تناول هذا - الطبيب-الأب لولدين أكثر الروايات شيوعاً حول الإصابة بالرشح أو الانفلونزا، وتحدّث عن خيارات غذائية صحية تعزّز جهاز المناعة، وعن طرق كفيلة بحمايتك وعائلتك في موسم الرشح والإنفلونزا..
إصابة المرء بالرشح أو الانفلونزا
ما الروايات الأكثر شيوعاً حول إصابة المرء بالرشح أو الانفلونزا وأفضل الطرق العلاجية؟
لعلّ أشهر هذه الروايات أنه لا ينبغي أن يخرج المرء من منزله وشعره ما زال مبللاً، بل عليه أن يجففه أولاً كي لا يصاب بالإنفلونزا.
في الواقع، لا يزيد الشعر المبلّل من خطر إصابتك بالبرد أو الانفلونزا، فقد أجرى باحثون اختباراً عرّضوا فيه مجموعة من الناس إلى فيروس مسبّب للرشح، ثم طلبوا من أفراد يشكلون نصف المجموعة التوجه إلى الخارج وأبقوهم في البرد القارس حتى أصبح الجميع مبلّلاً. بعدها قارنوا بين النصف الأول من المجموعة ونصفها الثاني لمعرفة ما إذا كان ثمة فرق في الطريقة التي يصاب بها المرء بالبرد، إلا أنهم لم يلاحظوا وجود أي فرق، ما أظهر أنه ليس للثياب التي نرتديها ولا للحرارة الخارجية علاقة بإصابتنا بالرشح أو الإنفلونزا. لمعرفة ما إذا كان المرء سيصاب بالفيروس، لا بد من التأكد مما إذا كان قد دخل الأخير إلى جسمه. من الممكن أن تلتقط الفيروس بيديك من دون التعرّض للبرد أو الانفلونزا، فكي تمرض لا بد من أن يدخل الفيروس إلى جسمك، ويحصل ذلك غالباً بواسطة الأنف أو العينين.
في حال انتقل الفيروس إلى يدك بعد مصافحتك شخصاً مصاباً بالرشح وفركت عينيك أو أنفك، فستمرض لأن الفيروس أصبح داخل جسمك.
من جملة النصائح المفيدة التي توجّه عادةً في فصل الشتاء، ضرورة إبقاء اليدين بعيداً عن الوجه، وقد تكون إحدى الطرق الأكثر فاعلية للوقاية من الرشح والانفلونزا، تضاف إليها نصيحة أخرى بضرورة غسل اليدين باستمرار. فإذا لمستَ أشياءَ تحتوي على فيروس، إغسل يديك بالماء الساخن والصابون وافركهما لمدّة 20 ثانية. إنها طريقة ممتازة لإبعاد الفيروسات عن الجسم.
نقل العدوى
المرضى هم الأكثر قدرة على نقل المرض، لذا من الأفضل لهم عدم الذهاب إلى المدرسة أو العمل، لأنهم قد ينقلون العدوى إلى غيرهم.
ثمة رواية أخرى تطرّقنا إليها في برنامجنا، يتناقلها الناس منذ القدم تقول: «أطعم الرشح وجوّع الحرارة». صحيح أنه قول قديم، إلا أنه غير صحيح. حتماً لن تجوّع نفسك في حال كنت مصاباً بالحرارة أو بالزكام. على العكس، تحتاج إلى تناول سوائل وأطعمة صحية ومغذية.
عادة، عندما يصاب الجسم بالمرض يجوع ويحتاج إلى تناول مأكولات مفيدة. وعندما أصاب شخصياً بالإنفلونزا أو بالرشح، أتناول حساء العدس. بالتالي، تناول حساء الدجاج التقليدي أو أي طعام مفيد للصحة أفضل ما قد تفعله خلال إصابتك بالرشح أو الحرارة، ما يعني أن الفكرة الشائعة بإطعام الرشح وتجويع الحرارة خاطئة.
الخيارات الغذائية الصحية
ما الخيارات الغذائية الصحية الكفيلة بجعل الأطفال يشعرون بحالة جيّدة خلال موسم الإنفلونزا؟
أنصح بتناول أطعمة تقوّي جهاز المناعة مثل الفاكهة والخضار والأفوكادو والسمك، لأنها غنية بزيوت الـ «أوميغا3» التي تعدّ مفيدة للغاية. كذلك أنصح بتناول الأحماض الدهنية التي تعزّز جهاز المناعة.
الأهم من ذلك كله، أنصح بعدم تناول السكّر لأنه يكبح جهاز المناعة، إذ يبطّئ عمل الخلايا البيضاء التي تساعد على محاربة العدوى، ويدوم تأثيره لمدّة ست ساعات. عندما كان طفلاي يطلبان أن يتناولا طعاماً حلواً، كنت أتنصّل من طلبهما قائلاً لهما ممازحاً: «هل تعتقدان أن الوقت مناسب لكبح عمل جهاز مناعتكما؟». بالطبع، كانا يردّان بالنفي. بتعبير آخر، لا أنصح بتناول السكّريات أو الأطعمة التي لا قيمة غذائية لها. في المقابل، أنصح بتناول الليمون وغيره من أطعمة غنية بمعدن السيلينيوم الذي يساعد على تعزيز جهاز المناعة، وهو متوافر في السمك والخبز المصنوع من القمح الكامل والدجاج. باختصار، لتعزيز جهاز المناعة لا بد من تناول أطعمة صحية وتفادي تلك التي لا قيمة غذائية لها.
نلاحظ غالباً أن إصابة أحد أفراد العائلة بالرشح أو الإنفلونزا يساهم في انتشار المرض بسرعة! ما نصيحتك حول الطرق الكفيلة بايقاف انتشار الجراثيم في المنزل؟
مرّت عائلتي بهذه التجربة عندما أصيب اثنان منها بالمرض. حرصت على إبعاد يدي عن وجهي وأكثرت من تناول الفاكهة والخضار. كنت محظوظاً بما فيه الكفاية لأني لم أصب بالمرض.
عندما يكون شخص مريض في المنزل، يجب الانتباه إلى الأشياء التي يلمسها وإلى تلك التي يعطس عليها. من هنا، لا بدّ للمريض من إبقاء مناديل بقربه ليستعملها في كل مرّة يعطس فيها، وغسل يديه وعدم المشاركة في تحضير الطعام أو غسل الأطباق وتفادي قدر الإمكان الاحتكاك الجسدي مع سائر أفراد العائلة.
باعتبار أنك والد لطفلين، ما أكبر مكافأة حصلت عليها كأب؟
رؤيتهما يكبران. اليوم، أصبحت ابنتي في السابعة عشرة وابني في الثالثة عشرة.
عندما كانا طفلين، كنت أبذل قصارى جهدي لتعليمهما عادات غذائية صحية. لم أكن أسمح لهما بتناول مشروبات غازية أو عصائر بكثرة. وعندما كانا يعطشان، كنت أعطيهما الماء. اليوم، بعدما أصبحا ناضجين بما فيه الكفاية، باتا يتخذان قراراتهما بنفسيهما، وأسعد في كل مرّة أرى فيها أنهما يفضلان شرب المياه على المشروبات.
صحيح أن ابنتي تتابع دراستها في الجامعة، إلا أنني أواكبها في يومياتها عبر الهاتف. في أحد الأيام، اتصلت بها بينما كانت تتناول طعاماً في أحد المطاعم، سألتها عن لائحة الطعام التي طلبتها، عندما أجابتني، وجدت أن كل ما كانت تتناوله وتشربه مفيد للصحة، فشعرت بسعادة عارمة. كي يحيا الإنسان حياة صحية، لا بد له من تناول أطعمة صحية ومغذية، ويتمسّك ولداي بهذه العادات الغذائية علماً بأن لديهما خيارات غذائية أخرى.
كيف تتصرّف عندما يمرض أحد ولديك؟
لن أنسى المرّة الأولى التي مرضت فيها ابنتي. كانت في الثالثة من عمرها وكنت أستعدّ للخروج من المنزل إلى المستشفى، فإذا بي أسمع صراخاً. كانت ابنتي مصابة بالتهاب في المثانة وتعاني أوجاعاً كبيرة. انتابني حينها شعور غريب. المضحك أنني كنت طبيب أطفال وأقابل يومياً أطفالاً مرضى، مع ذلك ارتبكت عندما مرضت ابنتي. ومذاك، مرض ولداي مرّات عدة، وفي كل مرّة كنت أحرص على جعلهما يشعران بالراحة. كوني طبيب أطفال يفيدني كثيراً، فأنا لا أصاب بالهلع، مثل سائر الأهل، عندما يمرض طفلي ولا أركض به إلى الطبيب إلا إذا استدعى الأمر ذلك. في حالات معينة، اضطررت إلى اصطحابهما إلى الطبيب لإجراء تحاليل طبية، لكن غالباً أحرص وزوجتي على الاهتمام بهما وإطعامهما طعاماً صحياً. في النهاية، أقوم بما يجب أن يقوم به كل والد وأمنحهما أفضل رعاية ممكنة.
*الدكتور جيم سبيرز طبيب أطفال بارز وأحد المقدّمين الحائزين جائزة «آيمي» في البرنامج الحواري الشهير The Doctors الفائز بجوائز عدّة، وشارك في كتابة مجموعة المؤلفات الطبية والصحيه منها كتاب عن امراض الاطفال وتربية الرضع.