ياسر محمود
هي أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن بن جبير بن الهزم بن روبية بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية، ولدت في عام  593م.

خير الأصهار
أمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث، وأخواتها لأبيها وأمها: أم الفضل - لبابة الكبرى - زوج العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، ولبابة الصغرى زوج الوليد بن المغيرة وأم خالد بن الوليد، وعصماء زوج أبي بن الخلف، وغرة زوج زياد بن عبد الله بن مالك الهلالي.
وأخواتها لأمها: أسماء بنت عميس زوج جعفر بن أبي طالب ثم أبو بكر الصديق ثم علي، وسلمى بنت عميس زوج حمزة بن عبد المطلب ثم شداد بن أسامة بن الهاد، وسلامة بنت عميس زوج عبد الله بن كعب الخثعمي.
ولهذا عُرفت أمها هند بنت عوف بأكرم عجوز في الأرض أصهاراً، فأصهارها: أشرف الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحبه الصديق، وعميه حمزة والعباس، وجعفر وعلي أبناء عمه، وشداد بن الهاد رضي الله عنهم أجمعين.
زواج مبارك
تزوجت ميمونة بمسعود بن عمرو الثقفي قبل الإسلام، ففارقها وتزوجها أبو رهم بن عبد العزى، فتوفي عنها وهي في ريعان الشباب.

ولما تأيمت عرضها العباس على النبي صلى الله عليه وسلم، فتزوجها رسول الله، وبنى بها بسَرف، وهو مكان يبعد عن مكة بعشرة أميال، وكانت آخر امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك سنة 7 للهجرة الموافق 629ميلاديا بعد عمرة القضاء، وقد أصدقها العباس عن رسول الله أربعمائة درهم.

وقيل إنها وهبت نفسها للنبي، وذلك أن خطبة النبي انتهت إليها وهي على بعيرها، فقالت: البعير وما عليه لله ولرسوله، فأنزل الله تبارك وتعالى:}وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ{ (الأحزاب: 50).

وقد غير النبي صلى الله عليه وسلم اسمها من برة إلى ميمونة.

في بيت النبوة
ودخلت ميمونة رضي الله عنها البيت النبوي وهي لم تتجاوز بعد السادسة والعشرين، وإنه لشرف لا يضاهيه شرف، فقد أحست بالغبطة تغمرها والفرحة تعمها عندما أضحت في عداد أمهات المؤمنين الطاهرات رضي الله عنهن جميعاً.

وعند وصولها إلى المدينة استقبلتها نسوة دار الهجرة بالترحيب والتهاني، وأكرمنها خير إكرام.

شهادة بالإيمان
وعكفت أم المؤمنين على العبادة والصلاة في البيت النبوي وراحت تهتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقتبس من أخلاقه، وكانت حريصة أشد الحرص على تطبيق حدود الله، ولا يثنيها عن ذلك شيء من شفقة أو صلة قرابة، فيحكى أن ذا قرابة لها دخل عليها، فوجدت منه ريح شراب، فقالت: لئن لم تخرج إلى المسلمين، فيجلدونك، لا تدخل علي أبدا.

وقد زكى الرسول صلى الله عليه وسلم إيمانها، وشهد لها ولأخواتها بالإيمان، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأخواتُ مؤمناتٌ، يعني: ميمونةَ بنتَ الحارثِ، وأمَّ الفضلِ بنتَ الحارثِ، وسَلْمى امرأةَ حمزةَ، وأسماءَ بنتَ عُمَيسٍ" (ذكره الهيثمي بمجمع الزوائد).

رواية الحديث
وبعد انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، عاشت رضي الله عنها حياتها في نشر سنته بين الصحابة والتابعين؛ فقد روت الكثير من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى عنها: إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس، ومولاها سليمان بن يسار، وعبد الله بن سليط، وابن أختها عبد الله بن شداد بن الهاد، وابن أختها عبد الله بن عباس، وابن أخيها عبد الرحمن بن السائب الهلالي، وغيرهم، وقد رُوي لها سبعة أحاديث في الصحيحين، وانفرد لها البخاري بحديث، ومسلم بخمسة.

ومن الأحاديث التي روتها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها: أَعْتَقَتْ وليدةً، ولم تستأذِنِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فلمَّا كان يومها الذي يدورُ عليها فيهِ قالت: أشعرتَ يا رسولَ اللهِ، أني أعتقتُ وليدتي ؟ قال : "أَوَ فعلتِ"، قالت: نعم، قال: "أما إنكِ لو أعطيتِهَا أخوالَكِ كان أعظمَ لأجرِكِ" (رواه البخاري).

إلى الرفيق الأعلى
عاصرت رضي الله عنها الخلفاء الراشدين جميعا، وعاشت بينهم عزيزة مكرمة تحظى بالاحترام والتقدير، وامتدت بها الأجل إلى خلافة معاوية بن أبي سفيان.

وأثناء عودتها من الحج في عام 51 من الهجرة وافتها المنية بسرف، وهو نفس المكان الذي بنى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بها عند زواجه منها، وذلك عن عمر يناهز الثمانين سنة، وصلى عليها ابن عباس رضي الله عنهما.

JoomShaper