لها أون لاين
مرض الكبد الوبائي هو عبارة عن التهاب يصيب خلايا الكبد، ويعتبر من الأمراض المعدية و الصعبة؛ لأن العلاج المتوفر لا يكون فعالا مع بعض الأشخاص، وبعض الدراسات تؤكد أن من يتم شفاؤهم هو 30% فقط.
ويعد هذا المرض من أعلى الفيروسات الكبدية انتشاراً بين المصريين على مستوى العالم، حيث تشير التقارير والإحصائيات الطبية إلى انتشار فيرس "سي" الذي يعد أخطر أنواع فيروسات الكبد من 8 ـ 10% بين المصريين. كما ينتشر بكثرة في عدة دول عربية، من بينها المملكة العربية السعودية.
الدكتور جمال سلامة (أخصائي الباطنية) من مدينة جدة، يفسر ظاهرة زيادة أعداد مرضى الكبد الوبائي بالقول: "إن كثرة أعداد المرضى بسبب كثرة المسببات و التي من أهمها نقل دم ملوث أو رسم الوشم، وتعاطي المخدرات بالإبر المستعملة أو عن طريق شفرات الحلاقة، واستخدام الأمشاط الحادة الجارحة لفروة الرأس في محلات تجميل النساء و استخدام قصفات الأظافر لأكثر من شخص".
مضيفاً بالقول: "من الممكن أن ينتقل الفيروس في البلدان النامية من غسيل الكلى بالأجهزة الملوثة بالفيروس مما يزيد آلامهم بدلا من التخفيف عنهم".
من جهته، يرجع الدكتور أحمد عبد العليم (أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي بجامعة الأزهر) ارتفاع هذه النسبة لسوء الأحوال الاقتصادية التي تضعف معها الإمكانات الطبية، إضافة لقلة الوعي الصحي لدى المواطنين.
كما يعتبرها أن الأسباب التراكمية عبر السنين، ساهمت في توطن هذا المرض بشكل كبير، بدءًا من حقن "الطراطير" التي كانت تستخدم لعلاج البلهارسيا خلال ستينات وسبعينات القرن العشرين، فضلاً عن استخدام السرنجات الزجاجية التي كانت تستخدم أكثر من مرة في المستشفيات الحكومية بعد غليها، وكانت بيئة نشطة لنقل الفيروسات والميكروبات.
يقول الدكتور عبد العليم: إن لالتهاب الكبد الوبائي خمسة أنواع، أخفها A الذي يمكن الشفاء منه تماماً بإذن الله، وينتشر عادة بين الأطفال نتيجة تناول الطعام الملوث أو الإصابة عن طريق حضانات المواليد، وأوسطها فيرس "بي" الذي يمكن الشفاء منه تماما أيضاً، كما أن هناك تطعيمات ضده، حصل عليها المواليد الذين ولدوا بعد عام 1990م، لذلك فإن نسبة الإصابة بهذا النوع تكون بين مواليد ما قبل هذا التاريخ في الغالب.
ويشير الدكتور عبد العليم إلى أن أخطر أنواع الفيروسات الكبدية هو فيرس "سي" الذي ينتقل عبر الأدوات الصحية مثل ماكينات الحلاقة، أو من خلال عيادات الأسنان، أو عن طريق نقل الدم.
ويضيف: هناك أقوال عن انتقاله عبر العلاقة الزوجية، لكن هذه المعلومة لم تثبت علمياً، كما أنه لا ينتقل عبر حليب الأم، لكن الذي ينتقل عبر العلاقة الزوجية وعبر حليب الأم هو فيرس "بي" فقط.
طرق الوقاية من التهاب الكبد الوبائي:
بسبب تعدد الوسائل التي ينتقل بواسطتها الفيروس، ينصح الدكتور جمال سلامة باستخدام الأدوات الخاصة دائماً لتفادي العدوى، والتطعيم بالنسبة للأشخاص المعرضين لانتقال العدوى إليهم بصورة أكبر مثل الأطباء و أقارب الشخص المصاب من الدرجة الأولى وعلى الأخص الزوج أو الزوجة.
ويضيف بالقول: أما الوقاية للأشخاص العاديين فتكون بتجنب المسببات، كما أن استخدام الأدوات الشخصية شكل حضاري يجب الحفاظ عليه ويمنع العدوى الجرثومية.
حامل المرض والمصاب به:
لابد من معرفة الفرق بين حامل المرض و المصاب فعلاً، ويفسر الدكتور جمال الفرق بين الاثنين، قائلاً: الحامل للفيروس لا تظهر عليه علامات أو أعراض المرض ولكنه يعدي غيره، أما المصاب فعلاً فتبدأ تظهر عليه الأعراض مثل الغثيان وارتفاع أنزيمات الكبد و بعد فتره تظهر أنسجة متليفة في الكبد، و مع استمرار الأعراض يرتفع الضغط، و يبدأ المريض بتقيؤ الدم و الغيبوبة، وتكون لدى المريض قابلية أكبر لحدوث أورام في الكبد، مع اختلاف مدى تطور الفيروس من شخص لآخر تبعاً لمناعته، لذا فإني أقول لمرضاي لا تقلق من الإصابة لكن كن حريصا وتابع مع طبيبك.
ونوه دكتور جمال أن معظم الحاملين أو حتى المصابين بالفيروسات الكبدية لا يعلمون أنهم مرضى، وفي أحيان كثيرة يكتشفون وجود الفيروس عند تبرعهم بالدم حيث فحص الكبد الوبائي يكون أهم الفحوصات التي تجرى للمتبرعين للدم.
وتكمن أهمية معرفة المريض لمرضه حتى يبدأ بالمتابعة والعلاج المناسب ووقاية المحيطين به من انتقال العدوى خاصة عند وجود أطفال أو حوامل أو كبار في السن، حيث تقل المناعة لديهم و تتطور أعراض المرض بسرعة و في الوقت نفسه تقل نسبة الشفاء.
علاج الكبد الوبائي:
حول العلاجات المتاحة لفيرس "سي" يقول الدكتور عبد العليم هناك علاج متاح للمصابين، وهو عبارة عن حقنة أسبوعية تؤخذ تحت الجلد لمدة 48 أسبوعاً من مصل "الإنترفيرون" وتصل نسبة الشفاء من الفيرس للذين يحصلون على هذه الحقن بين 50 ـ 60%.
ويشير الدكتور أحمد عبد العليم إلى أن الأبحاث تجرى حالياً في مرحلتها الثالثة والأخيرة لطرح علاج جديد خلال فترة وجيزة، وهو علاج أفضل من الحقن، حيث يعتمد على الأقراص رخيصة السعر، وسهلة التداول، وكبيرة الفائدة بإذن الله، حيث تصل نسبة الشفاء فيها إلى 70%.
وعن إمكانية التعايش مع مرض الكبد الوبائي، قال الدكتور عبد العليم: من الممكن جداً التعايش معه، شريطة اتباع التوعية الصحية الجيدة.
ويؤكد الدكتور جمال سلامة أيضاً هذا الاتجاه، قائلاً: في كثير من الأحيان تأتيني أسئلة من فتيات تقدم لخطبتهنّ شباب يحملون الفيروس الكبدي أو العكس شاب يريد خطبة فتاة تحمل الفيروس، و هو جانب مضيء يجعل التعامل مع المريض بعقلانية و التعايش معه بهدوء، و عدم اعتبار الشخص منبوذا مع الأخذ بالاحتياطات اللازمة، كما ذكرت و أخذ التطعيمات التي تحمي من المرض، و أفضّل استشارة طبيب متخصص في الأمراض المعدية؛ ليحدد حجم الخطورة و بالتالي اتخاذ القرار المناسب.
وحول المحظورات من الأطعمة على مرضى الكبد الوبائي "سي" يقول الدكتور عبد العليم: المرضى الذين لا يعانون من تليف الكبد يعيشون حياتهم بشكل طبيعي ولا يمتنعون عن أي طعام، وعليهم فقط الحرص في ألا يستخدم غيرهم أدواتهم الصحية لئلا تنتقل إليهم العدوى؛ أما المرضى الذين لديهم تليف فعليهم الحرص في الأكل والابتعاد عن الملح والدهون.
--------------------
شارك بالتحقيق:
مكتب القاهرة
أ.غادة بخش من مكتب جدة.