إلى الطغاة الذين فجعوا الأم العربية بولدها
ردوا عليها ابنها وزوجها وأخاها
زهير سالم*
من المروءة اشتقت العرب امرأً وامرأة.ً ثم انحسر اللفظ عنه أو كاد، واستأثرت هي به، عَلَما فرداً على الجنس، فهي امرأة وهن نساء..
وحين تَذكر المرأة تَذكر الأم فتدمع وتخشع، وتذكر الزوجة فتومي إجلالا ووفاء للتي لا تقول فيك وعنك إلا ما يكشف عن نبل نفس، ورهيف حس، وتذكر الأخت الشقيقة التي كانت يوما أما صغيرة تتفرغ لك إذ انشغلت أمك الكبرى بشأن الجميع فتنظر إلى الوراء: كيف أنت يا أختاه؟! وتتذكر البنت التي ما تني تذكرك بلطفها وودها وأنسها وشغفها بالقرب منك والسؤال عنك، والاهتمام بشأنك إلى أن تعيدك طفلا بطفولتها، وإن كانت ذات بنين؛ تقول لها يا بنيّة أريد أن أطمئن عليكِ، فتجيبك : هل أنت ملتزم بجرعات الدواء، لا تنس برنامج الرياضة، ولا تستمع كثيرا إلى نشرات الأخبار.. حين نذكر المرأة نذكر الورد نذكر الجوري الأحمر ونذكر الأبيض والأصفر والمخملي، ونذكر النرجس والياسمين والليلك والنسرين والفل وهل تستطيع أن تنسى الأقحوان والحبق والزيزفون. ونذكر المرأة فنذكر فاغية العطر وتلألأ الندى والطل، ولمس النسيم ، ولازورد السماء والبحر، وأرجوان الصحراء بما فيه من شيح وقيصوم وعرار. تذكر الهمسة العابرة تجوس عوالم القلب بالخير والأمل والود. ولو جمعنا ما قالت العرب في طروق الطيف، وفي طهر اللقاء، وفي الأعين الحور والنجل أيضا، وفي ورد الخد، ونرجس العين، ولؤلؤ الدمع، ورقة الأنامل، وجمال الجيد، ورهافة الخصر، ورخامة الصوت، وعذوبة المنطق..لاحتجنا لكل موضوع إلى مجلد.. دون أن تنسى ما قالوه في طيب النفس، وحسن الخلق، والرفعة عن الدنيّة، والاستعلاء على الطبيعة البشرية، وكأن العرب الذين دفعتهم عقائدهم الجاهلية لأن يقولوا إن الملائكة بنات الله إنما فعلوا ذلك من نظرتهم القدسية لمعدن المراة، فهي في كل مقام مطلوبة مرغوبة تسفك على عتباتها الدموع، وتراق حول مضارب أهلها الدماء، وتبقى متمنعة مستعلية، إقرارها صمت، وإباؤها أمر وهي إن قالت فقول (حذام)

إذا قالت حذام فصدقوها     فإن القول ما قالت حذام
، وإن خطبت فجهيزة التي تقطع قول الخطباء،( قطعت جهيزة قول كل خطيب ) وإن قدرت ونظرت فحكم فتاة الحي على ما لقبها النابغة أو زرقاء اليمامة..

احكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت     إلى حمـام شـراع  وارد الثمد

قالت ألا ليتمـا هذا الحمام لنـا     إلـى حمامتنـا ونصفـه فقـد

فحسـبوه فألفـوه كما حسـبت     تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد

ودخل رسول الله على أم سلمة يوم الحديبية مهموما لما يلقى من الأصحاب!! فقالت له يا رسول الله لو قمت إلى هديك فذبحت، ودعوت الحلاق فحلقت لتبعك الناس فأخذ برأيها وتبعه الناس..
خير النساء نساء قريش أحناهن على وليد وأصبرهن على زوج في ذات يد..

ولقي ربه وهو ينادي اتقوا الله في الضعيفين المرأة والمسكين. وما أكثر ما قال خياركم خياركم لأهله. وكان يخصف نعله، ويرقع ثوبه ويخدم في مهنة أهله. سأله رجل عن أحق الناس بحسن الصحبة فقال : أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك. ويقولون مجتمع ذكوري أبوي!!

في يوم المرأة العالمي نعود إلى نساء يمضغن القهر في بلاد يحكمها الطواغيت .نعود إلى الأمهات والأخوات والبنات والخالات والعمات فهؤلاء لم يسومهن الرهق أب ولا أخ ولا أبن عم. كما يزعم الزاعمون ويسوق المسوقون. لقد سامهن الرهق وأنزل بهن الضر، وضيق عليهن الرحب، ورد وجوههن البيض سودا وشعورهن السود بيضا هؤلاء الطغاة الجبارون الذين سجنوا الزوج، وقتلوا الولد وأفسدوا العلائق، وقطعوا الأرحام، ودمروا الأخلاق، وضربوا أبناء المجتمع بعضهم ببعض، وسلطوا بعضهم على بعض، فعم البغي، وكثر الظلم، وانتهكت حدود المكارم، وأحضرت الأنفس الشح فكان ما يشكو منه أصحاب الحوانيت والبسطات والورشات؛ كلٌ تعلق من شجرة الشر بفرع أو غصن وشغل نفسه ، وأراد أن يشغل الناس به..

في يوم المرأة العالمي نتذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت حمامة تعرش فوق رؤوس ثلة من أصحابه كانوا قد أصابوا فراخها فقال النبي الكريم الرؤوف الرحيم: من فجع هذه بولدها ؟! ردوا عليها ولدها..

في يوم المرأة العالمي ننادي على طغاة العالم وجلاديه، ردوا على أمهات العالم أولادهن. ردوا على الزوجة زوجها، وعلى البنت أباها، وعلى الأم وليدها ووليدتها أيضا..

ردوا على الإنسان كرامته التي سلبتموها ليعود إنسانا سويا في أحسن تقويم. (( اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ..)) من نفس واحدة خلقهم ، ذكراً وأنثى خلقهم..

----------------
*مدير مركز الشرق العربي

للاتصال بمدير المركز

00447792232826

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

JoomShaper