ياسر محمود
هي فاختة بنت أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمها فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وأخت علي وجعفر، اختلف في اسمها فقيل: هند، وقيل: فاختة وهو الأكثر شهرة.
زواجها
خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمه أبي طالب في الجاهلية، وكان أبوها قد وعد بها هبيرة بن أبي وهب بن عمرو المخزومي فظفر بها هبيرة، وأنجبت منه: عمرة وجعدة وهانئًا ويوسف وطالبًا وعقيلا وجمانة، وقد ولي ابنها جعدة بن هبيرة ولاية خراسان في عهد الإمام علي.
وأسلمت أم هانئ يوم فتح مكة، بينما فرّ زوجها هبيرة هاربًا.
حرص على الأبناء
انصرفت أم هانئ بعد فراقها عن زوجها إلى الاهتمام بأمور أبنائها، فأقبلت على تربيتهم تربية صالحة، وتنشئتهم تنشئة طيبة، وكان ذلك سببا لاعتذارها عن زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم، فأثنى النبي على تضحيتها هذه من أجل أبنائها، فعنها رضي الله عنها قالت: خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ما بي عنك رغبة يا رسول الله ولكن لا أحب أن أتزوج وبني صغار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ نساءٍ رَكِبْنَ الإبِلَ نساءُ قريشٍ، أحْنَاهُ على طفْلٍ في صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ على بَعْلٍ في ذَاتِ يَدِهِ" (ذكره الهيثمي بمجمع الزوائد).

أجرنا من أجرت
كانت أم هانئ ذات شخصية قوية، فلقد كانت المرأة العربية في عهد الإسلام تجير الخائف وتؤمن المروع، فقد أجارت أم هانئ رجلا من أحمائها كتب عليه القتل، فعنها أنها قالت: ذهَبتُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَ الفتحِ، فوجَدتُه يَغتَسِلُ، وفاطمةُ ابنتُه تَستُرُه، قالتْ: فسلَّمتُ عليه، فقال: "مَن هذه"، فقلتُ: أنا أمُّ هانىءٍ بنتُ أبي طالبٍ، فقال: "مَرحبًا بأمِّ هانىءٍ"، فلما فرَغ من غُسلِه قام فصلَّى ثمانيَ ركعاتٍ، مُلتَحِفًا في ثوبٍ واحدٍ، فلما انصَرَف، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، زعَم ابنُ أمي، أنه قاتلٌ رجلا قد أجَرتُه، فلانَ بنَ هُبَيرَةَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "قد أجَرْنا مَن أجَرتِ يا أمَّ هانىءٍ"، قالتْ أمُّ هانىء: وذاك ضُحًى. (رواه البخاري)

بحث عن الصالحات
عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: أتيتُ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، دُلَّني على عملٍ فإنِّي قد كَبِرْتُ وضعفتُ وبدَّنتُ، فقالَ: "كبِّري اللَّهَ مائةَ مرَّةٍ، واحمَدي اللَّهَ مائةَ مرَّةٍ، وسبِّحي اللَّهَ مائةَ مرَّةٍ خيرٌ من مائةِ فرَسٍ مُلجَمٍ مُسرَجٍ في سبيلِ اللَّهِ، وخيرٌ من مائةِ بدَنةٍ، وخيرٌ من مائةِ رقبةٍ" (رواه بن ماجه).

رواية الحديث
وقد روت أم هانئ الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنها حفيدها جعدة، ومولاها أبو صالح، وكريب مولى ابن عباس، وعبد الرحمن ابن أبي ليلى، ومجاهد بن جبر، وعطاء ابن أبي رباح، وعروة بن الزبير، وآخرون. ومن هذه الأحاديث التي روتها:

قالت: كنتُ قاعِدةً عند النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأُتِي بشَرابٍ شَرِبَ منه، ثم ناولني فشَرِبْتُ منه، فقلتُ إني أَذْنَبْتُ، فاستَغْفِرْ لي، فقال: "وما ذاك؟" قالت: كنتُ صائمةً فأَفْطَرْتُ، فقال: "أَمِن قضاءٍ كُنْتِ تَقْضِينَه؟"، قالت: لا، قال: "فلا يَضُرُّكِ" (رواه الترمذي).

وعنها قالت: دخل عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: "هل عندكم شيءٌ؟" فقلتُ: لا، إلا كسرَ يابسةٍ وخلٍّ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "قرِّبيه فما أقفر بيتٌ من أدمٍ فيه خلٌّ" (رواه الترمذي).

وقد اختلف في تاريخ رحيل أم هانئ عن الدنيا، لكن المؤكد أنها عاشت إلى بعد سنة خمسين من الهجرة.


JoomShaper