كثيراً ما نسمع بأن العديد من الأمهات بمن فيهن العاملات ينجبن أربعة أو خمسة أطفال، الواحد تلو الآخر. ولذا نتساءل كيف تستطيع الأم استعادة صحتها بهذه السرعة وكيف تتمكن من توفيرالوقت الكافي لكل طفل من أطفالها مع إعطائه حقه من الرعاية والحنان؟.
كما نتساءل عن مدى وعي الأمهات بمفهوم تنظيم الأسرة ومدى إدراكهن لضرورة المباعدة بين الأحمال؟.
والمقصود هنا بمفهوم تنظيم الأسرة هو أن يحدد الزوجان بوعي عدد الأطفال المرغوب والفترة الزمنية بين طفل وآخر وبعدها يترجمان هذا إلى ممارسة عملية عن طريق استخدام وسائل تنظيم الأسرة الفعالة والآمنة ولهم الحرية في اختيار ما يناسبهم من وسائل حديثة متاحة على أن يكون الاختيار مبنياً على الوضع الصحي لكل من الأم وأطفالها وبمساعدة الطبيب الذي يحدد ما يناسب السيدة من هذه الوسائل.
إن المباعدة بين الأحمال يعد أحد أهم عناصر الصحة الإنجابية إذ أنه يقلل من معدل الوفيات عند الأمهات والأطفال. وفي العادة يُنصح طبياً بأن تكون فترة المباعدة بين مولود وآخر من سنتين إلى ثلاث سنوات، وهي فترة تساعد في تجنب حوالي 25% من حالات الوفاة الناتجة عن الحمل المتقارب حيث تكون الأم أكثر عرضة للمتاعب الصحية والنفسية عند الإنجاب في فترات متقاربة ومتتالية.
فقد أشارت أخصائية النساء والتوليد «الدكتورة رفيف كلوب» بأن «مراحل الحمل تستهلك الفيتامينات والمعادن في جسم المرأة مثل الحديد الذي تنخفض نسبته في الدم بشكل ملحوظ عند تقارب الأحمال. وكلما زادت فترة المباعدة بين حمل وآخر، زادت فرصة تحسن صحة الأم وسلامتها وقل استنزاف طاقتها وأتيح لها فرصة أفضل لاسترجاع قوتها وذلك قبل معاودة الحمل من جديد».
ومما لا شك فيه بأن إمكانيات المرأة الإنسانية أكبر من قدرتها على الإنجاب فقط، بل أن دورها في المجتمع فعال ومهم على مختلف الأصعدة. ولذا فإن ممارسة المرأة لتنظيم الأسرة يمكّنها من العطاء وممارسة حياتها بشكل كامل كأن تتابع مسيرتها التعليمية والمهنية وممارسة هواياتها والقدرة على ممارسة الأنشطة الاجتماعية المختلفة.
من جهة أخرى، فإن المباعدة بين الأحمال تقلل من الآثار السلبية التي قد تطرأ على الجنين أثناء فترة الحمل، كأن لا ينمو بشكل كاف فيولد ضعيفًا قبل موعده وأقل من الوزن الطبيعي، وهذا ما أكدته «الدكتورة رفيف كلوب» بقولها «أن المباعدة بين الأحمال تقلل من خطر اضطرابات النمو عند الجنين وتوفر له فرصة الرعاية الكافية والتربية الجيدة في المرحلة المبكرة من عمره. كما أن المباعدة بين الأحمال تمكن الطفل من الاستفادة من الرضاعة الطبيعية أطول فترة ممكنة».
إن تنظيم الأسرة لا يعني إطلاقاً تحديد النسل بل هو تخطيط لتوقيت الإنجاب بحيث تكون هناك فترة زمنية بين كل طفل وآخر؛ ما يعود بالفائدة على صحة الأم والطفل.
طبيبك : أثر تنظيم الأسرة على الأم وطفلها
- التفاصيل