودهن في رحم أمهاتهن. في هذا الإطار، لم يتَضح أي تشوه خَلقي، أو ضعف في الوزن عند الولادة، أو ولادة مبكرة، أو حالات وفاة عند الولادة. هكذا تستخلص هذه الدراسات بأنه من المسموح تناول دواء بريمبيران خلال الحمل شرط استشارة الطبيب مسبقاً.
الحمل المتأخر... معقّد
تؤخّر النساء حملهنّ الأول وسط انشغالهن بحياتهن المهنية والشخصية. بفضل موانع الحمل، تستطيع المرأة اختيار اللحظة المناسبة لذلك. مع ذلك لا يجب أن تأتي هذه 'اللحظة المناسبة' متأخرة. نبدأ بالحديث عن حمل متأخر بدءاً من سن الأربعين، لأنه عند تخطّي هذه السن، تبدأ الخصوبة بالتراجع بشكل طبيعي بينما تزداد مخاطر الإصابة بمضاعفات خلال الحمل. من هذا المنطلق، ينطوي الحمل المتأخر على مخاطر كثيرة ويتطلّب بالتالي متابعة طبية أهم وأدق.
يُذكر أنه منذ ظهور موانع الحمل، انتقل متوسط سن إنجاب الطفل الأول حول العالم من 24 إلى 29 عاماً. لكن حذاري من الانتظار طويلاً. فتأخير الحمل يولّد مضاعفات لدى المرأة كما لدى الطفل. ومع تراجع الخصوبة، قد تفقد المرأة كلياً القدرة على الإنجاب.
تراجع الخصوبة
يتراجع معدل الخصوبة بدءاً من سن الثلاثين، كذلك معدّل انغراس الجنين بالرحم، بينما تطول مهلة الحمل المحدّدة، إذ تنتقل من مدّة تتراوح ما بين خمسة وستة أشهر في سن العشرين تقريباً إلى ما بين 14 و15 شهراً في سن الأربعين.
تتوافر تقنيات تساعد على الإنجاب وقد أثبتت فاعليتها أكثر فأكثر، لكنها لا تعوّض عن التراجع الطبيعي في الخصوبة المرتبطة بالعمر. في المقابل، يولَد الأطفال الناجمون عن مثل هذه التقنيات قبل أوانهم ومصابين بإعاقات عصبية حادة.
زيادة المضاعفات
يرتفع معدّل الإجهاض اللاإرادي مع تقدّم الزوجة في السن، إذ ينتقل من 10% في سن العشرين إلى 90% بعد سن الخامسة والأربعين. من المعروف بأن خطر تشوّه الصبغيات، مثل متلازمة داون، يزداد أيضاً مع تقدّم الزوجة في السن. لكن ثمّة ارتفاع في معدّل أمراض الصبغيات المسيطرة مع تقدّم الزوج في السن (سوء التصنّع الغضروفي، متلازمة مارفان...).
يُشار إلى أن هذا الخطر يُقيَّم عبر فحص السائل الأمنيوني (سحب عيّنة من السائل الأمنيوني خلال تصوير بالموجات ما فوق الصوتية لكشف أي تشوّه محتمل في الجنين)، وهذا فحص مصحوب بخطر متزايد بالتعرّض للإجهاض (يفوق هذا الخطر أحياناً خطر الإصابة بالتشوهات التي كان يُفترَض تجنبها). واليوم، تخضع 15 إلى 20% من الحوامل حول العالم لهذا الفحص، مقارنةً بأربعة إلى خمسة في المئة سابقاً.
في النهاية، تتزايد المضاعفات المرتبطة بارتفاع ضغط الدم خلال الحمل لدى اللواتي تخطّين سن الأربعين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى داء السكّري.
أمّا معدل وفيات الأجنّة داخل الرحم فيرتفع من 4 حول العالم من أصل كل ألف جنين بين سن العشرين والتاسعة والعشرين إلى 10 من أصل كل ألف بعد سن الأربعين.
لذلك على النساء الشابات الاستعلام عن هذه المخاطر لتجنب تأخير الحمل.
جريدة الجريدة