يعني فقر الدم تراجع عدد الكريات الحمراء في الدم (علماً أنّ هذه الأخيرة تحمل الأوكسجين). تقود هذه الحالة إلى شعور بالتعب قد يترافق مع اضطرابات في الذاكرة ونزعة إلى الكآبة.
تترافق عوارضفقر الدم أيضاً مع تساقط الشعر، تسارع نبضات القلب، دوار، التهابات متكرّرة... باختصار، يجب التعامل مع هذه الحالة بجدية.
أنواعه:
- فقر الدم الناجم عن نقص في إنتاج الكريات الحمراء.
- فقر الدم الناجم عن تدمير الكريات الحمراء بشكل متزايد.
- فقر الدم الناجم عن فقدان الكريات الحمراء.
فقر الدم حالة شائعة في العالم أجمع، تعود أساساً إلى نقص في الحديد. عدا عن ذلك، تقود التهابات عدة مرتبطة بالنظافة الشخصية، ونوعية الماء المستهلكة وكيفية إدارتها، إلى نشوء حالة فقر الدم. من بين هذه الالتهابات نذكر الملاريا، البلهارسيا، الدودة الصنارية.
أثره
تستجدّ حالة فقر الدم حين تتوقف الكريات الحمراء عن نقل كميّة كافية من الأوكسجين إلى أنسجة الجسم. يطال فقر الدم جميع الفئات، لكن عادةً ما تكون النساء الحوامل والأطفال أكثر عرضةً من غيرهم. يكون فقر الدم الحميد «صامتاً»، أي بلا عوارض. لكن حين يصبح الوضع أكثر خطورة، تظهر عوارض التعب، والضعف، والدوار، والنعاس. تشمل المؤشرات فقدان لون البشرة والشفاه واللسان والأظافر الطبيعي، والأوعية الدموية في مساحة العين البيضاء.
قد يزداد فقر الدم سوءاً ويصبح سبباً كامناً لمرض مزمن، مثل تباطؤ نموّ الجنين خلال فترة الحمل، تأخر التطور المعرفي، وتزايد خطر الالتهابات لدى الأطفال، فضلاً عن تراجع القدرات الجسدية لدى جميع الفئات العمرية. يتزايد خطر الإصابة بفقر الدم لدى المواليد الجدد الذين يكون وزنهم ضئيلاً عند الولادة ولدى المرأة في سن الإنجاب. تحتاج هذه الأخيرة إلى كمية حديد أكثر بضعفين أو ثلاثة أضعاف مما يحتاج إليه الرجل أو المرأة الأكبر سناً.
أسباب رئيسة
تتعلق أبرز أسباب فقر الدم بالغذاء والالتهابات. غالباً ما نجد هذه العوامل لدى الشخص نفسه، ما يزيد حدة فقر الدم لديه.
أحد أبرز العوامل الغذائية التي تؤدي إلى الإصابة بفقر الدم، النقص في الحديد. يعود ذلك إلى نظام غذائي متكرر وغنيّ بعناصر تكبح عملية امتصاص الحديد، ما يعني أنّ الجسم يعجز عن الاستفادة من هذا العنصر. قد يزداد مستوى نقص الحديد بسبب وضع غذائي سيئ، تحديداً في حال حدوث نقص في حمض الفوليك والفيتامينات A أو B12، وهو وضع شائع في البلدان النامية تحديداً.
على صعيد الالتهابات، تشكّل الملاريا سبباً بارزاً آخر لنشوء فقر الدم. تطال الملاريا من 300 إلى 500 مليون شخص، وقد تكون السبب الأول لنصف حالات فقر الدم الخطيرة في مناطق انتشار الوباء. تؤدي أمراض الدودة الصنّارية المعوية والبلهارسيا في بعض الأماكن إلى الإصابة بفقر الدم أيضاً: تُصاب 44 مليون امرأة حامل تقريباً بالدودة الصنارية، في حين تطال عوارض البلهارسيا الخطيرة 20 مليون شخص. قد ينجم فقر الدم أيضاً عن فقدان الدم بشكل مفرط، كما يحصل في حالة الالتهابات المعوية المرتبطة بالإسهال. أحد أبرز أسباب فقر الدم المتعلّقة بالمياه، سوء التغذية والجراثيم التي تنقلها.
تشخيص الحالة
ثمة مؤشرات تدلّ على الإصابة بفقر الدم، كشحوب البشرة ومحيط العينين، الإرهاق، انقطاع الأنفاس عند أقلّ حركة، تسارع نبضات القلب... تعود هذه العوارض إلى تراجع عدد الكريات الحمراء وانخفاض كمية الأوكسجين في الدم.
لتشخيص فقر الدم وتحديد درجة خطورته، يجب أولاً سحب عيّنة من الدم. يكون الفرد مصاباً بفقر الدم في حال تراجع إحدى الأمور التالية: عدد الكريات الحمراء، تركّز خضاب الدم، تراجع الهيماتوكريت (الرابط بين حجم الكريات الحمراء ومجموع الدم (المصل + الخلايا الحمراء)). نتيجةً لذلك، من الممكن طلب فحص حديد المصل. تتّسم الفحوصات الأخرى بدقة أكبر: قياس مستوى الفيتامينات في الجسم، فحص السائل النخاعي، البحث عن أجسام مضادة لكريات الدم الحمراء...
مضاعفات محتملة
عموماً، يمكن معالجة فقر الدم. لكن في حالة إصابة المواليد الجدد، تتكرر حالات وفاة الجنين. في حال فقر الدم الحاد (نقص في الفيتامين B12)، قد تحدث المضاعفات على المستوى العصبي، بما أنّ الفيتامين B12 يؤثر على الأعصاب.
أبرز المأكولات المفيدة
يكمن الحلّ في استهلاك الحديد طبعاً، لكن يجب أولاً معرفة المأكولات التي تحتوي عليه، عدا عن الطحالب. في الواقع، يحتوي دم الحيوانات وجلودها على أكبر نسبة حديد. بالتالي، لا طعام أفضل من اللحم الأحمر للتعويض عن هذا النقص. ننصح إذاً بتناول اللحم الأحمر وكبد العجل أو الدواجن، والنقانق... يضمن الصدف والقشريات والسمك الحصول على نسبة حديد مهمة أيضاً. كذلك تساعد الفاصوليا البيضاء، السبانخ، البقدونس، والفاكهة المجففة (تحديداً المشمش) في إعادة شحن مخزون الجسم من الحديد.
يمكن معالجة بعض أنواع فقر الدم بمجرّد تحديد أسبابه. لكن يكون بعض الأنواع معقّداً ويصعب، بل يستحيل، معالجته أحياناً. غالباً ما يكون فقر الدم الناجم عن نقص معيّن قابلاً للعلاج، تحديداً خلال فترة الحمل، إذ يمكن تفاديه عبر اتباع نظام غذائي متنوّع ومتوازن واستهلاك الحديد وحمض الفوليك.
معالجته
يجب أولاً معالجة عوارض فقر الدم، أي وقف نزف الدم (الدورة الشهرية، القرحة)، ثم معالجة الأسباب، أي مكمّلات حمض الفوليك، الفيتامين B12، أو الحديد.
- فقر الدم الخبيث: فضلاً عن معالجة الأسباب (سوء امتصاص الفيتامين B12)، يجب إعطاء هذه المادة التي تنقص من الجسم إلى المريض على شكل أقراص أو حقن.
- فقر الدم الناجم عن نقص في الحديد: يقضي العلاج باستهلاك أقراص من الحديد. يدوم العلاج مدة ستة أشهر مبدئياً.
- فقر الدم الناجم عن انحلال الدم: نظراً إلى تعدّد أسباب هذا النوع من فقر الدم، يجب أولاً معرفة أصل الحالة. إذا كان فقر الدم ناجم عن دواء معين مثلاً، يجب التوقف عن استهلاك هذا الدواء السام، ثم مواجهة النقص في الكريات الحمراء عبر نقل الدم.
- فقر الدم لدى المولود الجديد: تخضع المرأة الحامل لفحوصات خاصة بتشخيص عامل البندر. تتلقى المرأة المصابة حقنة Rhophylac، وهو دواء يحتوي على الغلوبولين المناعي الذي يفيد في مواجهة الأجسام المضادة لدى الأم، تفادياً لإصابة الجنين بفقر الدم. لكن في حال إصابة الجنين، من الضروري أحياناً اللجوء إلى عملية نقل الدم.
حين ينقص الحديد من جسمنا...
يضمن تزويد الجسم بالحديد عملية امتصاص الجسم لهذا العنصر. لكن قد يسبب الحديد الغثيان والتقيؤ، لذا يُفضّل استهلاكه تزامناً مع وجبة الطعام. يُذكَر أن مكملات الحديد تجعل لون البراز أسود، لذا لا داعي للقلق في حال حدوث ذلك.
نصيحة مفيدة
لا بدّ من استشارة الطبيب في حال الإصابة بفقر الدم أو الاشتباه بأحد عوارضه.
معلومة جديدة
الكاكاو، وبالتالي الشوكولا، غنيّ جداً بالحديد!
منافع الطحالب والسبانخ
- تساهم الطحالب في تزويد الجسم بالمعادن وتعزيز النمو، وتشكّل علاجاً مفيداً لمكافحة فقر الدم والنقص في إفرازات الغدة الدرقية كونها غنية بالفيتامين B12. كذلك، تعطي الطحالب مفعولاً مليّناً للأمعاء وتساعد في تخفيض معدل السكر في الدم ومستوى الكولسترول.
- يساهم السبانخ الغني بالفيتامين B9 في تحسين عملية امتصاص الحديد، وهو غني جداً بالأملاح المعدنية ويوصى باستهلاكه في حال الإصابة بفقر الدم لتعزيز النمو.
جريدة الجريدة