الکاتب : فابيولا دينتيس (اختصاصية التغذية البرازيلية)
الأنوريكسيا (التنحيف القسري) مقتصر على عالم الموضة، حيث تعمل عارضات الأزياء على مواصلة تنحيف أنفسهنّ لضمان استمرارهنّ في العمل، لكن ذلك يتحول إلى هوس للتنحيف يصل إلى درجة المرض الذي يسمى بالأنوريكسيا.
ولكن ما هو غريب، ومثير للجدل، أنّ هناك آباء وأُمّهات يجبرون أطفالهم الصغار على اتباع أنظمة غذائية صارمة لتفادي السمنة، أو اكتساب الوزن. والسؤال هنا: لماذا هذا الإجحاف بحق الطفل الذي يمكن أن يفهم الأمور بشكل خاطئ، ويتحول كل ما يلقن له إلى أمر يغرس في ذهنه وتكون العواقب وخيمة؟
في دراسة أجريت في بريطانيا لمدة ثلاث سنوات حول الأنوريكسيا المبكرة أظهرت النتائج أن واحداً من كل عشرة أطفال أُجبروا من قبل ذويهم على التنحيف بسبب زيادة في الوزن عانوا من علامات الأنوريكسيا، وتم نقلهم للمشافي من أجل المعالجة، وقد تراوحت أعمار هؤلاء الأطفال بين خمس وسبع سنوات. وأضافت الدراسة – التي شملت لقاءات مع أطباء من 35 مشفى في بريطانيا – أنّ الأطفال الذين أجبروا على اتباع أنظمة غذائية صارمة للتنحيف من قبل الأبوين تشكلت لديهم عقدة الخوف من تناول مواد غذائية، وتحول ذلك إلى هوس؛ خوفاً من عقوبة الأبوين.
- اضطرابات في التغذية:
أضافت الدراسة أن إجبار الأطفال على اتباع ريجيمات غذائية لعدم اكتساب الوزن يؤدي إلى حدوث اضطرابات غذائية عند الطفل، فلا يعلم ما هو المفيد وغير المفيد، وما هو الشهي وغير الشهي من الأطعمة، وبالتالي يفقد الشهية لتناول أصناف من المواد الغذائية التي كان يحبها، ولكن أبويه حرماه منها.
هذه الاضطرابات هي التي تؤدي إلى الأنوريكسيا لأنّ الطفل يحرم من كثير من الأطعمة التي يحبها، ويحبها كل طفل. والخوف من عقوبة الأبوين يجبره على إجبار نفسه على الإقياء تماماً مثل الكبار؛ كي لا تظهر عليه علامات السمنة. وإن دل هذا على شيء فإنّما يدل على مدى قابلية الطفل للاستجابة بشكل خاطئ لما يلقن له قسراً.
- معالجته صعبة:
بعض الأُمّهات قد يعتقدن أنّه من السهل معالجة الطفل من الأنوريكسيا، ولكن بينت نتائج الدراسة أن ذلك ليس صحيحاً، لأنّ الطفل لا يستوعب ما يقوله الطبيب، ويتذكر دائماً ما غرسه الأهل في ذهنه، بعكس البالغين الذين يجبرون أنفسهم على التنحيف القسري دون تأثيرات، أو تدخل من الأبوين لأنّهم يستطيعون إدراك العواقب المترتبة والتي تؤدي إلى الموت.
- وزنه:
الدراسة نصحت الآباء والأُمّهات بعدم إجبار أطفالهم على اتباع أنظمة غذائية صارمة من أجل التنحيف إذا ظهرت عليهم بعض علامات السمنة، ذلك لأن بعض الذين يكتسبون وزناً خلال مرحلة الطفولة يفقدون ذلك الوزن بعد مرور سنوات بسبب تغير عادات التغذية لديهم من مرحلة إلى أخرى. وانطلاقاً من هذه الحقيقة يجب ألا يعمد الأهل إلى إجبار أطفالهم على عادات غذائية خاطئة قد تبقى معهم. وعلقت الدراسة: "كثير من الأطفال يعمدون إلى تناول ما هو ضار سرّاً، وبذلك لا تفيد أي أنظمة غذائية مفروضة عليهم".
- احذروا المبالغة:
دهشت الاختصاصية البرازيلية في التغذية فابيولا دينتيس فعلاً عندما اطلعت على الدراسة البريطانية، ووجهت كلامها للأُمّهات والآباء قائلة: "إجبار الطفل على أي شيء يؤدي إلى نتائج عكسية. من الأصح أن يعمد الآباء إلى تعليم أطفالهم العادات الغذائية السليمة، وليس إجبارهم على تناول هذه المادة أو تلك. فالطفل الذي يبلغ الخامسة أو السابعة من عمره لن يدرك ولن يفهم ما يمليه عليه والداه حول فائدة أو عدم فائدة مادة غذائية معينة؛ لأنّه في الأصل لا يعطي أي أهمية للوزن ولا للمفهوم الاجتماعي حول الوزن".
وبرأي فابيولا أنّ الاضطرابات الغذائية التي يعاني منها الطفل الذي يجبر على اتباع أنظمة غذائية صارمة غالباً ما تتحول إلى اضطرابات نفسية أيضاً مؤكدة أن هذه الاضطرابات النفسية هي التي تجعله عرضة للإصابة بالأنوريكسيا المبكرة.
- التوجيه وليس الإجبار:
أكّدت فابيولا أنّه إذا كانت هناك قابلية للسمنة عند الطفل، ويخشى الأبوان من استفحال المشكلة فمن الأفضل:
· توجيهه بشكل صحيح حول ما هو مفيد أو ضار له، وليس إجباره على عدم تناول مواد غذائية معينة.
· يجب عدم حرمانه من أي مادة غذائية يحبها، ويكمن دور الوالدين على مراقبة الكميات التي يتناولها.
· إفهامه أن تناول كميات مفرطة من المواد التي تزيد الوزن ستجعله يعاني من المغص، ومن المعروف أن أكره شيء للطفل هو شعوره بالمغص.
· اعلما أن إجباره على اتباع ريجيمات غذائية من أجل التنحيف في سن مبكرة يعتبر جريمة بحق الطفولة.
التنحيف القسري للطفل.. خطر بالغ على صحته
- التفاصيل