د. سميح خوري-
هناك سوء فهم في هذا الموضوع, بالأقل للأزواج سيئي الحظ الذين قد حدث إسقاط الجنين عندهم عدة مرات. فالخلل الكروموزومي يرجح أن يكون سبباً في أول إسقاط, والذي يحدث قبل الاسبوع الثاني عشر. وفي الحقيقة هناك حوالي الخمسين بالمئة من الاسقاطات الأولى المبكرة تكون ناتجة عن مشاكل كهذه. ولكن الاسقاط الثاني أو الثالث من غير المرجح أن يكون له السبب ذاته لأن التشويه الكروموزومي ليس بالضرورة أن يكون مشكلة متكررة.
وهنا يجب إجراء الفحص الوراثي لمحاولة إيجاد سبب هذه الاسقاطات المتكررة كفحص نسيج الجنين والتخطيط الوراثي.
إن سن الأمومة المتقدم هو أكثر الأسباب شهرة, فالبويضات عند الأم قد تظهر آثار التقدم في السن. ومن المحتمل أيضاً أن تحدث المشاكل أثناء عملية التلقيح الغامضة, ونشوء الالتحام للنطفة والبويضة اللذين ينجحان في تركيب إنسان جديد. وقبل الاخصاب يجب أن تنقسم الكروموزومات في كل من خلايا البويضة (الانتصاف) بحيث تحتوي كل واحدة ثلاثة وعشرين كروموزوماً فقط (نصف العدد عند الانسان). وبعدها عندما تتصل يكون عندها العدد الطبيعي للكروموزومات 46. أما اذا حدثت المشاكل أثناء هذه العملية فالتشوهات الكروموزومية قد تحدث وتقود بدورها الى الاسقاط.
إن الانتقاء العشوائي هو الذي يحدد الخليتين مع الجينات الخاصة الملتصقة بالكروموزومات, اللتين ستلتقيان وتتزاوجان, السبب الذي يجعلنا مختلفين بشكل فريد.
فالمشاكل الوراثية اذن تتحرك من لحظة التلقيح عندما تلتقي الجينات وتتزاوج. أما العملية الأخرى المهمة في انقسام الخلايا فهي الانقسام الفتيلي والذي يحدث خلال إثني عشرة  ساعة الى اربع وعشرين بعد التقاء البويضة والنطفة. هذه العملية تحدد بداية التكاثر للخلايا حيث تبدأ اللاحقة بالنمو. في هذه المرحلة يمكن لبعض الكروموزومات أن تُفقد أو تنكسر, أو في حال وجود واحد اضافي قد يقود ذلك الى التشويه. وهذه الانواع من التشويه تسقط عادة بوقت مبكر, وهذا لا يحدث ثانية, ويتوقف على التركيب الدقيق للكروموزومات.
حقيقة هناك عدد صغير جداً من الأزواج الذين يعانون من الاسقاطات المتكررة – والحديث على ثلاثة الى خمسة بالمئة فقط منهم –قد يكون عندهم تشويه في الكروموزومات الخاصة بهم (عند الشريكين) والذي لا يؤثر في حياتهم ولكنه قد يؤثر في الجنين, ولكن اذا أثر التشويه في عدد الكروموزومات في خلية البويضة عندها يمكن أن يسبب مشكلة عند حصول عملية الانقسام الفتيلي.
هناك نقل موقع الكروموزومات, في هذه الحالة يكون هناك العدد الصحيح من الكروموزومات ولكن الاجزاء تكون متصلة بشكل غير صحيح. ومشكلة كهذه يمكن أن تكون سبباً في الاسقاط.
ما دام تطرقنا الى تشويهات الكروموزومات وتسببها في الاسقاط, نحبذ أن نعطي معلومة عن حياة الكروموزومات والجينات. تتركب أجسادنا لبضعة أشهر وأخرى لمدة سنين. فخلايا بويضة المرأة يمكن أن تحيا لمدة خمس وأربعين الى خمسين سنة. وكل هذه الخلايا في الجسم تحتوي على الكروموزومات التي هي تركيبات طويلة تشبه الخيطان والتي تعمل بشكل أزواج تبدو أحياناً كالذراعين. أما الجينات التي تحتوي شفرة الـ DNA  التي تدفع الخصائص الجديدة كلون الشعر والعينين, فئة الدم وحتى شخصياتنا, فتكون موجودة على شكل النقط المتناهية الصغر على الكروموزومات.
وبخلاف الجينات يمكن تمييز الكروموزومات تحت المجهر. وهذه الكروموزومات, تمتص نوعاً من الصبغة وبالتالي تصبح مرئية (ويشتق اسم كروموزوم من كلمتين يونانيتين, كروما تعني اللون, وسوما تعني جسم) فالكروموزومات تصبغ وتعاين تحت المجهر. ويتم التأكد من عدد الازواج والتركيب الصحيح وامكانية الخلل في الكروموزومات الفردية.
كل واحد منا عنده 46 كروموزوماً في كل خلية, اثنان وعشرون من الكروموزومات عندك هي من عند الأب, بما فيها كروموزوم جنسي من الأب وواحد من الأم  فاذا ورثت كروموزوم X1  وy1 تصبح ذكراً, X2  تصبح أنثى.
كلمة أخيرة نقولها للأزواج الاقرباء جداً – كأبناء العم الأول, وأبناء العم الثاني – يجب أن يفكروا بالاستشارة الوراثية.

مستشار الأمراض النسائية والتوليد والعقم

JoomShaper