د. أسعد صبر
يعد داء السكري أرضاً خصبة ومثالية للغضب، ويمكن أن يبدأ الغضب بالحدوث مع سؤال: "لماذا أنا؟" وقد تسهب في مدى ظلم داء السكري: "أنا غاضب جداً من هذا المرض! ولن أقوم بعلاجه، ولن أقوم بضبطه. أنا أكرهه!". هناك سبب واحد يجعل داء السكري والغضب يقترنان سوياً؛ وهو أن داء السكري يمكن أن يجعلك تشعر أنك تقع تحت تهديد. ويمكن أن تبدو الحياة مع داء السكري مليئة بالمخاطر- ارتكاسات الإنسولين أو المضاعفات. وعند الشعور بالخوف من هذه التهديدات، حينها ينطلق الغضب في الغالب للدفاع عنك. في الواقع فإن الغضب الخارج عن السيطرة يمكن أن يضر أكثر مما ينفع، ولكن هناك أمور أخرى يصبح فيها الغضب وسيلة للبقاء والاستمرار، لأنه يساعدك أيضاً في الدفاع عن نفسك وحمايتها، وبالنتيجة، يمكنك أن تجعل الغضب يعمل لصالح حصولك على أفضل عناية بداء السكري، بدلاً من أن يكون سبباً في زيادة الخطر حولك.

الغضب والعناية بالصحة
لشرح كيف يمكن للغضب أن يسهم في زيادة حالة مريض السكري سوءًا، أورد لكم جزءًا من حياة إحدى السيدات المصابات بداء السكري، وهي سيدة في منتصف الخمسينات من عمرها، تم تشخيصها على أنها مصابة بداء السكري خلال العام الماضي، وكانت غاضبة جداً لدرجة أنها أصبحت ترى مرض السكري تهديدا حقيقيا لصحتها، ولحياتها أيضاً بالكامل. فهي امرأة فخورة بنفسها، ونشيطة في علاقاتها مع جاراتها وقريباتها، لذلك وجدت أنه من الصعب عليها أن تصرح بـ "ضعفها" بحسب اعتقادها، فلم تكن تريد أن تقوم صديقاتها وقريباتها بإعداد طعام خاص لها. ليس هذا فقط، بل بدأت تشعر أن زوجها ينظر إليها الآن على أنها أصبحت "عاجزة"، وأنها "أقل من امرأة" بالنسبة له. فهذا الإنكار للمرض شحذ غضب هذه السيدة ضد مرض السكري وكل ما يدور حوله من حمية وعلاج. في النهاية أصبحت هذه السيدة عالقة في دائرة الغضب، فكانت غاضبة من داء السكري بسبب تغييره لحياتها، ورفضت أن تواجه احتياجاتها من العناية الصحية، وذلك لأنها رفضت تغيير حياتها. وغدا داء السكري الخاص بها دون عناية، وظلت مستويات السكر في الدم لديها مرتفعة. وبينما كان المرض يستمر دون سيطرة جيدة، كانت تزداد حالها سوءاً أكثر.
وكان غضبها ينمو نحو داء السكري. كي لا تصبح فريسة سهلة إن وجدت نفسك في دائرة الغضب مثل هذه السيدة، فلا يجب عليك أن تبقى عالقاً بداخلها، والطريقة الوحيدة لكسر دائرة الغضب ضد مرض السكري أو أي مرض آخر، هو القيام بثلاثة أشياء، وهي:
1- اعرف ما يجعلك تغضب، وكيف يؤثر هذا الغضب على حياتك؟ وتتبع الأوقات التي تشعر فيها بالغضب. وفي كل مساء، فكر في ما قمت به خلال يومك. ومتى شعرت بالغضب؟ ومتى كان الوقت الذي غضبت فيه؟ ومن الذي غضبت نحوه؟ وماذا فعلت إزاء ذلك الأمر؟ وبعد عدة أسابيع، قم بقراءة ملاحظاتك. هل ترى كيف تبدو؟ عندما قرأت تلك السيدة المريضة بداء السكري مذكراتها اليومية بعد أن دونت ملاحظاتها حول الغضب، تعلمت أن المواقف الاجتماعية هي التي جعلتها غاضبة وليس المرض بحد ذاته. فلم تكن ترغب في التحدث عن داء السكري الخاص بها أمام العامة. وكانت تشعر بالغضب إذا قامت إحدى قريباتها أو صديقاتها بسؤالها عن ما يمكن أن تتناوله من طعام، أو إذا قامت إحداهن بإعداد طعام خاص لها. وعندما كانت تتحدث مع زوجها في الأمسيات العائلية كانت تشعر بأن داء السكري الخاص بها هو محور الاهتمام والحديث.
2- قم بتغيير الأفكار، والاستجابات الجسدية، والأفعال التي تشحذ غضبك. وابحث عن علامات التحذير التي ينشأ غضبك عنها. هل تشعر بالتوتر؟ هل تتحدث بصوت أعلى، وبسرعة؟ عندما تشعر بأن الغضب يعتريك، قم بتهدئة نفسك من خلال:
• التحدث ببطء.
• إبطاء تنفسك.
• الحصول على شربة ماء.
• الجلوس.
• الرجوع للخلف.
• أن تهدئ من روعك.

فالسكوت من ذهب في هذه الحالات. فهذه الخطوات لا تعني أن تتوقف عن الشعور بالغضب، بل تعني أنك تمسك الزمام بغضبك. 3- قم بإيجاد طرق لجعل غضبك يعمل في صالحك. فمذكراتك اليومية الخاصة بغضبك يمكن أن تساعدك على ذلك. قم بقراءة ملاحظاتك مرة أخرى. وانظر إلى كل موقف، واسأل نفسك- كيف كان يساعدني غضبي على مواجهة المرض؟ كيف تجعل الغضب حليفك الهدف ليس أن تقوم بإخراج الغضب من حياتك. فقد تشعر بالغضب مرة أخرى بالنسبة لنفس الأمر. عند شعورك بالتهديد، والخوف، والانفعال، فالغضب يكون ردة فعل طبيعية لذلك. ولكن باستطاعتك أن تجعل الغضب يعمل لصالحك. فربما يكون الغضب إشارة لجعلك تتخذ الإجراء المناسب. فبعض الجلسات مع مستشارك الماهر يمكن أن تساعدك. الغضب يمكن أن يكون قوة نحو القيام بعمل ما، أو لتغيير ما، أو للتطور. فكلما استطعت أن تفهم غضبك جيداً كلما تمكنت من استخدامه جيداً في صالح العناية بنفسك.

 

JoomShaper