الرابطة الأهلية لنساء سورية

أثارت التعليقات على مشروع تحديث قانون الأحوال الشخصية كلاما كثيرا حول سن الزواج. وألقى الكثيرون والكثيرات الكلام على عواهنه، جعله أحدهم عنوانا على اغتصاب الطفلات!! حصل في الوسط الثقافي الاجتماعي ما يمكن أن نطلق عليه اسم الفزعة في التناوب على الهجوم على مشروع القانون بخلفيته المجتمعية، وكان الحديث عن سن الزواج أحد المداخل الرئيسية لهذا الهجوم حتى كتب أحدهم

( يبدو أن الانتصار الذي حققته سورية المستقبل على أمراء الظلام لم يثنهم عن البحث عن طرائق أخرى أكثر التواء وتعمية لتمرير مشروعهم الأسود الهادف إلى تدمير المواطنة والدولة الحديثة، وإقامة إماراتهم الطائفية الخاصة التي تحتقر المرأة وتشرع اغتصاب الطفلات )

العجيب أن هذا الكلام التفتييي يكتب مدخلا لورقة عمل يقول أصحابها إن مشروع التفتيت الطائفي مرفوض، ونحن معهم في ذلك، ولكننا نعتقد أيضا بأنه إذا كانت الطائفية تفتت البلد على أسس تاريخية ماضوية يمكن ببعض الثقافة تجاوزها، فإن مثل هذا الخطاب عن أمراء الظلام وأمراء النور على طريقة الثنوية في إيمانهم بأهرمن وأهوار مزدا سيفا على السواء، يحمل إلى الوطن تفتيتا مستقبليا أعمق وأبعد..

 

نحن هنا لا نناقش حقيقة الموقف من سن الزواج ووجه المصلحة المجتمعية فيه؛ ولكننا نتحدث عن أسلوب الحوار، وطرائقه اللاموضوعية، التي تقوم على اتهام المخالفين واستفزازهم ورميهم بالنقيصة، ورفض الاستماع إليهم واحتكار الحقيقة دونهم، وكأن أصحاب وجهة النظر تلك وهم مجموعة وليسوا فردا هم أصحاب الحق الأوحد في الرؤية وفي الكلام وفي فرض القانون ونفي الآخر ولو بالإكراه..

نقول تعليقا على الأسلوب ، أسلوب الحوار، وما أوردناه آنفا ماهو إلآ رمز له،وهو يشكل عنوانا لظاهرة، أو لطريقة خطاب تسيطر على أسلوب مجموعة تتحرك تحت عناوين التحرر والحداثة وحقوق الإنسان، نقول لهؤلاء بأنه ما هكذا يؤسس للحوار، وما هكذا تبنى الأوطان، وما هكذا يخدم مشروع التطوير والتحديث الذي نحن بأمس الحاجة إليه!!

ونعود إلى العنوان الأساس لهذه النافذة: (سن الزواج) وهذه قضية موضوعية ذات أبعاد بيولوجية واجتماعية وواقعية وللحوار حولها نحتاج إلى استحضار العديد من الحقائق والمقدمات ولعل منها أن نقرر:

أن الشريعة الإسلامية كانت السباقة في التأسيس للتمييز بين سن البلوغ وسن الرشد أو النضج، ربما من حقنا أن نقول لمن يستورد نظارة سوداء للنظر إلى هذه الشريعة: على رسلك، وهون عليك، وتأمل ما تقول...

قال تعالى: ( وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ )

فقد اعتبرت الشريعة المطهرة البلوغ إشارة بيولوجية على بلوغ الرشد، ولكنها إشارة غير كافية، ومن هنا أفاض الفقهاء القدماء في الحديث عن سن الرشد، فمنهم من اعتبره حالة فردية تقدر بقدرها، ومنهم من قرر لها سن الثامنة عشرة ، ومنهم من امتد بها إلى الحادية والعشرين، ومنهم من ميز في ذلك بين الذكر والأنثى ، اجتهادات ملهمة وليست ملزمة...

والثانية أن سن البلوغ البيلوجي متأثر عند الذكور والإناث باختلاف الأقاليم والبلدان فهو في الإقليم الحار مختلف عن الإقليم المعتدل وفيهما أشد اختلافا عن الإقليم البارد والأشد البرودة، وهذا حقائق مشاهدة ومقررة، والجدل حولها نوع من المراء المرفوض.

والثالثة أن تنظيم أمور المجتمعات إنما ينبع منها، ومن مراعاة عقائدها وأحوالها وعوائدها، ومسيرة الإصلاح الاجتماعي سيرها وئيد، وحمل المجتمعات في هذه الأمور بعضها على بعض، فيه قصور وغرور. فالأصل في القانون أن ينظم أمور المجتمع المعنيّ لا أن يلحق بعض الناس ببعض.

ورابعا فإن مثل هذه القضايا تظللها المظلة الفردية كما المظلة الاجتماعية، بل يمكن أن تكون المظلة الفردية فيها أكثر لزوما وحضورا، ومن هنا فقد أطلق على عنوانها القانوني ( الأحوال الشخصية ) بمعنى أن هذا القانون يحاول أن ينظم الأشد خصوصية في إطار عام، ومن هنا وجب أن يكون القانون أكثر مرونة، وأبعد في مراعاة اختلاف الناس وتعدد الطبائع، وتباين الحاجات، لكي لا يلجئ الناس إلى تجاوز القانون أو الخروج عليه، أو لكي لا يخلق فصاما بين الواقع الاجتماعي والواقع القانوني...

وبالعودة إلى سن الزواج مرة أخرى نقرر

إننا أولا مع الزواج المبكر كسبيل وحيد لحصانة الفرد والمجتمع، ولأسباب سنعود إليها بعد قليل، ولكننا مع الزواج المبكر بمفهوم يحقق المقصد الشرعي من بناء الأسرة واستقرارها ودوامها..هذه الأسرة المستقرة الصالحة تقوم على طرفين راشدين ناضجين قادرين على تفهم المقصد الأول للقائهما، ومقتضياته والحقوق على كل منهما للآخر كما الحقوق التي له عليه. إن الحديث عن سن الرشد وسن النضوج في عالم أصبح أشد مساسا بالثقافة والمعرفة والانفتاح ينبغي أن يكون حاضرا في أذهان الآباء والأمهات والعمات والخالات والصبايا والشباب،لوضع قواعد العرف العام لتجديد تلقائي مجتمعي عرفي لسن الزواج، ولإعادة صياغة مفهوم الصغير والصغيرة والكبير والكبيرة، ومفهوم الكبير والكبيرة أشد حاجة إلى العناية في الذاكرة الجمعية ،أليس مؤسفا أن توصف التي، أو أن يوصف الذي، تعب وحصل أو تعبت وحصلت علما وثقافة بأنها كبيرة لمجرد أنها قاربت الخامسة والعشرين وأن تعيش هي وأسرتها هاجس فوات القطار وأن يهددها عنوان العنوسة المحتاج هو الآخر إلى الكثير من الإصلاح...
نعتقد أن بعضا ممن يهربون من مكابدة الإصلاح بالصبر والإرشاد إلى المطالبة بمعالجته بالإكراه، ولو بالقانون ، لا يدركون أسرار الحرية، ولا يحملون رسالة إصلاح!!
ونحن وإن كنا نؤكد على الحرية الفردية للمعنيّ ولوالديه في اختيار ما يصلح لحالهم، نؤكد أيضا على ضرورة الرقابة الاجتماعية القانونية للأخذ على أيدي المتجاوزين والمفرطين، ومن هنا نرى وجه الحكمة في القانون القديم ومشروع القانون الجديد في تفويض القاضي كطرف محايد لمشاركة الولي القرار في تقرير مصلحة الصغيرة في الزواج وصلا حيتها له..

أليس عجيبا أن تزدوج معايير الذين يؤكدون على (الحرية الفردية) كفلسفة وكقاعدة في التأسيس لمجتمع الفوضى والأهواء، ,ينكصون عنها عندما لا يرون فيها خادما لرؤيتهم ولا ملبية لأهوائهم.

وعودا على بدء في موضوع سن الزواج وبعد كل الذي قررناه وأكدنا عليه من أننا ندعو إلى اعتبار الرشد حسب التعبير القرآني والنضوج الجسماني والنفسي والعقلي كمدخل اولي لبناء أسرة صالحة ولكن هذا التوجيه العام لا ينبغي أن يكون قانونا صارما يُحمل الناس عليه، ويسد على أبناء المجتمع في بواديهم وقراهم ومدنهم سبل الالتزام بالقانون ويدفعهم تلبية لمصالحهم إلى تجاوز القانون أو الاحتيال عليه ، الأمر الذي يكون بالنسبة للعقلاء الذين يحسنون تقدير الأمور ضره أقرب من نفعه.

أما الحديث عن اغتصاب الطفلات بهذه العبارة الصارخة ضد زواج الصغيرات ومشروع القانون فوض القاضي بالنسبة للصغيرة ابنة الثالثة عشرة، فدعونا نعلم بالرقم والإحصاء في أية حضارة تغتصب الطفلات الصغيرات، دعونا نرجع إلى المرجعية التي يدعوننا إليها السادة المخطفون وراجعوا أو دعونا نراجع نسبة الفتيات اللواتي تمارسن الجنس في سن الثالثة عشر لنعلم أن النسبة في كل دول الغرب أوربة وأمريكا تتجاوز ثلث الفتيات، فإذا ما وصلنا إلى سن السادسة عشر قلما نجد فتاة مثل الأميرة ديانا عذراء، بل إن العذراء في تلك السن تثير قلق أبويها ويطلب من أمها أن تصحبها إلى طبيب نفسي لتزيل عنها عارض التوحد، أو لتتأكد أنها ليست من مدرسة الشاعرة ( سافو) التي أماط الحداثيون عنها وصف الشذوذ المذموم.

بالعودة إلى مشروع القانون الذي أثار هذا الحجم من الصراخ ومن الوعيد والتهديد نرى أن مشروع القانون المذكور قد حدد سن الزواج للفتاة بالسابعة عشرة، وفوض القاضي بالفتاة التي تهبط عن هذا السن حتى الثالثة عشرة

وهذا جدول إحصائي عالمي* يبين للمواطن السوري على اختلاف موقعه سن الزواج المقرر في العديد من قوانين العالم، او لنتحدث بلغة القوم سن الرضا المطلوب لاقامة علاقة جنسية، لنعلم حقيقة الفروق التي استدعت هذا الحجم من السخام الذي طلي به مشروع القانون وقذف به أبناء المجتمع السوري في محاولة مريبة لتنميط صورة سلبية عالمية للمراة السورية مما يدخل في باب التزوير والتزييف الحضاري والإسلامي والوطني على السواء

السن المسموح به لممارسة الجنس

الدولة

أمريكا

15

ساموا الأمريكية

18

ولاية أريزونا

الذكر 14\ الأنثى 16

ولاية أركنساس

الذكر 15\ الأنثى 17

كولورادو

18

كاليفورنيا

الذكر 16\ الأنثى 18

الديلوير

الذكر 16\ الأنثى 18

فلوريدا

17

إلينوي

الذكر 14\ الأنثى 16

انديانا

الذكر 14\ الأنثى 16

ايوا

17

لويزيانا

17

ميسوري

17

نبراسكا

17

نيو مكسيكو

17

نيويورك

18

داكوتا الشمالية

18

أوريجون

17

تكساس

الذكر 16\ الأنثى 18

يوتا جاز

18

تينيسي

الذكر 16\ الأنثى 18

واشنطن

الذكر 16\ الأنثى 18

وايومنغ

18

ويسكونسن

16

العسكريين

الذكر 12\ الأنثى 16

المواطنين المسافرين

16

باقي الولايات 27

أوروبا

16

بريطانيا

16

سويسرا

15

السويد

13

أسبانيا

15

رومانيا

16

روسيا

14\16

البرتغال

15

بولندا

14\16

النمسا

16

بلجيكا

14

بلغاريا

13\17

قبرص

15

الدنمارك

15

تشيك

15

فرنسا

14\16

ألمانيا

15

اليونان

14

ايطاليا

16

هولندا

15

رومانيا

أخرى

15

توغو

15\18

تايلاند

16

تايوان

13

كوريا الجنوبية

13\16

الأرجنتين

16

أستراليا

14/18

برازيل

16\18

كندا

12

الفلبين

14

الصين

16

الصين -- هونغ كونغ

14\16

اسرائيل

13\18

اليابان

16

ماليزيا

12\18

المكسيك

ما  وراء الأكمة..

ماذا يقول هذا الجدول في مجتمعات  تسودها الإباحة الجنسية، ولاتبالي بطهر ولا بعفاف، ولماذا هذا النكير على محاولة الحفاظ على قيم المجتمع وشرف أبنائه. لماذا لا نسمع من  أمراء النور!! كلمة دفاع واحدة عن الفضيلة والعفاف والطهر؟!! ليعلم المواطن السوري أن أكثر الأرقام الواردة في الجدول السابق ليس لتحديد سن الزواج الشرعي والذي يكون بولي وشاهدين وإنما باعتبار الرضا والموافقة القانونيين.

أهو الحرص على إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا؟! أيتصور المنغمسون والمنغمسات في مشروع الرذيلة هذا أنهم مأخوذون بقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ..)

تقوى الله هو خير ما نذكر به. ولمعرفة من هم أمراء النور ومن هم أمراء الظلام نقول لأبناء شعبنا تأملوا وتفكروا والله غالب على أمره

*نقلا عن منظمة أفرت(Avert)

JoomShaper