أورينت نت- إدلب- هدى الكليب
تاريخ النشر: 2021-03-22 23:40
يقف الأربعيني صبحي السليم عاجزاً عن تأمين دواء الصرع لابنه رائد ذي الخمسة أعوام، فهو غير متوفر في المنطقة وتأخر الحصول عليه يزيد وضع ابنه الصحي سوءاً يوماً بعد يوم.
يشكو الطفل رائد من نوبات صرع متكررة يتشنج فيها متوقفاً عن الحركة وأحياناً يفقد وعيه على إثرها، هو ليس مرضا وراثيا في العائلة بل جاء مرض الطفل على خلفية تعرضه لأذية في الرأس ناتجة عن قصف الطيران الأسدي الذي تعرضت له مدينته معرة النعمان أواخر عام ٢٠١٨ نتج عنها إصابته بالصرع.


ورائد حالة واحدة من مئات المصابين بمرض الصرع في شمال غرب سوريا والذين يعانون سوء الخدمات الطبية المقدمة لهم، وخاصة فيما يتعلق بتأمين أدويتهم المفقودة والمرتفعة الثمن جراء عوامل عدة أهمها أن قسما من الأدوية لا يتوفر إلا في مناطق نظام أسد أو لغلاء الأدوية الأجنبية غير التركية القادمة من تركيا.
عاملان ضاعفا الأعداد
وقال الطبيب أحمد مطلق الأخصائي بالأمراض العصبية في مشفى الداخلية بمحافظة إدلب إن أكثر من خمسة مرضى مصابين بالصرع يراجعون العيادة العصبية بشكل يومي، وتختلف أسباب الصرع باختلاف الظروف المعيشية للسكان، حيث أدت الحرب التي عاشها المدنيون على مدى عشر سنوات لزيادة أعداد المرضى، إما نتيجة الإصابات التي تؤدي في بعض الأحيان لأذية دماغية، أو الولادة في أماكن غير مؤهلة كالمخيمات ما يؤدي لزيادة احتمالية حدوث نقص الأكسجة لدى الأطفال حديثي الولادة.
ومرض الصرع هو عبارة عن خلل في نقل الشارات الكهربائية داخل الدماغ ويظهر بصور متنوعة إذ يحتوي الدماغ على نواقل عصبية مثبطة ونواقل عصبية نشطة وأي خلل بينهما يؤدي لزيادة كهرباء الدماغ وبالتالي يتغير نشاط الدماغ مسبباً حدوث نوبات أو فترات من السلوكيات والأحاسيس غير العادية كانقباض لا إرادي لمجموعة في العضلات بشكل سريع ومتكرر، فقدان الوعي، التشوش، سيلان اللعاب، فقدان التحكم بالمثانة، وانقطاع مؤقت للتنفس، وتختلف نوبات الصرع بين نوبة واحدة في السنة وعدة نوبات في اليوم حسب حالة المريض وفق الطبيب المطلق.
وعن أدوية الصرع وطرق العلاج يشرح المطلق أن هناك أدوية مضادة للصرع والذي هو عبارة عن نواقل عصبية نشطة وأخرى مثبطة وعندما يطغى عمل النواة العصبية المنشطة يحدث مرض الصرع والأدوية بالتالي هي عبارة عن ضبط لهذه الآلية.
ويضيف أن هناك قسما من الأدوية متوفرا في صيدليات المشافي العامة وتقدم للمرضى بشكل مجاني من قبل منظمة الصحة العالمية مثل بنوات الصوديوم، الكربومازبين، الفنتوئين، بينما الأدوية الحديثة والأكثر فاعلية فهي غير متوفرة ويعجز المرضى عن شرائها لغلاء ثمنها في حال توفرها.
ويؤكد الطبيب المطلق أن الشفاء من مرض الصرع ممكن وبنسب مرتفعة ولكن ضمن شروط وهي ألا يصاب المريض بنوبة لمدة ثلاث سنوات، أن يكون تصوير الرنين المغناطيسي طبيعيا،والفحص العصبي طبيعيا، إضافة لعدم وجود وراثة في العائلة.
والطفل هشام المحمود (٩سنوات) هو واحد من الذين شفاهم الله من الصرع بعد رحلة علاج طويلة استغرقت مدة ثلاث سنوات.
وتقول والدته صفاء إنها استطاعت تأمين الأدوية اللازمة باستمرار عن طريق أخيها الصيدلاني الذي ساعدها على تأمينه وإعطائه الجرعات بانتظام وبالأوقات المناسبة وفق إرشادات الطبيب وهو ما ساعده على الاستجابة للعلاج بشكل كلي، وتوضح أن مرض الصرع الذي يعاني منه ابنها لم يكن وراثياً وإنما أصيب به بشكل مفاجئ دون سبب محدد وتمثل بحالات إغماء وفقدان الوعي كل شهر تقريباً، ولكن مع العلاج خفت تلك النوبات بشكل تدريجي حتى اختفت كلياً.
وبحسب منظمة الصحة العالمية هناك ما يزيد عن ٥٠ مليون نسمة مصابون بمرض الصرع في العالم، ويعيش نحو ٨٠٪ من المصابين بالمرض في المناطق النامية، وتتراوح نسبة المصابين بالصرع النشيط بين أربعة إلى عشرة أشخاص لكل ألف نسمة بينما ترتفع النسبة في البلاد المنخفضة الدخل لتتراوح بين سبعة وأربعة عشر مريضا لكل ألف نسمة، ويستجيب الصرع للعلاج بنسبة ٧٠٪ غير أن العلاج لم يتح بعد لنحو ثلاثة أرباع المصابين به والذين هم بحاجة إليه في البلدان النامية.

JoomShaper