* دبي ـ جميلة إسماعيل
عندما بحث أفلاطون عن راحة نفسه بعد أن أعيته تصاريف الدنيا وفلسفات الحياة التي عايشها بعمق سبر خيرها وشرها،فاكتشف حقيقة وقرت في وجدانه لخصها في قوله (لم أطمئن قط إلا وانأ في حضن أمي)..في الوقت الذي يعترف فيه أبراهام لنكولن الرئيس الأميركي بقوله (أنا مدين لكل ما وصلت إليه من المجد لأمي)..في حين يرى جبران خليل جبران (أن أعظم ما تتفوه به البشرية كلها لفظة أم) .. في هذا اليوم يحتفي العالم أجمع بالأم،اعترافا بفضلها ومكانتها..وإن كان الاحتفاء لا يقتصر أساسا على يوم بعينه،إلا أنها لفتة كريمة وجميلة لتكريم الأم في يومها، وتتجلى أنقى العبارات على طرف اللسان قائلين: «كل عام وأنتِ بخير يا ست الحبايب».. وفي هذا الإطار نعرض تجربة ستِ أمهات بذلن الغالي والنفيس وسلسلة من التضحيات في أجل توفير حياة طيبة لأبنائهن.
أم راشد الكعبي حضن للتربية والتعليم
تشعر أم راشد الكعبي أن رحلة كفاحها كزوجة وكأم كانت كبيرة،فتعليمها المتواضع في الكتاتيب،وكون والدتها-رحمها الله- «مطَوعة» في مسقط رأسها بمنطقة دبا شَكَل لها قوة داخلية في تعليم أبنائها..وعن تجربتها تقول: دأبت على تعليم أبنائي قبل دخولهم المدارس،وكنت أستغل أكثر أيام الصيف في قراءتهم لكتب السنة الجديدة،بحيث يجدون أنفسهم متفوقين على أقرانهم،ولذا حصل غالبية أبنائي على المراكز الأولى في مدارسهم..إلى جانب قيامي بمساعدة زوجي بالأعمال المختلفة في مزرعته،كما حرصت جدا على التحاق أبنائي بمراكز تحفيظ القرآن الكريم.. وربيتهم على الأخلاق الحميدة من جميع القيم والمبادئ التي تكفل لهم حياة طيبة ومستقرة وذات قيمة،ولم أرض أن يتوقف تعليمهم عند حد معين،بل أصررت على إكمالهم التعليم الجامعي..واليوم أنا أُم لمجموعة من المهندسين والمدرسين والمديرين ورجال أعمال..وهم اليوم يخدمونني برمش أعينهم.
فاطمة حسن المرأة العصامية
فاطمة حسن إسماعيل..قائدة فريق الأمن في مؤسسة دبي للبترول..وهي تعيل ابنتيها بعد وفاة زوجها الذي شجعها قبل وفاته على إكمال دراستها لمواجهة قسوة الزمن..مؤكدة بأنها إنسانة عصامية تحب الاعتماد على نفسها وهذا ساعدها كثيراً في تحمل مسؤولية بناتها..لاسيما وأنها بدأت عملها منذ 27 سنة في المجال نفسه..وهنا تقول: بدأت العمل في الشركة التي أعمل بها حالياً بشهادة ثانوية عامة وبالتدريج أكملت دراستي الجامعية وحصلت على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال بالإضافة إلى شهادات في مجال الأمن،وبعد إلغائهم لقسم المكتبة الذي كان يحتضنني خيروني بين العمل في مجال المالية أو تقنية المعلومات فاخترت المجال الثاني وبفضل اجتهادي أصبحت محللة أنظمة.
ومن ثم حصلت على عدة ترقيات إلى أن وصلت إلى منصب مديرة مشروع الأمن في الشركة.موضحة أن صرامتها وحزمها على فرض شخصيتها في عملها يجبر الآخرين على احترامها.
أم راشد .. ثورة كفاح لا تهدأ
أم راشد المعروفة بلقب أول إماراتية تقود شاحنة..تُوفي زوجها قبل ثلاثين عاما وهي في عُمر 18 وأُم لأربعة أطفال (ولدان وبنتان) مسؤولة عنهم،واعتمدت على نفسها في تسيير أمورها وأمور أبنائها،وتوفير ما يحتاجونه من متطلبات..وبفضل الله تعالى استطاعت تجاوز محنتها وكبر أبنائها وباتت لهم وظائفهم وعائلاتهم،وهي الآن في الخامسة والخمسين من العمر وجدة لـ22 حفيدا أكبرهم في 16 من العمر..وهي حاليا مُوظفة في إحدى المدارس حيث تشرف على زراعة حديقة المدرسة التي حصلت على تكريم خاص من بلدية العين كونها أجمل حديقة مدرسية حيث زودتها أيضا بشبكة ري خاصة بها.
مريم سلطان .. أم أبنائها والفنانين
تستحق المرأة لقب مناضلة عندما تواجه مجتمعها بحقيقة مشاعرها و رغباتها،وتكون أكثر من مناضلة عندما تصر على تقديم نفسها من خلال قناعاتها الذاتية.في رحلة الأم والجدة والفنانة مريم سلطان النابودة محطات كثيرة في كل منهـا الكثير من باقــات الأفراح و الأتراح..فهي الفنانة الموهوبة ذات النموذج المشرف للفنان المثقف الواعي،وهي بحر من العطاء الفني الذي لا ينضب له معين.و ليس هذا فحسب بل إن الذين يعرفونها يكنون لها الحب و التقدير،فهي امرأة مثالية و مخلصة لعملها،كما أن علاقتها مع جميع زملائها تتخذ شكل الأمومة الحانية و الزميلة الكبيرة،والكثيرون يتحدثون عنها.
لم لا؟ و هي المُلقبة بأم المسرحيين وهو إشارة إلى مسيرتها الفنية المسرحية الطويلة التي قدمتها بروح متفانية،و علاقتها الوطيدة مع جميع زملائها سواء الذين هم من جيلها وحتى الجيل الحديث.
عائشة الظاهري .. وأمنية في القلب
عائشة الظاهري مفتشة جمركية حائزة على جائزة أفضل أم عاملة عن الفئة الميدانية التي أطلقتها جمارك دبي بالتعاون مع مؤسسة دبي للمرأة..تزوجت وهي في عمر 13 عاما..فانقطعت عن الدراسة لتعمل في البيت،وتعتني بصغارها وتساعد زوجها على تحسين أوضاعهم المادية المتواضعة للغاية..إلا أن إكمال الدراسة كان هم الظاهري الأول وقد كافحت من أجل تحقيق ذلك الهدف من خلال دوام الدراسة المسائي في جمعية النهضة النسائية التي سمحت لها بجلب ابنتها الصغيرة معها،لتحصل على شهادة تخرج في الصف الثاني الثانوي،لتعمل بعدها في جمعية الاتحاد التعاونية كمحاسبة،ثم حصلت على شهادة الثانوية العامة ونالت فرصة عمل في أحد البنوك لمدة سنة ونصف،لتنتقل إلى الجمارك..وتنحصر مشكلتها كأُم مُطلقة في عدم حصولها على بيت يشعرها وأبناءها بالاستقرار.
أمل النعيمي .. مسيرة للأعمال الخيرية والتطوعية
الإعلامية أمل عبدالرحمن النعيمي بعد تقاعدها آثرت أن تسخر حياتها لبناتها،إضافة إلى إبداعها في إطلاق المشاريع الخيرية والتطوعية..فكان منها هدايا الأمل حيث قامت بتحويل احدى غرف منزلهـا إلى ورشة تضع فيها الألعـاب والدمى،وتقضي وقتهـا بالقيام بعمليات متعددة منها غسلهـا بمواد معقمة وتجفيفهـا وإصلاح التالف منهـا لتعيدها إلى دمى جديدة،لتقوم بعد ذلك بتغليفهـا بأوراق وشرائط مُلونة،لتهديها إلى أطفال هم بحاجة لها لاسيما الأيتـام. وهنا تقول: حينما أضع رأسي على المخدة وأسترجع ما فعلته من المشاركات في مشروع هدايـا الأمل وكيف رسمنا ابتهاجا على وجه طفل أشكر ربي كثيرا أن جعلني أستثمر الوقت في أعمال طيبة.
6 تجارب لأمهات مكافحات ومضحيات
- التفاصيل