عبد العزيز الخضراء&ض>>ض&
إن تغذية الطفل عبر ثدي الأم لا تعد مفيدة للطفل فحسب، بل تعود على الأم أيضا بفوائد عديدة.. هذا ما أثبتته دراسة أجريت بمستشفى (دوجلاس) بمونتريال، حيث تؤكد الدكتورة "كلير" أنه من المعروف أن لبن الأم يظل من أفضل المصادر الغذائية للطفل، وهو أيضا مفيد في نموه الجسماني والعقلي، علاوة على ذلك فإن الدراسات أثبتت أن للرضاعة الطبيعية أثرا تبادليا بين الطفل والأم.
قامت الدكتورة "كلير" بمتابعة 25 سيدة يقمن بالإرضاع الطبيعي، و25 سيدة أخرى يقمن بالإرضاع بطرق صناعية، وقام الباحثون بتعريضهن لضغوط عصبية عبر مواقف مختلفة، مثل مشاهدة أفلام فيديو، التحدث مع أشخاص، حل مسائل رياضية.. ثم قاموا بتقييم مستوى التوتر لجميع الأمهات في مختلف مراحل التجربة عن طريق تقدير معدل الكورتيزون في اللعاب، هذا الهرمون يطلق عليه هرمون التوتر، ويتم إفرازه استجابة للتوتر النفسي والعصبي.
وتقول الدكتورة كلير "لقد أكدت استنتاجاتنا أن بعض الأمهات اللاتي يستخدمن الرضاعة الصناعية يتفاعلن سريعا مع الضغوط، ما قد يضر أيضا بعملية التغذية المثلى".
وتؤكد الباحثة الكندية "أن هذا الاكتشاف إذا ما تم التحقق منه سيسهم بشكل فعال في تفهم ما يمكن أن يحدث للأمهات من حالات اكتئاب بعد الولادة، والتوتر العصبي يعد عاملا مهما قد يسبب الاكتئاب بعد الولادة، وإذا ما تمكنا من معرفة دور الرضاعة في التقليل من مخاطر التوتر لدى المرأة فقد نتمكن من التعامل مع الاكتئاب لدى صغار الأمهات".

الرضاعة ستة أشهر ترفع من معدل الذكاء لدى الأطفال

إن الرضاعة المستمرة على مدى الأشهر الستة الأولى من حياة الأطفال الذين يولدون قبل الأوان (ولادة مبكرة)، ويعانون من قلة الوزن، تساعد على تحسن نموهم العقلي، هذا ما تؤكده أحدث الدراسات.. فقد قام الباحثون بعمل مقارنة من ناحية النمو لدى 220 طفلا أوزانهم ناقصة و299 طفلا أوزانهم طبيعية، كلتا المجموعتين لأطفال ولدوا ولادة مبكرة، وتم اختبار الأداء العقلي والحركي لديهم عند بلوغهم 13 شهرا، وبعد خمسة أشهر تم إجراء اختبار على حالتهم الذهنية.

وكان تأثير الرضاعة ملحوظا لدى الأطفال قليلي الوزن أكثر من الأطفال ذوي الأوزان الطبيعية، فعندما تم إرضاعهم طبيعيا لمدة 6 أشهر كانت قدراتهم الذهنية تفوق الذين لم يتم إرضاعهم سوى 3 أشهر بـ11 نقطة.

إذ بالنسبة للأطفال ذوي الوزن الطبيعي، لم تتعد قدراتهم الذهنية 3 درجات في فترات الرضاعة نفسها، واستنتج الباحثون أن الرضاعة المستمرة تحسن من النمو الإدراكي للأطفال قليلي الوزن بدون أن يتعرض نموهم للخطر، وأثبتت الدراسة أيضا عدم جدوى استخدام المكملات الغذائية بهدف إسراع عملية النمو لدى الأطفال.

الرضاعة الطبيعية تقلل من الوفيات

الرضاعة الطبيعية تحمي الأطفال من الأمراض القاتلة، فالرضاعة تقوي مناعة الطفل ضد الأمراض، بفضل وجود مضادات الأجسام الفيروسية في لبن الأم، لهذا السبب يرتفع معدل الوفيات لدى الأطفال في البلدان الصناعية أكثر منه في البلدان النامية نتيجة استخدام الرضاعة الصناعية كبديل للرضاعة الطبيعية.

وقد أثبت علماء الأوبئة الأميركيون أن الرضاعة الطبيعية تقلل من خطورة الوفيات لدى الأطفال في البلدان النامية، فقد قام فريق باحثين في شمال كارولينا بمقارنة حالات 1204 أطفال متوفين، تتراوح أعمارهم بين شهر وسنة، بعد ولادتهم 774 طفلا ظلوا على قيد الحياة بعد بلوغ عام، واستبعدوا من دراستهم أي حالات وفاة ناتجة عن أسباب تشوه خلقي أو وراثي أو أورام خبيثة تحدث أثناء الفترة الأولى بعد الولادة، وأثبتت النتائج أن الأطفال الذين تم إرضاعهم صناعيا تعرضوا لخطر الوفاة بنسبة 30 % أكثر من الأطفال الذين تم إرضاعهم عن طريق لبن الأم.

كلما طالت فترة الرضاعة قل خطر الوفاة

وأثبت الباحثون بعلوم الأوبئة أيضا، من خلال نتائج أبحاث أجريت العام 2001، أنه لو أن الأطفال الأميركيين يتم إرضاعهم بصورة طبيعية لأمكن تفادي 720 حالة وفاة طفل سنويا.

وقد أظهرت بعض الدراسات أن الأطفال الذين يتم إرضاعهم عبر ثدي الأم يقل احتمال تعرضهم للوزن الزائد في مرحلة المراهقة أكثر ممن يتم إرضاعهم صناعيا.

وقام باحثون ألمان بالربط بين الكتلة الجسمانية لدى 33768 طفلا تتراوح أعمارهم بين 6 و14سنة وبين التغذية التي حصلوا عليها خلال الأشهر الأولى من حياتهم، فوجدوا أن 4.12 % من الذين لم يتم إرضاعهم طبيعيا يعانون من السمنة، في مقابل 9.3 % فقط من بين الذين تم إرضاعهم من ثدي الأم، هذه النتائج تؤكد أن الغذاء يشكل عاملا وقائيا مهما في مواجهة مشكلة الوزن الزائد والسمنة.

كما أكدت دراسة أسترالية أنه كلما طالت فترة الرضاعة الطبيعية قلت خطورة التعرض للإصابة بأمراض الحساسية الصدرية مثل الربو. والآن يوصف لبن الأم كوسيلة للوقاية من الحساسية الوراثية (الاستشرائية).

وأظهرت دراسة بريطانية أن الرضاعة الطبيعية تقلل من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي، فكلما قامت المرأة بالإرضاع ازدادت الوقاية لديها.

وقام الباحثون بجمع نتائج 47 دراسة على الأمراض الوبائية في 30 دولة، تتعلق بمعلومات عن الرضاعة وجوانب أخرى للحمل، وقاموا بتقدير مدى الخطر المتعلق بسرطان الثدي بالتناسب مع الرضاعة.

واستنتجوا من تحليلهم أن السيدات اللاتي لديهن أكثر من طفل هن أقل عرضة لمرض سرطان الثدي، وإضافة إلى ذلك يتدنى خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 4.3 % عندما تتعدى مرحلة الرضاعة أكثر من 12 شهرا.

وهذا ما يفسر سبب ارتفاع الإصابة بسرطان الثدي في الدول الصناعية؛ حيث تقل فترات رضاعة السيدات لأطفالهن، وأيضا لقلة إنجاب الأطفال عموما.

واستنتج الباحثون أيضا أن هذا المرض يمكن أن ينخفض إلى النصف لو أن السيدات بالغرب أرضعن أطفالهن لفترة أطول.

علاوة على كون لبن الأم غنيا بالمواد الغذائية كالسكريات والدهنيات، فإنه يحتوي أيضا على بروتين ينشط عملية التمثيل الغذائي لذرات النظام المناعي، وذلك نقلا عن الدكتور ميشيل جوليوس بجامعة تورنتو؛ فلبن الأم يحتوي على بروتين قابل للذوبان (CD14)، والذي يزيد من نمو الخلايا المناعية، هذه الكرات البيضاء يتم إنتاجها في النخاع الشوكي، وتقوم بعملية التمثيل الغذائي للأجسام المضادة، هذه الأجسام المضادة عبارة عن بروتينات تسمح للنظام المناعي بالتعرف على البكتيريا أو الفيروسات التي تصيب الإنسان وتقوم بتدميرها، ويقول الدكتور ميشيل يوليوس: "هذه الدراسة برهنت على النشاط البيولوجي لذرة CD14".

وأشارت إلى تركيزها القوي في لبن الأم، واعتبر أيضا أن البروتين CD14 القادر على التنشيط المباشر iymphocytes يمكنه أن يسمح بإطلاق الجهاز المناعي للطفل، بعض الباحثين أظهروا أن أول ما تنتجه الأم من اللبن بعد الولادة مباشرة يكون غنيا جدا بـCD14.

JoomShaper