تُعاني بعض النساء من فقدان كميات كبيرة من الدم أثناء فترة الطمث، ما يُعرضهن لخطر الإصابة بنقص عنصر الحديد ومنه إلى الإصابة بفقر الدم (الأنيميا). وفي الوقت ذاته يصعب على هؤلاء النساء تحديد ما إذا كان معدل فقدانهن للدم خلال فترات الطمث يسري في نطاق طبيعي أم أنها حالة إصابة بنزيف الطمث الشديد المعروف باسم (فرط الطمث).
وأوضح موقع "الاستعلامات الصحية" الألماني أن هناك بعض المؤشرات التي تساعد المرأة على تقييم ذلك؛ فإذا اضطرت المرأة لتغيير الحشوات الإسفنجية المخصصة لهذا الغرض والمعروفة باسم (التامبون) بصورة متكررة على مدار يومها بمعدل كل ساعة تقريباً وكان الدم مصحوباً بتكون تكتلات دموية، فيشير ذلك حينئذٍ إلى الإصابة بنزيف الطمث الشديد، الذي يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بفقر دم.
ويتسبب نزيف الطمث الشديد عادةً في اضطراب مسار الحياة اليومية للمرأة وإصابتها بالإعياء والضعف وفقدان الدافعية تجاه تأدية مهام حياتها اليومية أو حتى الأشياء المفضلة لديها، مع العلم بأنه قد يكون مصحوباً أيضاً بتقلبات مزاجية واضطرابات في النوم.

أورام حميدة
وترجع غالبية حالات نزيف الطمث الشديد إلى وجود أورام حميدة في الرحم، لاسيما التي توجد على الغشاء المخاطي للرحم أو الأورام الليفية التي تنشأ على الطبقة العضلية للرحم، مع العلم بأن مثل هذه الأورام لا تتسبب غالباً في إحداث أي متاعب أخرى. ويمكن أن يُعزى نزيف الطمث الشديد – حالات نادرة للغاية - إلى الإصابة أيضاً بأورام خبيثة كسرطان الرحم أو سرطان عنق الرحم.

وفي حالات نادرة يمكن أن يرجع هذا النزيف إلى مشاكل طبية كالإصابة باضطرابات هرمونية أو اضطرابات تخثر الدم أو أحد أمراض القلب أو الكُلى أو الغدة الدرقية، مع العلم بأن بعض النساء يعانين من حالات نزيف الطمث الشديد هذه في بداية نزول الطمث لديهن فقط أو في مراحل عمرية لاحقة بعد الولادة مثلاً أو عند حدوث التغيّرات الهرمونية المصاحبة لسن اليأس، وقد تظل هذه المشكلة مجهولة السبب لدى بعض النساء أيضاً.

وحذّر الموقع الألماني من أن فقدان المرأة لكميات كبيرة من الدم بصورة شهرية على هذا النحو يمكن أن يُعرضها إلى الإصابة بنقص عنصر الحديد، الذي يتمتع بأهمية كبيرة في بناء كرات الدم الحمراء المسؤولة عن نقل الأكسجين إلى أعضاء الجسم.

ويؤدي نقصان هذا العنصر إلى عدم إفراز الجسم لهذه الكرات بشكل كافٍ، ومن ثم يقل إمداد أعضاء الجسم بالأكسجين، ما يُعرض المرأة لخطر الإصابة بفقر الدم (الأنيميا)، الذي تظهر أعراضه في الإصابة بضعف جسماني وفقدان الدافعية والشحوب وبرودة الأيدي والقدمين، وقد يصل الأمر في الحالات الشديدة إلى الإصابة بضيق في التنفس وعدم انتظام ضربات القلب.

ولتجنب هذه المخاطر لابد من استشارة الطبيب عند الاشتباه في الإصابة بنزيف شديد أثناء الطمث؛ حيث يقوم الطبيب في البداية بالتحقق من عدم وجود أي أورام بالرحم -بما أنها السبب الأكثر شيوعا لهذه المشكلة- من خلال إجراء فحص بالموجات فوق الصوتية أو تصوير الرحم. كما يمكن للطبيب التحقق مما إذا كان نزيف الطمث الشديد أدي إلى الإصابة بنقص عنصر الحديد بجسم المرأة أم لا من خلال تحليل عينة دم.

مفكرة يومية

ولمساعدة الطبيب على تشخيص الحالة من الأفضل أن تقوم المرأة بعمل مفكرة يومية تسجل بها عدد حشوات التامبون التي تحتاجها طوال فترة نزول الطمث؛ حيث إن إطلاع الطبيب على معدل شدة نزول الطمث يساعده كثيراً في تشخيص الحالة بشكل سليم.

كما يُفضل أيضاً إطلاع الطبيب على طبيعة المتاعب التي تشعر بها المرأة، وإذا كانت هناك إصابة بأمراض معينة في نطاق العائلة أو إذا كانت المرأة تتعاطى بعض الأدوية أو تُعاني من زيادة في الوزن أو أعباء نفسية؛ حيث تساعد هذه المعلومات الطبيب في اكتشاف سبب النزيف وتشخيص الحالة بشكل سليم أيضاً.

وبالنسبة للعلاج، فتوجد نوعيات كثيرة من الأدوية التي تعمل على الحد من نزول الدم بغزارة أثناء فترة الطمث وتسهم في الوقت ذاته في الحد من المتاعب المصاحبة له، مع العلم بأنه يمكن تناول نوعية واحدة من هذه الأدوية أو دمج أكثر من نوع منها، في حال عدم تحسن الحالة باستخدام دواء واحد. كما توجد أيضاً إمكانية الخضوع لجراحة يتم خلالها استئصال الرحم.

وعادةً ما يصف الطبيب أيضاً بعض الأدوية التي تمد الجسم بعنصر الحديد، في حال التحقق من الإصابة بأنيميا. ولكن طالما أن نزيف الطمث لم يؤدي إلى الإصابة بفقر دم، فمن الممكن حينئذٍ أن تحاول المرأة تعديل حياتها اليومية خلال فترة نزول الطمث بحيث تتكيف مع هذه المشكلة دون تناول أي أدوية.

ولكن إذا أرادت المرأة الخضوع لإجراء علاجي لعدم تحملها لحالات النزيف الشديدة، فمن المهم حينئذٍ أن يتم تحديد نوعية هذا الإجراء وفقاً لاحتياجاتها ومدى رغبتها في الإنجاب؛ لأن الإجراءات العلاجية الأكثر فاعلية كأقراص منع الحمل مثلاً، تعمل على الحد من إمكانية الحمل لدى المرأة بشكل جزئي، بينما تعمل الجراحة على منع هذه الإمكانية تماماً؛ لأنه يتم خلالها استئصال الرحم.

وبخلاف استشارة الطبيب وتلقي الإجراء العلاجي المناسب، يمكن للمرأة أيضاً مساعدة نفسها على تسيير حياتها اليومية في ظل هذه المتاعب الجسمانية والنفسية أيضاً؛ فبعض النساء يشعرن بقدر كبير من الأمان في تلك الأيام من خلال البقاء في المنزل، بينما يكفي أُخريات الوجود فقط بالقرب من حمام، كي يمكنهن تغيير حشوات التامبون وقتما شئن.

ويمكن للمرأة تجنب التعرض لأية مواقف محرجة بسبب هذا النزيف من خلال الاحتفاظ دائماً بحشوات التامبون في حقيبتها أو بمكان عملها لتكون في متناول يدها على الدوام، إلى جانب الحرص على ارتداء سراويل وتنانير داكنة اللون؛ حيث يساعد ذلك في الحد من ظهور البقع اللافتة للأنظار، في حال تسرب الدم من الحشوات. ولتفادي تسرب الدم إلى مفروشات الأسرّة والمراتب أثناء النوم، يمكن استخدام مفرش إضافي أو نوعية المفارش التي تحول دون تسرب السوائل. -(د ب أ)

JoomShaper