الدكتور زاهر الكسيح
تعرف السكتة الدماغية طبيا بأنها حالة يفقد فيها الدماغ وظائفه بصورة سريعة بسبب تخثر الدم أو النزف، و تعد من أكثر الأمراض شيوعا في العالم، حيث تقتل الملايين كل عام وتتسبب في العجز الدائم للملايين أيضا. وللسكتة الدماغية صلة بأمراض القلب حيث أن بعض اسباب حدوث السكتة الدماغية تبدأ على مستوى القلب.
تصنف السكتة الدماغية إلى نوعين رئيسيين وهما السكتة الدماغية الناتجة عن الاحتباس الدموي (نقص التروية) والتي تحدث بسبب انقطاع أو نقص حاد في وصول الدم الى الدماغ وسبب ذلك انسداد شرياني؛ والسكتة الدماغية الناتجة عن النزف ويحدث ذلك بسبب تمزق أو تهتك وعاء دموي، مما يؤدي إلى النزف داخل الدماغ. مشيرا إلى أن السكتة الدماغية، أياً كان سببها، هي ثاني أكبر سبب للوفاة حول العالم، والسكتة الدماغية مسؤولة عن وفاة خمسة ملايين شخص كل عام وأنها سبب مباشر للإعاقة الدائمة بين الأشخاص البالغين .
أما عن الأسباب المرضية المؤدية للسكتة الدماغية فان الرجفان الأذيني من أكثر الاسباب المرضية شيوعا و يعتبر حالة قلبية شائعة تؤثر على الملايين من الناس حول العالم في الأحوال العادية تنقبض حجيرات القلب الأربعة على نحو متناسق ومنتظم باعتبارها خاضعة لسيطرة شبكة من الخلايا الكهربائية داخل عضلة القلب نفسها.... وفي حالة المرضى الذين يعانون من الرجفان الأذيني، تخرج الحجيرات العلوية للقلب الأذينتين عن نطاق تلك السيطرة، وتنبض بوتيرة متسارعة جداً وغير منتظمة. ومن الممكن لمثل هذه النبضات غير المنتظمة والسريعة أن تسبب أعراض مزعجة للمرضى، بحيث تؤثر هذه الحالة على الوظيفة العامة لعضلة القلب. والأهم من ذلك، تؤدي النبضات غير المنتظمة والسريعة إلى الحركة العشوائية للدم في الحجيرات العلوية للقلب (الأذينتين)، مما قد ينجم عنه تشكل الخثرات الدموية. وإذا ما تجزأت هذه الخثرات، فمن الممكن أن تذهب إلى الدماغ محدثة السكتة الدماغية التي قد يكون لها أثراً مدمراً على صحة المريض.
يُعد مرض الرجفان الأذيني من الحالات الأكثر شيوعاً في أوساط الأشخاص الأكبر سناً ، و تتزايد مخاطر الإصابة بهذه الحالة بعد سن الـ 60 عاماً، إلا أن مستوى ظهور هذه الحالة يتراجع عند الأشخاص الأصغر سناً، و من العوامل المسببة لحدوث الرجفان الاذيني أمراض عضلة القلب (ضعف عضلة القلب)، وأمراض صمامات القلب (مثل ضيق الصمام التاجي)، وحالات ما بعد الإصابة بأزمة قلبية أو جراحة القلب وارتفاع ضغط الدم وداء السكري والتدخين. من الممكن أن يتسبب استهلاك الكحول أيضا بحدوث الرجفان الأذيني. و في أغلب الأحيان هو مرض مكتسب غير أنه هناك تأثير وراثي لحدوثه عند بعض المرضى. وقد تؤدي السكتة الدماغية الناتجة عن الرجفان الأذيني إلى الوفاة، وهي سبب رئيسي لأعباء ثقيلة تتطلب الرعاية الصحية و الرجفان الأذيني عامل خطورة مستقل وهو مسؤول عن حوالي 1 من 5 سكتات دماغية سببها نقص التروية. ويعتبر المرضى الذين يعانون من الرجفان الأذيني معرضين لاحتمال حدوث السكتة الدماغية لديهم اكثر خمسة مرات مقارنة مع الأشخاص العاديين بشكل عام. إضافة لذلك، قد يكون مرض الرجفان الأذيني المشخص سابقاً سبباً محتملاً للعديد من السكتات الدماغية غير معروفة المنشأ (تسمى السكتات الدماغية مجهولة المنشأ)، وقد تكون السكتة الدماغية بمثابة أول أعراض الرجفان الأذيني.
أما عن سبل الوقاية من السكتة الدماغية فعلاوة على اتباع اسلوب عيش صحي من حيث نوعية التغذية والرياضة وعدم التعرض لنسب عالية من الضغوط، فإنه يتعين الانتباه لأعراض الحالات المؤدية للسكتة الدماغية كالرجفان الأذيني والانسداد التخثري الوريدي والمسارعة في استشارة الأطباء المتخصصين الذين سيصفون للمصاب أدوية مميعة للدم بإمكانها تمييع الدم سواء على مستوى الساق في حالة الانسداد التخثري الوريدي او على مستوى القلب في حالة الرجفان الاذيني فيما يعمل على منع الدم المتختر من السفر كمقذوف من القلب إلى الدماغ والتسبب في السكتة الدماغية التي قد تكون مميتة احيانا او تؤدي إلى حالات إعاقة دائمة.
إن الوقاية من حدوث السكتات الدماغية هي العنصر الرئيسي للتعامل مع المرضى الذين يعانون من الرجفان الأذيني، وأن تقنيات العلاج التي توصل إليها الطب مؤخرا مثل مضادات تخثر الدم الفموية الجديدة المتوفرة في الأردن حاليا هي أكثر أماناً من المضادات التقليدية التي تم اكتشافها في الخمسينيات من القرن الماضي، حيث أن احتمال تسببها في إحداث نزف خطير تكون أقل بكثير.
*استشاري أمراض القلب والشرايين.
أسباب، مخاطر وسبل الوقاية من السكتة الدماغية
- التفاصيل