الرابطة الأهلية لنساء سورية
لا جدال أن المجتمعات العربية تعاني من الكثير من الأمراض. وأنها مبتلاة بالعديد من النقائص. ولا شك أن حملة المشروع الإصلاحي في مختلف ميادينه يعانون من العديد من العقبات منها الاجتماعي الذاتي ومنها السياسي الرسمي؛ وقد انضاف إلى هذه العقبات تلقائياً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة المشروع المعولم ومساندوه من المنظمات الأممية والدول المتخفية وراءها، وفي مقدمة هذه الدول: الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي.
العقبة الأولى التي يلقيها هؤلاء في طريق مشروع الإصلاح المحلي المتعثر أصلاً تكمن في (العنوان التهمة). السير في طريق مشروع التغريب. تهمة ليست حداثية ولا حضارية في المفهوم السائد لدى أبناء وبنات مجتمعاتنا العربية والمسلمة. (مشروع التغريب) مهما تكن مضامينه مرادف (للكفر) تارة، و(للصهينة) أخرى و(للاستعمار الفكري والثقافي) ثالثة و(للانمساخ وحب التقليد) رابعة وخامسة..
نعلم أن الكثير يمكن أن يجادل في هذه العناوين أو (الاتهامات!!) ولكن الجهد المحدود الذي يمكن أن يبذل في تغيير القناعات المجتمعية هذه يمكن أن يوظف من باب أولى في خدمة مشروع الإصلاح الذاتي، بعيداً عن الأجندات الدولية، ومقررات المنظمات التي تسمي نفسها إنسانية أو اجتماعية. سمعة هذه المنظمات بل رائحتها في مجتمعاتنا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ومباشراً بقرارها في تقسيم فلسطين، وتهجير اللاجئين، وبالاستعمار في تاريخه المقزز ثم بالحرب على أفغانستان والعراق وأشكال الحصار للتطويع والتركيع..
والعقبة الثانية التي يطرحها البرنامج المعولم في طريقنا الإصلاحي: نظرة القائمين على المشروع النمطية والسلبية عن النساء في عالمنا العربي والإسلامي. هذه النظرة التي يعززها بطريقة مباشرة المتكسبون من هذا المشروع.
لا يستطيع الإنسان الغربي الذي تلاشت في حياته المجتمعية معاني: العفة والشرف والغيرة بل وعقائد الإيمان الأساسية أن يتفهم حقائق (الحفاظ) ولا نريد أن نستعمل لفظ المحافظة. (الحفاظ) الذي تتمسك به المرأة المسلمة وتجعله جزءاً من كينونتها.
وهذا الحفاظ، الذي يتمثل في شعائر وقيم كثيرة وليس فقط في الحجاب كما يظن البعض، لا يعيق المرأة المسلمة عن أن تكون قادرة ورائدة وفاعلة في ميدان الحياة العامة على كل صعيد.
حتى على صعيد الأسرة الصغيرة من الخطل الكبير أن يتصور البعض أن المرأة المسلمة في البيت مستضعفة أو مستذلة أو تابعة، يتغامز الرجال والنساء في مجتمعاتنا عن حالات كثيرة سائدة عن رجال تغلبهم نساؤهم. وتنفرد دونهم بإدارة، البيت وتملي عليهم ما يفعلون. بل كثيراً ما نسمع رجالاً كبارا في السن أو في المقام يعترفون (أنا لولا أم فلان كنت ضعت..)
المرأة العربية المسلمة في واقعها الذي يحتاج إلى الكثير من الإصلاح. ليست في محصلة وجودها العام كماً سلبياً للعطالة العامة. وصورة الإنجاز أو الإنتاج في مقاييسه (الغربية) تصلح للمجتمع الغربي فقط، وليس من الضرورة أنها تصلح لمجتمعاتنا بمعاييرها القيمية المختلفة وهذا يسلمنا إلى العائق الثالث..
العائق الثالث الذي يضعه المشروع المعولم في طريق مشروع الإصلاح المجتمعي الذاتي هو مرجعية مشروع الإصلاح. حملة المشروع المعولم يردوننا إلى (السيداو)، وإلى مقررات مؤتمرات بكين والقاهرة وواشنطن والمنظمات الدولية..!!
حتى لو ذهبنا إلى القول بالنسبية جدلاً، ونحن لسنا من القائلات بها، فإن ما يصلح للمرأة في الغرب بعد قرون من المعارك والنضالات، لا يشترط أن يصلح، بنفس التوقيت، لمجتمعات أخرى. إن بعض (الأطروحات) الواردة في المقررات تلك جديرة بإحداث ثورات اجتماعية لا تبقي ولا تذر لو تم الإفصاح عنها بطريقة مباشرة. بل إن بعض المطالبات التي تعتبرها تلك الوثائق حقوقاً نعف عن ذكرها أو التلويح بها لئلا نفقد قارئاتنا والمتعاطفات معنا..
وإضافة إلى ذلك، فنحن أيضاً لا نقر بمرجعية تلك الوثائق والمقررات. لا نرى في اتفاقية (السيداو) نصوصاً مقدسة معصومة يجب علينا أن نعمل عليها وأن نلتزم بها..
ندرك في الوقت نفسه أن في تلك المقررات الكثير من الإيجابيات التي تتقاطع عليها العقول والقلوب. وإذا وضعنا بين خياري: نقبل تلك المقررات جملة أو نرفضها جملة. فإننا لن نتردد لحظة في الإعلان وبصراحة أننا نرفضها جملة. وأننا مستعدات لبذل كل ما نملك من جهود لحماية مجتمعاتنا العربية مما نعتقد أنه (طبقة العفن) التي تعلو رغيف المدنية الغربية.
كل هذه العقبات تضيق علينا طريق الإصلاح. وتكرس الظل (المقدس) لأمراض اجتماعية بنيت في عالمنا العربي والمسلم على وهم أو على باطل.
وفي مرجعيتنا الشرعية نمتلك أسساً قويمة نقيم عليها مشروعنا ليمضي إلى غايته: المساواة بين الرجل والمرأة، المساواة الإنسانية والمساواة في الأهلية القانونية والمساواة في الحقوق والواجبات بمفهومنا الحضاري.. لكفاية المرأة وكرامتها وعفتها وحرمتها كل هذا يؤهلنا إلى مواجهة الكثير من السلبيات بمبضع الجراح..
تحدثني صاحبتي عن سهمي من الميراث.. أقولها بصراحة: لا، لا أقبل أن يتساوى سهمي بسهم أخي، وأن ترفع عني الكفالة المجتمعية التي ضمنتها لي ولبنات جنسي شريعة الإسلام.. الكفالة المجتمعية الرحمية التي لن توفر لي بديلاً عنها دولة رأسمالية غاشمة..
لقد رأيتهن في أكثر من فيلم أمريكي يخرجن من بيوت الزوجية هائمات على وجوههن بعد أن يتعرضن لجولات من الضرب الوحشي العنيف، لأن قانون (السيداو) لم يستطع أن يوفر لهن حتى اليوم الحماية..
حين نتحدث عن الضرب في مجتمعاتنا فنحن نتحدث عن حالات محدودة وضيقة ورقيقة أيضاً إذا صحت العبارة، بالمقارنة بما تعرضه الأفلام هناك. ولكننا نتمسك بحقوقنا إذا وقعت إحدانا في مثل هذا المأزق..
أن تعود إلى ظل هذا الذي تقول له: (يا أجمل هدية من أمي وأبية..).
تتحدثين عن المرأة العاملة، تضحكينني أنت!! قبل أن تتكلمي.. راجعي قوائم البطالة العالمية وليس فقط العربية!!!