ديمة محبوبة
عمان– مع جلوس العائلات في البيت لفترات طويلة جراء الظروف الطارئة التي فرضتها جائحة كورونا، سواء بالالتزام بالتباعد الاجتماعي أو الحجر الصحي أو الحظر، واجه الأهل العديد من التحديات في إدارة شؤون حياتهم، ومنها كيفية الاستجابة للتعليم عن بعد ومجاراته، وتذمر الأبناء من جميع تلك التغيرات التي لم يعتادوا عليها في السابق، فأصبح تناول الأطعمة، وخصوصا “السكاكر” وسيلة لإشغال الصغار وتهدئتهم.
أم هناء إحدى الأمهات التي لجأت للسكاكر والمقرمشات في التعامل مع ابنتها في الصف الثالث، خصوصا أن الصغيرة رفضت فكرة التعلم عن بعد، فلم يكن من والدتها سوى تشجيعها ومكافأتها بالحلويات عقب انتهاء الدرس أو عند أدائها لواجباتها وتحضيرها للامتحانات المدرسية.
تؤكد الأم أنها تعلم مخاطر هذه الحلويات في المستقبل، لكنها تجدها “الوسيلة” لتشجيع صغيرتها على متابعة دراستها وواجباتها.
هذه السلوكيات يعتبرها اختصاصيو التغذية اختراق للمنظومة الغذائية من قبل الأهل لأطفالهم، ويعني أن الأهالي يقومون بكسر العادات الصحية مع الإصرار عليها، وتعويد جسم أطفالهم على ما يؤذيهم، وإحداث عادة سلبية لديهم في المستقبل، بحسب أختصاصية التغذية أفنان محمد.
وتبين أن الكثير من الأمهات اللواتي يجدن أبنائهم متفوقين فيقمن بمكافآتهم بالسكاكر، وأحيانا الرد على غضب أطفالهم بالسكاكر أيضا، ولكن من المعروف أن نسبة الضرر جراء تناول هذه السكاكر كبيرة، فلا فائدة منها إلا الطاقة الزائفة والسمنة وتكوين عادة غذائية سيئة.
وتؤكد أن الكثير من الأمهات يتبعن أسلوب تقديم السكاكر لأبنائهم حتى قبل أوقات الوجبات من باب اشغاله بها حتى موعد الفطور أو الوجبة المحددة، والمفاجأة عندما يأتي وقت الطعام دائما بأن الطفل امتلأت معدته وشبع، وفقد شهيته، وهنا تبدأ شكاوى الأم بأن أطفالها لا يأكلون، ومن ثم تكون الشكوى المتكررة “طفلي لا يتناول الطعام الصحي”.
كما تؤكد التربوية سعاد قيس، أنه في كثير من الأحيان يحاول الأهل في سنوات الطفولة اكتساب عطف وحب أبنائهم عن طريق الحلويات والسكاكر، فيفرطون بشرائها وتوفرها أمامهم، حتى يرتبط معنى الحب لدى هذا الطفل بمدى تقديم الشخص له من الحلويات، مما يؤثر سلبا على شخصية الطفل، فلا يستمع ولا يظهر اهتماما، إلا إذا أشبعت حاجته من الحلويات.
وتذكر الشابة مرام تجربتها في ذلك، وتقول بأنها في كل أسبوع وفي موعد زيارة أطفال أختها تجلب الكثير من السكاكر والحلويات التي يرغب بها أطفال أختها لـ “للحصول على رضاهم وودهم”، مشيرة أحيانا تتعمد لإختيار الأنواع وفقا لقيمتها الغذائية، فتهتم بشراء الأشياء الغنية بالحليب والعصائر التي ترى أنها لحد ما طبيعية، وغيرها من رقائق البطاطس المقلية “الشيبس”.
في المقابل تنصح الاختصاصية أفنان، بأن عند جلب وتوفير السكاكر أمام الطفل دائما ودون ضوابط تصبح عادة لديه، فالطفل عبارة عن مستقبل، وينشأ على ما يغرسه به الوالدان، سواء بتعلم الأخلاق أو اتباعه لمنظومة صحية يعتاد عليها، مبينة أن الكثير من البرامج على وسائل التواصل الاجتماعي تقدم صفحات تساعد الأم الحديثة على اتباع سبل صحية لعائلتها، كتقطيع الخضار والفواكة الملونة، وصناعة اللبنة مع منكهات تفتح شهيتهم، وتجعل مذاقها طيب ومستحب لدى الطفل.
وبدل رقائق البطاطا المصنعة، تستطيع الأم تحضير البطاطا المقرمشة في البيت، وتقديم البوشار للأطفال القادرين على تناوله، وكذك إعداد حلويات تصنعها في المنزل، فهي أخف ضرر شريطة عدم الإكثار منها. بحسب الأخصائية أفنان
وتبين أفنان أن الكثير من السكاكر التي يقول مروجيها أنها مصنعة خصيصا للأطفال، تحتوي على كميات هائلة من الملح أو السكر، عدا عن الدهون والمركبات المسرطنة. وتضيف أن منح الطفل وجبة من الذرة الصفراء الطبيعية المخزنة بالتبريد بالإضافة إلى البوشار له فوائد عديدة، وكذلك الترمس الذي له فوائد في تنمية الذكاء عند الطفل، لافتة إلى بعض المكسرات المفيدة أيضا مع الاهتمام بعمر الطفل ومراقبته أثناء تناولها.
وتتابع، إلى جانب العصائر الطبيعية الغنية بالفيتامينات، والتي تعدها الأم منزليا، وتقدمها لأطفالها بطريقة مميزة.
اختصاصي الطب العام د. مخلص مزاهرة يؤكد أن كثيراً من الأمهات يقمن باختراق حصانة أطفالهن منذ عامه الأول وتحديدا في الست شهور الأولى بإمدادهن بأغذية متنوعة وأطعمة غير ملائمة للسن، بذرائع متعددة، وأعذار غير مقبولة طبيا على الإطلاق، ولا يستشار فيها ذوو التخصص من الأطباء أو الطواقم ذات العلاقة بنمو وتغذية الطفل.
ويؤكد أن هذه الممارسات الخاطئة تزداد في سن الطفل بين العام والعامين، حيث يدخل ضمن المنظومة الغذائية “الخطأ” وذلك جراء إدخال الأهالي نماذج غذائية صناعية بأسماء متعددة، تشمل رقائق البطاطس المعروفة “بالشيبس”، وبعض الأغذية المغلفة كالحلويات بأنواعها المتعددة والسكاكر وغيرها.
وبعد سن العامين تزداد هذه الممارسات، والسبب هنا يعود إلى الدوافع العاطفية إذ أن بعض الأهالي يلجأون أحيانا إلى تقريب الطفل وكسب مودته وتحقيق الارتباط العاطفي المتميز، من خلال إعطائه الحلويات والأغذية المصنوعة. وفق مزاهرة
ويؤكد أن دخول هذه العناصر الغذائية السيئة في جسم الطفل، وفي عمر صغير يعني أنها تؤثر على شهية الأطفال، خاصة أن المادة الحلوة تعمل على ارتفاع معدل الجلكوز في الدم، وبالتالي إذا ما أكلها الطفل فإنه يصاب بصدمة للشهية، وتقل شهيته نحو الطعام الذي لا يكون مذاقه حلوا، ويصاب بالسمنة بارتفاع نسبة السكر في الدم مما يسبب الدهون، فيرافقه الشعور بالحاجة أكثر لتناول الطعام.