جريدة الغد
قد يجد البعض أنفسهم يستيقظون فجأة في منتصف الليل وهم يشعرون بخوف شديد، وتسرع في ضربات القلب، وتعرّق أو ضيق في التنفس.
هذه الحالة تعرف باسم "نوبة الهلع الليلية"، وهي تشبه إلى حد كبير نوبات الهلع التي تحدث خلال النهار، لكنها أكثر إرباكًا لأنها تحدث أثناء النوم، مما يجعل الشخص يشعر بالارتباك وعدم القدرة على التمييز بين الحلم والواقع. هذه النوبات يمكن أن تكون عابرة أو متكررة، إلا أن معرفة أسبابها وطرق التعامل معها قد تساعد على الحد منها.
ما الذي يحدث خلال نوبة الهلع الليلية؟
عند الاستيقاظ من نوبة هلع، من الطبيعي أن تشعر بالذعر والتشوش. قد تعتقد أنك تواجه شيئًا خطيرًا مثل أزمة قلبية، خاصة إذا كان هناك ألم في الصدر أو ضيق في التنفس.
وعادة ما تستمر نوبة الهلع لبضع دقائق، وتبدأ الأعراض بالانحسار تدريجيًا. إذا استيقظت خلال النوبة، فمن المحتمل أنك في ذروتها وستبدأ في التراجع قريبًا.
أعراض نوبة الهلع تتشابه سواء حدثت ليلًا أو نهارًا، وتشمل أعراضًا جسدية مثل التعرق، الغثيان، الارتجاف، خفقان القلب، الدوار، ضيق التنفس، التنميل أو الألم في الصدر. وقد تكون هناك أيضًا أعراض عاطفية مثل الخوف من الموت أو فقدان السيطرة، بالإضافة إلى أعراض عقلية كالشعور بالانفصال عن الذات أو الواقع.
ما أسباب نوبات الهلع أثناء النوم؟
لا توجد أسباب واضحة ومباشرة تؤدي إلى نوبات الهلع، لكن هناك عوامل قد تزيد من احتمالية حدوثها خلال الليل. الوراثة تلعب دورًا كبيرًا، فإذا كان لديك تاريخ عائلي مع نوبات الهلع، فأنت أكثر عرضة. كما أن التوتر والضغوط النفسية يمكن أن تكون بيئة خصبة لنشوء هذه النوبات، خاصة عندما لا يتم التعامل مع مشاعر القلق بشكل صحي.
التغيرات الهرمونية أو الناتجة عن الأدوية قد تؤثر على كيمياء الدماغ، مما يجعل الشخص أكثر عرضة. الأحداث الحياتية المجهدة، سواء كانت شخصية أو مهنية، يمكن أن تؤدي أيضًا إلى نوبات هلع، بالإضافة إلى بعض الحالات النفسية مثل اضطراب القلق العام أو اضطراب ما بعد الصدمة أو الوسواس القهري. وفي بعض الأحيان، الخوف من حدوث نوبة جديدة قد يخلق ضغطًا نفسيًا يؤدي إلى نوبة بالفعل.
كيف يتم تشخيص نوبات الهلع؟
لا يمكن لتقنيات التحاليل أو الصور الطبية تشخيص نوبة الهلع بشكل مباشر، لكنها ضرورية لاستبعاد أسباب عضوية أخرى مثل مشاكل الغدة الدرقية أو أمراض القلب.
إذا لم تظهر الفحوصات أي حالات طبية مقلقة، سيتحدث الطبيب معك عن الأعراض وتاريخك الصحي والعوامل النفسية المحيطة بك.
إذا اشتبه الطبيب بوجود اضطراب الهلع، قد يُحال المريض إلى اختصاصي نفسي لمزيد من التقييم والمتابعة، حيث يمكن بناء خطة علاجية تعتمد على فهم أعمق لأسباب الحالة.
كيف يمكن التعامل مع النوبة عند حدوثها؟
عند حدوث نوبة هلع، هناك خطوات تساعد في تخفيف الأعراض. أولًا، التركيز على التنفس العميق والبطيء يمكن أن يُهدّئ من الإحساس بالخوف. حاول إرخاء عضلاتك تدريجيًا وركز على جسدك.
ويمكن تشتيت التفكير بأداء مهمة ذهنية، مثل العد العكسي أو تذكر موقف سعيد. استخدام منشطات باردة مثل كمادات الثلج أو شرب ماء بارد يمكن أن يُساعد في تهدئة الجسد. كذلك، الخروج في نزهة قصيرة قد يخفف التوتر، ويفضل أن تكون بصحبة أحد.
إذا تكررت نوبات الهلع، من المهم التحدث إلى الطبيب حول خطط علاجية لمنعها. أحد العلاجات الفعالة هو العلاج السلوكي المعرفي، والذي يساعد على فهم مسببات النوبات وبناء استراتيجيات لمواجهتها. وفي بعض الحالات، يمكن وصف أدوية تساهم في تقليل عدد النوبات أو التخفيف من حدّتها إذا وقعت.
متى يجب زيارة الطبيب؟
إذا كنت تعاني من أكثر من نوبتين شهريًا، أو بدأت تشعر بصعوبة في النوم خوفًا من الاستيقاظ على نوبة جديدة، أو لاحظت ظهور أعراض إضافية مثل الاكتئاب أو القلق المستمر، فهذا مؤشر واضح على ضرورة مراجعة الطبيب المختص للحصول على التشخيص والدعم المناسب.