مقدمة
شهدت العقود الأخيرةمن القرن العشرين اهتمامً متزايدً بقضية (حقوق المرأة)، كم تصاعدت حركة واسعة النطاق تستهدف دفع الاهتمام بالقضاي المتعلقة به على مستوى العالم، فكان المؤتمر العالمى الأول للمرأة عام 1975 بالمكسيك، كم أعلنت الأمم المتحدة سنة 1975 السنة العالمية للمرأة، ومع أهمية القضية أصبحت السنة عقدً كامل للارتقاء بمستويات المرأة،ثم جاء مؤتمر الأمم المتحدة لإزالة جميع الفوارق بين الرجل والمرأة سنة 1979،ثم تبع ذلك المؤتمر الثانى للمرأة عام 1980 فى كوبنهاجن،ثم المؤتمر الثالثفى نيروبىفى 1985، تحت عنوان: (الاستراتيجية التطلعيةفى قضية المرأة)، وأخيرً جاء المؤتمر الرابع للمرأةفى بكينفى سبتمبر 1995، إضافة إلى بعض المؤتمرات (الدولية) الخاصة بقضاي مختلفة له صلة بالمرأة، مثل مؤتمر الطفل بنيويوركفى 1990، ومؤتمر البيئة والتنميةفى ريودى جانيروفى 1992، ومؤتمر حقوق الإنسان بفيينفى 1993، والسكان والتنمية بالقاهرة عام 1994، ومؤتمر التنمية الاجتماعية بكوبنهاجن عام 1995، ومؤتمر استنبول للمستوطنات البشرية "habitat" 1996، ومؤتمر الإنسان والثقافةفى استكهولم سنة 1998.
وتسعى الأمم المتحدةفى خلال تلك المؤتمرات إلى إرساء قواعد كونية تنظم وتحكم السلوك البشرى (الأخلاقى والقانونى)فى العالم كلهفىكل مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وغيرها، ويبين ذلك طبيعة الموضوعات التى انعقدتمن أجلهكل تلك المؤتمرات،من استهدافه لمظان التوجيه والسيطرة على السلوك الإنسانى بصفته الفردية،أوفى إطار الأسرة والمجتمع.
ويعود تاريخ العمل على وضع اتفاقية تحدد حقوق المرأةفى الأمم المتحدة إلى بدايات النصف الثانىمن القرن العشرين، وذلك عبر عدة مراحل:
- فى عام 1952 أعدت مفوضية مركز المرأة بالأمم المتحدة معاهدة حقوق المرأة السياسية، والتى تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
- وفى عام 1967 أجازت الأمم المتحدة إعلانً خاصًّ بالقضاء على التمييزضد المرأة، ودع إلى تغيير المفاهيم وإلغاء العادات السائدة التى تفرق بين الرجل والمرأة،مع الاعتراف بأن المنظمات النسائية غير الحكوميةهى القادرة على إحداث هذ التغيير.
- وفى عام 1973 بدأت مفوضية حركة المرأة بالأمم المتحدةفى إعداد معاهدة القضاء على جميع أشكال التمييزضد المرأة، وأكملت إعدادهفى 1979.
- وفى 1974 صدر الإعلان العالمى بشأن حماية النساء والأطفالفى حالات الطوارئ والنـزاعات المسلحة.
- فى يوم 18 ديسمبر 1979 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية باعتباره إحدى الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
- وفى يوم 3 ديسمبر 1981 أصبحت الاتفاقية سارية المفعول بعد توقيع خمسين دولة عليه طبقً لأحكام المادة 27 التى تنص على مبد نفاذ الاتفاقية بعد شهرمن تصديقأو انضمام الدولة رقم عشرين عليها، وكانت تونسهى الدولة العربية الوحيدة التى وقَّعَت على الاتفاقية قبل نفاذه.
وفى هذ الإطار تعد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييزضد المرأة(Convention on the Elimination of all Forms of Discrimi-nation Against Women) (المتن) الذى كتبتعل هامشه جميع أعمال الأمم المتحدةمن مؤتمرات (قمة دولية)فى مجال المرأة، لذ تعتبر الاتفاقية بيانً عالميًّ بحقوق المرأة الإنسانية،إذ تؤكد ديباجته علىأن: حقوق المرأة حقوق إنسانية Women Rights are Human Rights، كم تدعو الاتفاقية بصورة شاملة إلى المساواة المطلقةفى الحقوق بين المرأة والرجلفى جميع الميادين: السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والمدنية، وتعد الاتفاقية بعد المصادقة عليه ملزمة قانونيًّ للدول بتنفيذ بنودها، وقد انضمت إلى عضوية الاتفاقية 11 دولة عربية، وإن تحفظت على بعض البنود[1]، وهى الأردن - العراق - الكويت - ليبي - المغرب - تونس - الجزائر - لبنان - مصر - اليمن - جزر القمر، ومن الدول الإسلامية التى صادقت على الاتفاقية: إندونيسي - باكستان - بنجلاديش - تركي - ماليزي.
وهى -أى الاتفاقية - لذلكمن أهم الصكوك الدولية التى تضم مبادئ أساسية تدعو لتمتع المرأة بكافة حقوقها، كم اعتبرت الاتفاقيةأن (التمييز)ضد المرأة يشكل إجحافً أساسيًّ وإهانة للكرامة الإنسانية، كم دعت إلى إلغاء كافة القوانين والأعراف والممارسات التى تشكل (تمييزً)ضد المرأة.
هذ وتعد اتفاقية السيداو بمثابة قانون دولى لحماية حقوق المرأة، حيث إنه بموجب هذه الاتفاقية تصبح الدول الأطراف الموقعة عليه ملتزمة باتخاذ كافة التدابير للقضاء على التمييز بين الرجال والنساء، سواء على مستوى الحياة العامة فيم يتعلق بممارسة جميع الحقوق: المدنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وفى التمتع بهذه الحقوق،أو على مستوى الحياة الخاصة، وعلى وجه الخصوصفى الإطار الأسرى.
وتعتبر هذه الاتفاقية نتيجة لسياسات (وضع الأجندة) Agenda Setting ، وهو مفهوم يلخص عملية تحديد الأولويات التى ينبغى على مختلف بلدان العالم التفكير به والحوار حولها، وذلكمن خلال انتقال الموضوعات ذات الاهتماممن قائمة أولويات الحضارة الغربية، إلى القائمة العامة لأولويات الشعوب (باختلاف ثقافاته).
وتتم عملية وضع الأجندة بعدة مراحل:
- تبد بتكثيف اهتمام وسائل الإعلام، وتسليط الضوء عليه حتى يثور الاهتمام العام بها، فتصل إلى مصاف الاحتياجات الاجتماعية الدولية، وبالتالى يبد النقاش العام حوله Public Discussion فى مختلف بلدان العالم، ضمن حوارات الأشخاصأو أفراد الجمهور العام، وبذلك تبد المرحلة الأولىمن مراحل تشكيل الرأى العام الدولى.
- ثم تأتى المرحلة الثانيةمن مراحل صياغة قواعد كونية تحكم السلوك البشرى والعالم كلهفىكل مجالات الحياة: الاجتماعية، والثقافية، والسياسية، عبر المؤتمرات الدولية للخروج بمواثيق واتفاقات تكون ملزمة للبلدان التى تصدق عليها،ثم يتم الضغط الدولى على مستويين:
- الضغط على الدول التى له تحفظات على بعض البنود لرفع تحفظاته.
- الضغط على الدول التىلم توقِّع عليه أصل ليتم التوقيع والتصديق عليه.
وفى هذ الإطار يتم تدويل قضاي المرأة، عبر تسييسها، واستخدامه كورقة ضغط على الأنظمة والدول التى تقاوم النمط الحضارى الغربى، سواء أكانت المقاومة على أسس دينية عقائدية،أو أخلاقية فلسفية،أو اجتماعية اقتصادية.
أولا: تقويم عام لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
- إيجابيات الاتفاقية:
تؤكد هذه (الرؤية النقدية) على كثيرمن إيجابيات اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييزضد المرأةفى مختلف المجالات، فيُحْمَد له النص على إجراءات وتدابير تحمى حقوق الإنسان:
مثل المادة (3) التى تعمل على كفالة تطور المرأة وتقدمها، وضمان ممارسته لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
ومثل المادة (5/) التى تهدف إلى تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية، وكلمن الممارسات الأخرى القائمة على فكرة دونيةأو تفوق أحد الجنسين.
كم يُحمَد للاتفاقية النصفى المادة (6) على اتخاذ الدول جميع التدابير لمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة، واستغلالهفى الدعارة، فيُحمَد للاتفاقية هجومه على المتاجرة بالنساء، وعلى تجارة الرقيق الأبيض، وإكراه الفتيات على البغاء.
كم يُحمَد للاتفاقيةفى المادة (7) النص على اتخاذ الدول جميع التدابير المناسبة لأنْ تمارس النساء حقوقهن السياسية، ترشيحً وانتخابً ومشاركةفى صياغة السياسات الحكومية وجميع المنظمات والجمعيات غير الحكومية.
كم يُحمَد للاتفاقية - أيضً - النصفى المادة (8) على اتخاذ الدول جميع التدابير المناسبة لأنْ تمثل النساء حكوماتهن على المستوى الدولى والاشتراكفى أعمال المنظمات الدولية.
كم يُحمَد للاتفاقية أيضً النصفى المادة (9) على منح النساء حقهنفى إكساب أطفالهن جنسيتهن وأل يترتب على الزواجمن أجنبى مساس بجنسية الزوجة.
يُحمَد لهذه الاتفاقية أيضً النصفى المادة (10) على أل يحول دونحق المرأةفى التعليم حائل مبنى على التفرقة بسبب الجنسأو الدين.
كم يُحمَد لهذه الاتفاقية أيضً النصفى المادة (11) على العمل على تساوى حقوق النساءمع الرجالفى ميدان العمل، فمن العدل الذى تنادىبه هذه الرؤية النقدية استحقاق أجر متساوٍ لعمل متساوٍ.
ب- مواد وبنود تجاوزت فيه الشريعة الإسلامية الاتفاقيةفى عطائه للمرأة تأصيل لحقوقه وحماية له:
من منطلق رؤية كلية أعطى الإسلام النساء حقوقً كاملةفى أربع دوائر/ مجالات:
المجال الإنسانى: فاعترف بإنسانيته كاملة، لجعله والرجل سواء بسواء }يَ أَيُّهَ النَّاسُ اتَّقُو رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ{ [النساء: 1] وقال النبى r: ((النساء شقائق الرجال)).
المجال الاجتماعى: ففتح له باب العمل الاجتماعىمن جميع جوانبه.
المجال الاقتصادى والقانونى: حيث أعطاه الإسلام الأهلية الكاملة والمساواة الكاملةمع الرجل على مختلف المستويات.
المجال الأسرى: اعتنى الإسلام أيم عناية بالبنت قبل الزواج فأوجب على الأب رعاية ابنته وحمايته وتعليمه والإنفاق عليه إلىأن تتزوج، وأعطاهحق اختيار زوجه واشترط موافقة الولىأو علمه عند زواجه لأول مرة مساعدة لهفى التأكدمن صلاحية الزوج وقدرته على القيام بمسئولياته لغلبة عاطفته وعدم تجربته الزواجمن قبل.
وبعد الزواج أَوْلَى الإسلام عناية كبيرة بمؤسسة الأسرة باعتباره الوحدة الأساسية للمجتمع، التى تحقق استقرار وتعاون أفراده، فوضع لهمن الأحكامم يكفل له ذلك الاستقرار ويحقق مقاصده، فجعل عقد الزواج عقدً رضائيًّل يصح إل برضاء المرأة الحر الكامل، واعتبر الأسرة شركةأو مؤسسة، ولذلبد لهمن رئيسأو قائد يتحمل مسئوليته وحمايته وتحقيق مصالحها، فقد كلَّف الإسلام الرجل بتلك المسئولية التى عرفت باسم (القوامة) وهى مسئولية تمارسفى إطارمن التراضى والتشاور، كم حمله وحده مسئولية الإنفاق على الأسرة ولو كانت الزوجة غنية.
وجعل فصم عُرَى رابطة تلك المؤسسة لكل طرفيه على السواء، فإذ أنهى الرجل تلك العلاقة الزوجية سُمِّىَ ذلك طلاقًا، وتحمل تبعاته، وإذ قامت بإنهائه المرأة سُمِّىَ خلعًا، وأعادت لزوجهمقد كانت أخذته منهمن مهر للزواج، وله أيضًأن تنهى تلك العلاقةعن طريق طلب الطلاق أمام القاضى للضرر، ويمكنه أيضً إنهاؤه إذ اشترطتأن تكون العصمة بيده عند عقد الزواج.
وبالإضافة لكل هذا، وضع الإسلام عددًمن الخطوات الإصلاحية بين الزوجين إذ وصل إلى حافة الطلاق، منه: الصلح، والتحكيم.
أم الفلسفة العامة التى تحكم الحياة والسلوك الإنسانى خاصة بين الرجل والمرأة، فقد قامت على المساواةفى الحقوق والواجبات وليس التماثلأو التطابق- بين الرجل والمرأة ((النساء شقائق الرجال)) كنوعين لجنس واحد، خُلِقمن نفس واحدة، لهم مهمات مشتركة كجنس (كنفس) ومهمات مختلفة كنوعين (ذكر وأنثى)، وهى تفرقةفى الأدوارأو الوظيفة الموكَّلة لكل منهما،مع التساوىفى الحقوق والمسئوليات، والمساواة هنل تعنى التماثل، فالرجال والنساء يجبأن يكملكل منهم الآخر داخل منظومة متعددة الوظائف، بدلمنأن ينافسكل منهم الآخر داخل مجتمع أحادى الجانب.
ج- سلبيات الاتفاقية:
نقد الإطار العام: الفلسفة الكامنة، والمرجعية، والمفاهيم، والمصطلحات:
1- حسنً فعلت الاتفاقية بالنصفى المادة (17) على مراعاة مبد التوزيع الجغرافى العادل، وتمثيل مختلف الأشكال الحضارية والنظم القانونية الرئيسيةفى العالم، عند إنشاء لجنة القضاء على جميع أشكال التمييزضد المرأة، ولكن هذه المادةلم تَسِرفى هذ الاتجاه الإيجابى، فلم تنصفى إجراءات انتخاب أعضائه على آلية تحقق مراعاة هذه الاعتبارات، وهذ نقصفى هذه المادة ينبغى استكمالهأو على الأقل التحفظ عليهمن قِبَل تلك النظم القانونية والأشكال الحضاريةفى العالم، والتىلم تمثَّل التمثيل الدقيق بم يراعى خصوصياته.
الأهممن ذلكهو التناقض القائم بين النص على مراعاة الخصوصيات الحضارية والثقافية والقانونية، والنصوص التفصيلية التى تكرس معايير نمطية يراد تطبيقه على جميع البشر بدون مراعاة هذه الخصوصيات، ولعل هذهو العيب المحورىفى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييزضد المرأة، حيثلم تفرق بين مستويين كان ينبغى التفرقة بينهم:
- مستوى النص على المبادئ
- مستوى تحديد الصور والوسائل التطبيقية / التفصيلية
وإذ كان المستوى الأول مناسبً على مستوى العالمية فإن المستوى الثانى متنوع بطبيعته، وفقً للخصوصيات الحضارية والثقافية والقانونية، وتنميطه واستخدامه على مستوى العالمية فيه إهدار لكل المبادئ المتعلقة باحترام التنوع الدينى والثقافى، وسيادة الدول، وحق الشعبفى تقرير المصير، والتى نصت عليه المواثيق الدولية، وفى مقدمته ميثاق الأمم المتحدة - وهو دستور المجتمع الدولى والذى يعلو كافة المعاهدات الأخرى - حيثنصفى مادته (103) على أنه:
(إذ تعارضت الالتزامات التى يرتبط به أعضاء الأمم المتحدة وفقً لأحكام هذ الميثاقمعأى التزام دولى آخر يرتبطون به، فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذ الميثاق).
وميثاق الأمم المتحدةقدنص على احترام كافة الأشكال الحضارية، وكافة نظم الاعتقاد الدينىفى العالم، وأن تخرج معاهداته واتفاقياته بم يتسقمع هذ الاحترام، غيرأن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييزضد المرأة تغلب عليه نظرة واحدة للإنسان والكون والحياة،هى النظرة الغربية* التى ليس للقيم الدينيةأو الخصوصيات الحضارية مكان فيه.
وهذ النقد ثبتت صحته عمليًّفى إطار الأمم المتحدة ووحداته المتخصصة، ففى عام 1989 بد العقد العالمى للتنمية الثقافية، وفى نهاية العقد تبينأن فشل كثيرمن برامج الأمم المتحدة يعود إلى عدم مراعاة الخصوصيات الحضارية.
أم بخصوصم تطرحه الاتفاقيةمن حقوق وواجبات، فإنه يغلب عليه سيادة النظرة الغربية التى تحمل مضمونً لمنظومة الحقوق والواجبات يختلفعن مضمون منظومة الحقوق والواجبات لدى كثيرمن حضارات العالم، ومنثم فإن فرض الرؤية الغربية على الاتفاقية يقللمن إمكانية نجاحهفى تحرير نساء العالم مم يعانينهمن مظالم.
2-لعل أهم عناصر الفلسفة الكامنة خلف اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييزضد المرأة CEDAWهى نظرته للإنسان باعتباره كائنً ماديًّ بسيطً (غير مركب، وغير متجاوز للمادة) يستمد معياريتهمن نفس القوانين الطبيعية المادية، ويخضع لنفس الظروف المادية وللحتميات الطبيعية.
ومنثم فإن الحقوق الإنسانية للمرأة التى تتحدث عنه الاتفاقيةهى حقوق لإنسان - عبارةعن امرأة، أية امرأة - يمثل وحدة كمية مستقلة بسيطة، أحادية البعد، غير اجتماعية وغير حضارية،ل علاقة له بأسرةأو مجتمعأو دولةأو مرجعية تاريخيةأو أخلاقية.
وهناك عدة مفاهيم أساسية تمثل منظومة المفاهيم الحاكمة لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييزضد المرأة، وهىفى مجمله تمثل جوهر مفاهيم الحضارة الغربية، ونظرته للإنسان والكون والحياة، وتصوراته للخالق ومساحات الثابت والمتغيرفى الحياة الإنسانية.
3- أم أهم هذه المفاهيم الحاكمة على الإطلاق والتى تمثل الفلسفة الكامنة لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييزضد المرأة CEDAW فهى:
مفهوم القانون الطبيعى Natural Law، المرتبط بذاتية الإنسانمن الناحية الطبيعية، بغض النظرعن فكره ومنهجه وعقيدته، وهذ الحق الطبيعى يطلق عليه (الحرية) وهى كلمة تدل على استطاعة،أى: على حركة مفكرة.
والقانون الطبيعى ليس قانونً بالمعنى الدقيق، ولكنه مجرد (افتراض)أن هناك قواعد عقلانية منطقية سابقة على وجود الجماعة البشرية، وأن هذه القواعد تلقى قبول عامًّمن الإنسان، وأنههى مرجع القوانين الوضعية ومعيارها، وأنه تحتوى على (حقوق طبيعية) للإنسان، تولد معه وتظل لصيقة به، ومن ثَمَّ فهى تحدٍّمن سلطة الدولةفى علاقته بالأفراد،فى الوقت الذىل تفرض فيه على الفرد أية واجبات مقابل تمتعه بهذه الحقوق وممارسته له.
لذلك يكون الإنسانفى هذ التصور الكلى مُشَرِّعَ نفْسِه، ضابطَ حَقِّه، رافضًأن يكون شرعه مُنَـزَّلاً،أوأن ينبثقمن الطبيعة الموجودة، الاجتماعيةأو البيولوجية الحسية، إنه طبيعة قيمية، إيمانه الوحيد الإنسان، وليسم فوق الإنسان، ومصدره العقل النظرى.
والمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة بم يقربهمن درجة التماثلأو التطابق التام، تلك المساواة التى تشمل جميع مناحى الحياة كحل أوحد وأساس، تقوم على رفض حقيقة وجود تمايزفى الخصائص والوظائف بين الرجل والمرأة.
والفردية، بمعنى النظر للمرأة كفرد، وليس كعضوفى أسرة يتكامل فيه الزوجان، ذلكأن الحضارة الأوربية تقوم على الفرد والفردية، ولذلك ذهب أصحاب تحرير المرأة إلى النظر إليه باعتباره فردً وإنسانًا، وهذم يتعارضمع نظرية الإسلام الذى وإن اعترف للمرأة بم توجبه إنسانيتهمن حقوق، فإنهل يقوم - أصل - على نظرية الغاية الفردية، وله نظرة وسطية متوازنة بين الفردية والجماعية، ويحترم الفطرة الإنسانية التى فطر الله الناس عليها، وتظهرفى مجال المرأة، باعتباره إنسانً وأنثى، وأنه والرجل صنوانفى الحقوق الإنسانية العامة وفى خطاب التكليف وفى الثواب والعقاب ووضع قيمً وضوابط لتنظيم العلاقة بينهما، وأن تصرفاتهم والعلاقة بينهم تحكمه آداب تكبح جماح الإرادة الشَّرود،أو العاطفة النـزقة.
وحتمية الصراع وديمومته لتنال المرأة حقوقها، فالخطاب المتمركز حول الأنثىهو خطاب يؤدى إلى تفكيك الأسرة، ويعلن حتمية الصراع بين الذكر والأنثى، وضرورة وضع نهاية للتاريخ الذكورى الأبوى، وبداية التجريب بل ذاكرة تاريخية، وهو خطاب يهدف إلى توليد القلق والضيق والملل وعدم الطمأنينةفى المرأة،عن طريق إعادة تعريفها، بحيثل يمكنأن تحقق هويته إل خارج إطار الأسرة.
وتمثل تلك الأسس (المسَلَّمات) إفرازً لبيئة الحضارة الغربية*، وهى ذات صلة عميقة بتصورات تلك الحضارة لعناصر الوجود الأساسية والكون والحياة.
4- لقد أضفت الاتفاقية على حقوق المرأة التى نصت عليه حماية قانونيةلم تضفه اتفاقية أخرى، خاصة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان لسنة 1948، والاتفاقيتان الخاصتان بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966، وهى جميعً شاملة للرجال والنساء جميعً.
وينتجعن ذلكأن إعطاء ضمانات قانونية وإجرائية ورقابية لحقوق النساء خاصة، وترك حقوق الرجال دون ضمانات يخل بالمساواة بين الجنسين، بحيث تصبح النساءفى مركز قانونى وعملى متميزعن الرجال، وذلك بدعوى المساواة بينهما، وذلكمن ناحيتين:
- ناحية الضمانات التى أشرن إليها، وهى عامة شاملة لجميع الحقوق.
ب- ناحية النص على حقوق للنساءلم يرد النص على مثيله للإنسان عمومًا، حتى يتمتع به الرجال، وعلى سبيل المثال:
1- المادة (7) والتى تنص على مفردات المشاركةفى الحياة السياسية العامة للبلد.
2- المادة (10) والتى تنص على خفض معدلات ترك المدرسة قبل الأوان.
3- المادة (11 فقرة 2) والتى تنص على توفير حماية خاصةفى الأعمال التى يثبت أنه مُؤذِيَة.
5- بالنسبة للمادتين (2) و (16) فل تجيز متابعة تنفيذ الاتفاقية التحفظ على هاتين المادتين، فقد جاءفى البيان الذى أصدرته لجنة الاتفاقية بالأمم المتحدة بمناسبة الذكرى الخمسين للإعلان العالمى لحقوق الإنسان بتاريخ يوليو 1997 م يلى:
(تعتبر اللجنة المادتين (2،16) جوهر الاتفاقية، ول يجوز التحفظ عليهم بموجب المادة (28 فقرة 2)من الاتفاقية التى تحظر التحفظ الذى ينافى موضوع الاتفاقية وغرضها، كمأن التحفظ عليهم يعتبر أيضً منافيً لأحكام القانون الدولى العام، وأن تعارض المواد (2، 16) مع الممارسات التقليديةأو الدينيةأو الثقافيةل يمكنأن يبرر انتهاك الاتفاقية، وأن التحفظ على المادة (16) - الخاصة بالأسرة - سواء أكان لأسباب قوميةأو تقليديةأو دينية، فإنه يعتبر منافيً لموضوع الاتفاقية وغرضها، وبالتالى لابدمن سحبه).
إلأن ذلك يتناقض تناقضً تامًّمعم جاءفى كتاب: (التمييزضد المرأة - الاتفاقية واللجنة)، الصادرعن الأمم المتحدة، عند الحديثعن المادة (28 فقرة 2) الخاصة بالتحفظ على الاتفاقية:أن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييزضد المرأة تجيز للدول الأطرافأن تبدى تحفظً - أى إعلانً رسميًّ - بشأن أنهل تقبلأن يكون جزء معين،أوأن تكون أجزاء معينةمن المعاهدة ملزمة له.
وليس لدى اللجنة سلطة تقريرم إذ كانت التحفظات متنافيةأولم تكن متنافيةمع مقصد الاتفاقية وموضوعها، فمسألة التنافى يمكنأن تجيب عليه محكمة العدل الدولية، ولكنلم تطلب أية دولة حتى الآن رأيً استشاريًّمن هذه المحكمة، بشأن توافق التحفظات،أو بشأن مدىم يجبأن تكون عليهمن تحديد.
6- وكم تفرض الاتفاقية رؤية واحدة ومنهجً واحدًفى الحياة، تفرض أيضً مصطلحات ومفاهيمل يمكن إدراكهمن حيث النشأة والاستخدام إلفى سياقاته الغربية، ومن ذلك مفهوم الأدوار النمطية بمعنى القضاء على دور الأم المتفرغة لرعاية أطفالها، ودور الأبفى الأسرة، وقد ألحقن بيانً بمصطلحات الاتفاقيةفى آخر هذه الدراسة.
7- ومنثم فإن نقد الإطار العام للاتفاقية يعنى رفض ثلاثة أشياء:
- الفلسفة الكامنة خلف الاتفاقية، والرؤية العامة للإنسان والكون التى تحمله الاتفاقية.
- المنهجفى الحياة الذى تروج له،بل وتلزمبه مختلف الأمم والشعوب.
- المفاهيم والمصطلحات المستخدمةفى سياقاته.
ثانيا- تقويم تفصيلي لاتفاقية القضاء على جميع أشكـال التمييز ضـد المرأة
المادة (1)
هذه المادة عرَّفَتْ التمييز على أنه (أية تفرقةأو استبعادأو تقييد يتم على أساس الجنس، ويكونمن آثارهأو أغراضه النيلمن الاعتراف للمرأة - على أساس تساوى الرجل والمرأة - بحقوق الإنسان، والحريات الأساسيةفى الميادين السياسة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية،أوفىأى ميدان آخر،أو إبطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوقأو تمتعه به وممارسته له بغض النظرعن حالته الزوجية).
والملاحظات الأساسية على هذه المادةهى:
1-أن التمييز مصطلح قانونىله تداعياته وآثاره الاجتماعية، وإن كانت لفظةDiscrimination تعبِّرعن الظلم والإجحاف أكثر مم تعبرعن التفرقة والاختلاف، وليستكل تفرقة ظلمًا؛بلإن العدل -كل العدل - يكونفى التفرقة بين المختلفين، كمأن الظلم -كل الظلم -فى المساواة بين المختلفين والتفرقة بين المتماثلين، فالمساواة ليست بعدل إذ قضت بمساواة الناسفى الحقوق على تفاوت واجباتهم وكفاياتهم وأعمالهم، فليسمن العدل والإنصافأو المصلحةأن يتساوى الرجال والنساءفى جميع الاعتبارات،مع التفاوتفى الخصائص التى تناط به الحقوق والواجبات.
2- يبدومننص المادة أنه تهدف إلى المساواة، غيرأن التمعنفى الفلسفة الكامنة والخلفيات لها، تكشف أنهل تهدف إلى مجرد المساواة، وإنم إلى التماثل التامأو التطابق.
والمساواةل تتحقق إل عندم تكون بين المتماثلينفى السمات والخصائص والوظائف والمراكز القانونية.
فهذه المادة تنص على التماثل والتطابق التام بين الرجل والمرأة، وهى مخالفة لحقائق كونية وشرعيةفىآن واحد، فاللهلم يخلق زوجً واحدًا،بل زوجين: ذكرً وأنثى، وهى حقيقة كونية كذلك، قال تعالى: }ومِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَ زَوْجَيْنِ{ [الذاريات: 49] ومنثم فإن دعوات وحدة الجنس unisexأو تعدده بأكثرمن اثنين كم يحمل مفهوم النوع الاجتماعىsocialgender هى دعوات مصادمة لنواميس الفطرة والخلق وطبائع الاجتماع.
3- أن المخاطب بهذه الاتفاقيةهو المرأة الفرد وليس النساء،أىأن الضمير المستبطن هنهو ضمير الفرد، وهى سمةكلم صكته الأمم المتحدةمن قرارات ومواثيقفىظل سيطرة المراكز الغربية عليها، بم تحملهمن فلسفة ذات نـزعة فردية.
المادة (2)
تشجب الدول الأطراف (جميع أشكال التمييزضد المرأة) وتوافق علىأن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة القضاء على التمييزضد المرأة، وتحقيقً لذلك تتعهد بالقيام بم يلى:
) تجسيد مبد المساواة بين الرجل والمرأةفى دساتيره الوطنيةأو تشريعاته المناسبة الأخرى، إذلم يكن هذ المبدقد أُدمِجَ فيه حتى الآن، وكفالة التحقيق العملى لهذ المبدمن خلال القانون والوسائل المناسبة الأخرى.
ب) اتخاذ المناسبمن التدابير التشريعية وغيرها، بمفى ذلكم يقتضيه الأمرمن جزاءات، لحظركل تمييزضد المرأة.
ج) إقرار الحماية القانونية لحقوق المرأة على قدم المساواةمع الرجل، وضمان الحماية الفعالة للمرأة - عن طريق المحاكم الوطنية ذات الاختصاص، والمؤسسات العامة الأخرى - منأى عمل تمييزى.
د) الامتناععن الاضطلاع بأى عملأو ممارسة تمييزيةضد المرأة وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بم يتفق وهذ الالتزام.
ه) اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييزضد المرأةمن جانبأى شخصأو منظمةأو مؤسسة.
و) اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بمفى ذلك التشريع، لتعديلأو إلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات القائمة التى تشكل تمييزًضد المرأة.
ز) إلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية التى تشكل تمييزًضد المرأة.
والملاحظات الأساسية على هذه المادةهى:
- ملاحظات عامة: وصف آلية عمل الاتفاقيةمن خلال المادة (2) وبنوده ال (7).
1- هذه المادة (2) تشكل جوهر الاتفاقية وموضوعه وغرضه الأساسى.
2- هذه المادة وإن شاب صياغته كثيرمن التكرار والإلحاح على نفس فكرة فرض التماثل، وإن عبرت عنه بلفظة المساواة، إل أنه تعمل على مستوىكل الثنائيات الممكنة، مثل مستوى الدستور/ القانون ومستوى الممارسة، مستوى النص ومستوى الواقع، مستوى الدولة ومؤسساته ومستوى المجتمع بتكويناته وقواه وهياكله، مستوى المؤسسات العامةأو المنظمات ومستوى الأفراد، مستوى الجانب الإيجابى (سَن تشريعات) ومستوى الجانب السلبى (حظر تشريعات).
3- أن الاتفاقية تعمل على شكل طبقات تسدكل طبقة لاحقة ثغرات الطبقة السابقة، وتتكامل الطبقاتفى النهايةمع بعضه البعض.
4- تتكامل هذهمع سابقتها، وهىأن الاتفاقية تعمل بالتدريج،أى تنتقلمن نطاق إلى نطاق بتدرج ونظام، فهى تبدمن مستوى الدستور إلى القانون إلى أعمال المحاكم الوطنية إلى مستوى تصرفات السلطة العامة إلى مستوى الأفراد وتختم بمستويين متكاملين:
أولهم: تعديل أية تشريعات تعتبر تمييزية (من وجهة نظر الاتفاقية طبعً).
وثانيهم: إلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية، باعتبار الاتفاقية ناسخة لغيرهمن التشريعات والأحكام.
ومنثم تشكل تلك المادة (2) ببنوده حزمةأو منظومة تستدعى بعضه بعضًا، وتسلِّم بعضه إلى بعض،بل وتسد بعضه ثغرات بعض، وهوم يجعلن نطلق عليه: المادة - المنظومة.
ب- وفيم يلى الملاحظات التفصيلية على بنود المادة:
1- الملاحظات على البند () : يفرض هذ البند على الدول العمل على مستويين:
الأول: مستوى الدساتير، وهو القانون الأعلىأو مصدر القوانين والمحدد للمعالم الأساسية له.
الثانى: مستوى القوانين التفصيليةأو التشريعات.
ومن ثم، فإن قبول هذ البند معناهأن الاتفاقية تتدخلفى إطار سيادة الدولة، وم يحدده دستورهمن معالم شتى تنبنى على أساسه قوانينها، فإذ كانت المساواة بمعنى التماثل التام جزءمن دستوره انعكس هذ بلشك على قوانينها، بالإضافة إلىم تفرضه هذه المادةمن العمل على مستوى تلك القوانين ذاته.
2-الملاحظات على البند (ب): يعمل هذ البند على مستويين:
الأول: المستوى الإيجابى، وهو التدخل بفرض تدابير تشريعية.
والمستوى الثانى: وهو المستوى السلبى ويعنى وضع جزاءات (عقوبات) لمرتكبى فعل التمييز، وهن تأتى أهمية الملاحظة على المادة (1) منأن لفظ التمييزهو مصطلح قانونىله آثاره وتداعياته، وليس مجرد كلمةأو لفظة، فبعدأن فرضت الاتفاقية رؤيته للمصطلح تفرض تداعياتهمن حيث الآثار القانونية المترتبة على اقتراف فعل (التمييز).
3- الملاحظات على البند (ج): هذهو المستوى الثالثمن محاولة تقنين الاتفاقية داخل الأنظمة القانونية للدول،أوم نسميه (استنبات اتفاقية السيداو) وذلك عبر عمل المحاكم الوطنية، فبعد الحديثعن المستوى الأول (الدستور)، والمستوى الثانى (سن القانون) بشقيه الإيجابى بفرض تشريعات تفرض التماثلأو السلبى بحظر (التمييز) ووضع عقوبات عليه، تأتى الاتفاقية إلى هذ المستوى حيث يخلق عمل المحاكم الوطنية شبه اليومى وقائعل حصر له تكرس مفهوم التماثل وتخلقله -كذلك - سوابق قانونية تطبيقية، سواء لمواد دستوريةأو مواد قانونية، فإنلم يُوجَد هذان الأمران تكفل عمل المحاكم بوضع السوابق التشريعية.
4- الملاحظات على البند (د) : يعمل هذ البند على مستوى السلطات والمؤسسات العامة، وهو المستوى الواقعىفى فرض الاتفاقية، حيث تمثل تلك المؤسسات دولاب العمل الحكومى اليومى، وهى ضرورية لفرض نمط الاتفاقية، ليسمن خلال النصوص والمواثيق فقط، وإنم أيضًمن خلال ممارسات يومية تفرض نمط حياة، وليس الأمر مجرد معاهدة دولية بين الدولة والمنظمة الدولية (الأمم المتحدة) وإنم نمط الحياة وطريقة العيش هم أخطر مجالات التأثير؛ لأنهم يفرضان تغييرًفى البنية الذهنية للأفراد، وتصوراتهم للإنسان والكون والحياة.
5- الملاحظات على البند (ه): يعمل هذ البند على مستوى (الفرد - الوحدة الأساسية) والوحدة الواحدة: (منظمة - مؤسسة) وذلك بنصه على اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التميزضد المرأةمن جانبأى شخصأو منظمةأو مؤسسة.
6- الملاحظات على البند (و): ربم يبدوأن ظاهر هذه المادة يعمل على الجانب الإيجابى، وهو التشريع لفرض التماثل، إل أنه تعمل -لو نظرن بشكل أعمق - على المستوى السلبى وهو حظر (الممارسات التمييزية) أيًّ كان مصدر تلك الممارسات: قوانين - أنظمة - أعراف، وبذلك تضع الاتفاقية نفسهفى مصدر أعلىمن مصادر القانون عند أغلب مجتمعات العالم (الدين - العرف - التقاليد)بلإن الاتفاقيةفى مرحلة لاحقة تجعلمن نفسه ناسخً لكل القوانين الأخرى، وتصبحهى مرجعية ذاتهأو مرجعيةفى ذاته.
المادة (2) بندى (و) و (ز) يدعوان إلى اتخاذ جميع التدابير بمفى ذلك التشريع لإبطال كافة الأحكام واللوائح والأعراف التى تميز بين الرجل والمرأةفى قوانينها، وأن تستبدل به قوانين تؤكد القضاء على هذه الممارسات، سواء أكانت صادرةعن أشخاصأو ناتجةعن تقاليدأو أعراف دون استثناء، حتى تلك التى تقوم على أساس دينى، ومخالفة هذه المادة للشريعة الإسلامية تأتىمن كونه (أى الاتفاقية)ل ترمى إلى المساواة المطلقةفى التعليم والعمل والمجالات العامة فقط،بل تهدف إلى تحقيق التماثل التام، كم تمتد الاتفاقية فتشمل قوانين الأسرة أيضًا،أوم يُسمَّى بقوانين الأحوال الشخصية، وهى أخص خصائص المجتمعات والشعوب لاعتماد هذه القوانين على أسس دينية وخصوصيات حضارية وثقافية، وبمقتضى هذه المادة تصبح جميع الأحكام الشرعية المتعلقة بالنساء لاغية وباطلة، ول يصح الرجوع إليهأو التعويل عليها، ويبدو الأمر كملوأن أحكام الشريعة نسخته هذه الاتفاقية (الدولية).
بمعنى أنه إذ كان المجتمع الإسلامى مرجعيته الإسلام، فإن خطورة الاتفاقية - تحديدًفى هذين البندين (و)و (ز) - تنبعمن أنهم يجعلان الاتفاقية (مرجعية)فى ذاتها، وهى مرجعية ذاتها،أىل تستمد معياريته إلمن ذاتها، بمعنى أنهل يُحتجّ عليه بشيء خارج عنها، ويُحتجّ به علىكل شيء (أعراف - تقاليد - أديان - ثقافات - قوانين) رغمأن السعى الدولى لإبطال هذه القوانين الشرعية (الإسلامية) يتعارضمع ميثاق الأمم المتحدة نفسه الذىنص على احترام التنوع الثقافى والدينىفى العالم.
وفى هذ الإطار تؤكد هذه (الرؤية النقدية) على البند (ز)من المادة الثانية بشأن إلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية التى تشكل تمييزًضد المرأة، فالرجل والمرأة سواء، وكلاهم مكلف، فمن ارتكب منهم جُرمً فهمفى العقوبة سواء، وإذ اعتُدى علىأى منهم فعصمة دمهم ومالهم وعرضهم سواء.
المادة (3)
وهى خاصة بالتدابير المناسبة لكفالة تطور المرأة: (تتخذ الدول الأطراففى جميع الميادين - ول سيم الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية - كل التدابير المناسبة، بمفى ذلك التشريع لكفالة تطور المرأة وتقدمه الكاملين، وذلك لتضمن له ممارسة حقوق الإنسان، والحريات السياسية، والتمتع به على أساس المساواةمع الرجل).
الملاحظات:إن المساواة تتحققفى الشريعة الإسلامية فيم اتفق فيه الجنسانمن قدرات وخصائص إنسانية، أمم يختلفان فيه فيأتى هن مفهوم العدل وليست المساواة المطلقة، كم يلزم التنويه هن إلىأن وجهة نظر الشريعة الإسلامية لمفهوم تطور المرأة - وكذلك لتطور الرجل - إنم يعنى تحسين وضعكل منهمفى كافة الميادينفى إطار منظومة القيم والمبادئ الاجتماعية والدينية، كم يلزم التنويه أيضً إلىأن مفهوم الشريعة للمساواةل تعنى التطابقأو التماثل، كمتم شرح ذلكفى مكان آخرمن هذه (الرؤية النقدية).
المادة (4)
وهى متعلقة بالتدابير الخاصة المؤقتة لمكافحة التمييز حيث:
1- ل يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييز كم تحدده هذه الاتفاقية، ولكنه يجب أل يستتبع بأية حال كنتيجةله الإبقاء على معايير غير متكافئةأو منفصلة، كم يجب وقف العمل بهذه التدابير عندم تكون أهداف التكافؤفى الفرص والمعاملةقد تحققت.
2- ل يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة تستهدف حماية الأمومة، بمفى ذلك تلك التدابير الواردةفى هذه الاتفاقية، إجراءً تمييزً.
الملاحظات: هذه المادة متعلقة بم يمكنأن نسميه (التمييز الإيجابى)أى التمييز لصالح المرأة وليس ضدها، ذلكأن منح المرأة حقوقً قانونيةل يضمن تلقائيًّ أنه ستعاملفى الواقع بمقتضى تلك الحقوق، وكم ينص كتاب (التمييزضد المرأة - الاتفاقية واللجنة): وتعجيل لتحقيق مساواة حقيقية للمرأةفى المجتمع وفى مكان العمل، يسمح للدول بأن تستخدم تدابير علاجية خاصة طوال استمرار وجود أوجه عدم المساواة، وهكذ تصل الاتفاقية إلى أبعدمن مفهوم المساواة الرسمية الضيق، وتحدد أهدافه كمساواةفى الفرص ومساواةفى النتائج، والتدابير الإيجابية شرعية وضرورية معًمن أجل بلوغ هذين الهدفين.
وفى هذه المادة تجاهل للاختلافات الفسيولوجية بين الرجل والمرأة، ولدور المرأةفى الأمومة، والنظر للجنسين باعتبارهم شيئً واحدًا، ويعبر ذلكعن فكر الحركة الأنثوية الراديكالية Feminism التى شككتفى مضمون الذكورة والأنوثة، واعتبرتهم شيئً راجعً للبيئة والتنشئة الاجتماعية،ل لحقيقة قدرات الطرفين وصفاته الخاصة، ونادت هذه الحركة بتفكيك الأسرة باعتباره مؤسسة مصطنعة، وليست طبيعية، وانتقدت حصر دور المرأةفى الأمومة والإنجاب، واعتبرتأن قيم العفة والأمومة وضعت لتزييف وعى المرأة لتَقْنَع بالمجال الخاص، ونادت باعتماد المرأة على نفسه اقتصاديًّا، وطرحت الشذوذ والتلقيح الصناعى كأحد البدائل، وكان شعاره: إذ كانت الفيمنـزمهى النظرية، فإن السحاقهو التطبيق والممارسة.
If Feminism is the theory, Lesbianism is the practice.
والملاحظة الأساسية هنأن الاتفاقية التى ترفع لواء المساواة وتصر عليها،ل ترى حرجًفى التفرقة بين الرجل والمرأة لصالح المرأة،أى أنه تلغى هن قانون المساواة وتقرر تمييزً لصالح المرأة، وهوم يثبت صحة وجهة نظر هذه الرؤيةفى نقد الاتفاقية:أن المساواةل تتحقق إل عندم تكون بين المتماثلينفى السمات والخصائص والوظائف والمراكز القانونية (المركز القانونىهو مجموع الحقوق والالتزامات) وليس المساواة المتوهمة بين مختلفينفى المعايير الأربعة السابقة.
وإذ كانمن الجائز - تبعً لوجهة نظر الاتفاقية - أن نمايز بين الرجل والمرأة لتمايز الظروف، فلماذل يكون ذلكهو القاعدة وليس الاستثناء،أى يكون الأصلهو اختلاف الظروف، ومن ثَمَّصك قوانين تتعاملمع واقع الاختلاف، وليس محاولة خلق قوانين تفرض التماثل على واقعهو متمايز بذاته، خاصة إذ كانت تلك القوانين إلهية المصدر، وله جذور راسخةفى نفوس معتنقيه.
ومن ثَمَّ فلماذل يكون (العدل) وليس التماثل (المساواة)هو الهدف الذى تحاولأن تسعى إليه أية اتفاقيةفى مجال المرأة، والعدل حالة تَجُبُّ التصور السابق، فهو (أى العدل) يساوى بينهم فيم اتفق فيه، ويخالف بينهم فيم اختلف فيه، ويقنن لكل وضع بحسبه، وليس بحسبم تفرضه رؤية استبطان التماثل التام.
المادة (5)
وهى خاصة بتعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لدوركلمن الرجل والمرأة: تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتحقيقم يلى:
() تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على فكرة دونيةأو تفوق أحد الجنسينأو على أدوار نمطية للرجل والمرأة.
(ب) كفالةأن تتضمن التربية الأسرية فهمً سليمً للأمومة بوصفه وظيفة اجتماعية، والاعتراف بالمسئولية المشتركة لكلمن الرجال والنساءفى تنشئة أطفالهم وتطورهم.
الملاحظات:
- تمثل هذه المادة أحد أهم أهداف اتفاقية السيداو؛ لأنه تنصب على تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية، وهوم تهدف الاتفاقية إلى تغييرهفى سنوات معدودة، وهىل تفسر ماهية الأدوار النمطية، وإن كانت تعنى أنه ليست هناك أنماط خاصة للنساء باعتبارهن نساء، وليست هناك أنماط خاصة للرجال باعتبارهم رجالاً، ومنثم فهناك إمكانية واسعة لتبادل الأدوار، باعتبار الأدوار (محايدة)بل ووصف دور المرأةفى المجال الأسرى بالأنماط الجامدة، وهذ المعنى وثيق الصلة بمفهوم النوع الاجتماعى Social Gender أىأن الرجل ليس رجل لأنه كذلك، وأن المرأة ليست امرأة لأنه كذلك؛بل لأن التنشئة الاجتماعيةهى التى تجعل ذلك رجل وتلك امرأة.
إن الاعتراف بحقيقة وجود فوارق واختلافات فسيولوجيةأو نفسية بين الرجال والنساءل يعنى بحد ذاته تفضيل لجنس على آخر، لكنه اعتراف بحقيقةهى أمر واقع، أم الذكر والأنثى فقد خُلِقَمن نفس واحدة،أى أنهم شيئان لجوهر واحد،ل جوهرين منفصلين، وهذه الحقيقة تعنىأن الجنسين يتمايز بعضهمعن الآخر، ول يتميز بعضهمعن بعض.
ب- تكتمل تلك المنظومة باعتبارأن الأمومة ليست صفة لصيقة بالمرأة (صفة بيولوجية)بلهى وظيفة اجتماعية يمكنأن يقوم بهأى إنسان آخر، لذ نادى تفسير الأمم المتحدة للاتفاقية بضرورة وضع نظام إجازة آباء لرعاية الطفل، وساعد على ذلك تطور تكنولوجي الإنجاب والتناسل (التلقيح الصناعى) التى فصمت عُرَى الإنجابعن ثنائية العلاقة بين الرجل والمرأة،عن طريق الأرحام المستأجرة، وبنوك البويضات.
والشريعة الإسلامية ترىأن الأمومة وظيفة اجتماعية وبيولوجيةفى نفس الوقت، وأن هناك ضوابط أخلاقية وشرعيةفى تنظيم التناسل، وأن مسئولية تنشئة الأبناء مسئولية مشتركة بين الأزواج والزوجات، وإن كانت نسب توزيع هذه المسئولية بينكل منهم مسألة تتوقف على ظروف كثيرة تختلفمن حالة إلى أخرى
المادة (6)
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة، بمفى ذلك التشريع، لمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلال دعارة المرأة.
الملاحظات: هذه المادة رغم جودته وحرصه على صون كرامة المرأة، إلأن الشريعة الإسلاميةقد تجاوزت الاتفاقية فيم يتعلق بالعمل على منع الاستغلال الجسدى للمرأة، فلم تقتصر على منع الدعارة والمتاجرة بجسد المرأة،بل وعملت على منع استغلال أنوثة الأنثىفى وسائل الإعلام وامتهانه للمرأة، بم تنشرهمن عنف جنسى، واستغلال جسد المرأةفى الإعلانات وتحقيقً لهذ الهدف عملت الشريعة على توفير سبل العيش الكريم للمرأة إلىحد إلزام أدنى أقاربه بالإنفاق عليه إذلم يكن له مالأو عمل.
المادة (7)
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييزضد المرأةفى الحياة السياسية العامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة على قدم المساواةمع الرجل الحقفى:
() التصويتفى جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، وأهلية الانتخاب لجميع الهيئات التى يُنتخَب أعضاؤه بالاقتراع العام.
(ب) المشاركةفى صياغة سياسة الحكومة، وتنفيذ هذه السياسة، وفى شغل الوظائف العامة، وتأدية جميع المهام العامة على جميع المستويات الحكومية.
(ج) المشاركةفى جميع المنظمات والجمعيات غير الحكومية التى تعنى بالحياة العامة والسياسية للبلد.
الملاحظات: تعالج هذه المادة ببنوده المختلفة قضاي المرأة على مستوى المشاركة السياسيةفى جميع المستويات (ناخبة ومنتخبة، وتعيينًفى المناصب العامة، واشتراكًفى المنظمات الطوعية).
والملاحظة الأساسية هن: أنه ليسفى نصوص الشريعة الإسلاميةأو مقاصده الكليةم يحول بين المرأة وبين هذه الأعمال؛بلإن كثيرًمن العلماء يرىأن قيام المرأة المسلمة بواجب الأمانة وعبء الاستخلاف يفرض عليه وجوبً عينيًّ الاشتراكفى عملية الإصلاح العام، وأن قيامه بواجب الأمر بالمعروف والنهىعن المنكر يفرض عليه الدعوة للإصلاح، فالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، والمرأة المسلمة ناخبة تقوم بواجب الشهادة، ومنتخَبة تقوم بواجب الإصلاح، ومسئولةفى مواقع المسئولية، تقوم بواجب الاستخلافم التزمت أوامر الله ونصحً لدينه. (والْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ)، [التوبة: 71] وكم يقول النبى محمد e: ((النساء شقائق الرجال)).
ولقد قال عبد الرحمنبن عوف عقب استشهاد عمربن الخطابفى سعيه لاختيار خليفة للمسلمينمن الستة الذين رشحهم عمر: ((واللهم تركتذ رأىمن رجل ول صاحبة فضل إل أخذت رأيه)).
وإجمال فإن مبادئ الإسلام (نصوصه وقواعده العامة وروحه) تتفقمع مطالبة الحكومات بإيجاد الضمانات للنساء ليمارسن - على قدم المساواةمع الرجال - العمل السياسى: ترشيحً وانتخابً ورسمً للسياسة وتنفيذً لها، والمشاركةفى المنظمات والجمعيات غير الحكومية.
المادة (8)
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتكفل للمرأة - على قدم المساواةمع الرجل ودونأى تمييز - فرصة تمثيل حكومته على المستوى الدولى، والاشتراكفى أعمال المنظمات الدولية.
الملاحظات: تعالج هذه المادة مشاركة المرأة السياسية على المستوى الدولى، ول تحظر الشريعة الإسلامية هذ الدور على المرأة، شريطة الالتزام بآدابه، والتوازن بين متطلبات العمل وواجبات المنـزل وحقوق الزوج والأولاد، حيث تقوم فلسفة الشريعة الإسلاميةفى ميدان الحقوق والواجبات على التوازن والعدل.
المادة (9)
1- تمنح الدول الأطراف المرأة حقًّ مساويً لحق الرجلفى اكتساب جنسيتها،أو الاحتفاظ بهأو تغييرها، وتضمن بوجه خاص أل يترتب على الزواج بأجنبىأو تغيير جنسية الزوج أثناء الزواجأن تتغير تلقائيًّ جنسية الزوجة،أوأن تصبح بل جنسية،أو تفرض عليه جنسية الزوج.
2- تمنح الدول الأطراف المرأة حقًّ مساويً لحق الرجل فيم يتعلق بجنسية أطفاله.
الملاحظات: تقوم الشريعة الإسلاميةفى قضاي الجنسية على مفهوم الأمة الإسلامية، وذلك لأن الشريعةقد استقرت قبل ميلاد الدولة القُطْرية Nation stateالتى قامت على معيار الجنسية، ومن ثَمَّ فالرجل والمرأة سواءفى قضاي الجنسية،مع مراعاة مصلحة الأطفال والمصلحة العامة.
المادة (10)
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييزضد المرأة، لكى تكفل للمرأة حقوقً مساوية لحقوق الرجلفى ميدان التعليم، وبوجه خاص لكى تكفل - على أساس تساوى الرجل والمرأة -:
() نفس الظروف للتوجيه الوظيفى والمهنى، وللوصول إلى الدراسات والحصول على الدرجات العلميةفى المؤسسات التعليميةفى جميع الفئات،فى المناطق الريفية والحضرية على السواء، وتكون هذه المساواة مكفولةفى المرحلة السابقة للالتحاق بالمدرسة، وفى التعليم العام والتقنى والمهنى، والتعليم التقنى العالى، وكذلكفى جميع أنواع التدريب المهنى.
(ب) توفر نفس المناهج الدراسية، ونفس الامتحانات وهيئات تدريسية تتمتع بمؤهلاتمن نفس المستوى، ومبانٍ ومعدات مدرسيةمن نفس النوعية.
(ج) القضاء علىأى مفهومعن دور الرجل ودور المرأة على جميع مستويات التعليم، وفى جميع أشكاله،عن طريق تشجيع التعليم المختلط وغيرهمن أنواع التعليم التى تساعدفى تحقيق هذ الهدف، ول سيمعن طريق تنقيح كتب الدراسة والبرامج المدرسية وتكييف أساليب التعليم.
(د) نفس الفرص للاستفادةمن الِمَنح التعليمية وغيرهمن المنح الدراسية.
(ه) نفس الفرص للوصول إلى برامج التعليم المتواصل، بمفى ذلك برامج تعليم الكبار ومحو الأمية الوظيفية، ول سيم التى تهدف إلىأن تُضَيِّقفى أقرب وقت ممكن أية فجوةفى التعليم قائمة بين الرجل والمرأة.
(و) خفض معدلات ترك المدرسة قبل الأوان بين الطالبات، وتنظيم برامج للفتيات والنساء اللائى تركن المدرسة قبل الأوان.
(ز) نفس الفرص للمشاركة النشطةفى الألعاب الرياضية والتربية البدنية.
(ح) الوصول إلى معلومات تربوية محددة للمساعدةفى ضمان صحة الأسر ورفاهتها، بمفى ذلك المعلومات والنصحعن تخطيط الأسرة.
الملاحظات: تقبل هذه (الرؤية النقدية)م تراه صحيحًفى هذه المادة، وهوحق التعليم، إل أنه -أى الرؤية النقدية- انطلاقًمن مبادئ الإسلام العامة وقواعده الكليةل تراه مجرد (حق)بلهو (واجب) أيضًا، وشتانم بين الأمرين، فالأول: الحق،هو إمكانيةأو ميزة، لصاحبه التخلى عنه طواعية واختيارًإن شاء، أم الثانى: الواجب، فهو التزام ينبغى عليه القيام به، وهكذ ميدان العلم والتعليم، كمأن هذه الرؤية تقبلكلممن شأنهأن يوفر ظروفً أفضل لقيام المرأة بهذ الواجب، وتقبلكلممن شأنهأن يفتح له آفاق المعرفة وتواصله حتىلو اضطرت - لسببأو لآخر- إلىأن تترك مقاعد الدراسة، فعلى المجتمعأن يوفر له إمكانيات العودة لمواصلة أداء ذلك الواجب، مثل برامج تعليم الكبار وبرامج محو الأمية، كم أنه تقبل وتدعمكلممن شأنهأن يخفض كذلك معدلات ترك المدرسة.
كمأن هذه (الرؤية النقدية) ترى أنهمن العدلأن المرأة التى تلقت تعليمً معينًا، يجبأن تتاح له نفس الفرص الوظيفية المتاحة للرجل،مع توفير الظروف المناسبة لأدائه تلك الوظيفة.
ومن العدل أيضًأن تتاح له نفس الفرصفى الحصول على الدرجات العلمية الأعلى كلم حازت مؤهلاته واستكملت شروطه.
وله الحق أيضًفى تلقِّى المنح التعليمية، وفى حالة السفر تُوفَّر له الشروط التى تجعل سفره متوافقًمع الشريعة، مثل توفير الرفقة الآمنةأو صحبة محرم، وعدم الخلوةمع أجنبى عنه (أى شخص يصلحله الزواج منه).
إل أنه ترفضم يسمَّى بالتعليم المختلط، خاصةفى سنوات العمر الوسيطة (فترة المراهقة) ولديهمن الأدلة العلمية والواقعية التى أثبتت التجربة العملية صحتهم يعزز وجهة نظرها، وخاصة بعد تحول كثيرمن المدارس الثانويةفى الولايات المتحدة ذاته إلى مدارس غير مختلطة، وتدعم ذلك بتحقيق طلاب تلك المدارس لنتائج أفضلمن طلاب المدارس المختلطة.
كمأن هذه الرؤية تعترض أشد الاعتراض على عموم البند (ح) وترى تقييده بقيود تربوية وعلمية وعمرية.
المادة (11)
1- تتخذ الدول الأطراف جميعم يقتضى الحال اتخاذهمن تدابير للقضاء على التمييزضد المرأةفى ميدان العمل لكى تكفل له - على أساس تساوى الرجل والمرأة - نفس الحقوق ول سيم:
() الحقفى العمل بوصفه حقًّ غير قابل للتصرف لكل البشر.
(ب) الحقفى التمتع بنفس فرص التوظيف، بمفى ذلك تطبيق معايير الاختيار نفسهفى شئون التوظيف.
(ج) الحقفى حرية اختيار المهنة والعمل، والحقفى الترقى والأمن الوظيفى، وفى جميع مزاي وشروط الخدمة، والحقفى تلقى التدريب وإعادة التدريب المهنى، بمفى ذلك التلمذة الصناعية والتدريب المهنى المتقدم والتدريب المتكرر.
(د) الحقفى المساواةفى الأجر، بمفى ذلك الاستحقاقات، والحقفى المساواةفى المعاملة فيم يتعلق بالعمل المتعادل القيمة، وكذلك المساواةفى المعاملةفى تقييم نوعية العمل.
(ه) الحقفى الضمان الاجتماعى، ول سيمفى حالات التقاعد والبطالة، والمرض والعجز، والشيخوخة، وأى شكل آخرمن أشكال عدم القدرة على العمل، وكذلك الحقفى إجازة مدفوعة الأجر.
(و) الحقفى الوقاية الصحية، وسلامة ظروف العمل، بمفى ذلك حماية وظيفة الإنجاب.
2- توخيً لمنع التمييزضد المرأة بسبب الزواجأو الأمومة، ولضمان حقه الفعلىفى العمل تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة:
() لحظر الفصلمن الخدمة بسبب الحملأو إجازة الأمومة، والتمييزفى الفصلمن العمل على أساس الحالة الزوجية،مع فرض جزاءات على المخالفين.
(ب) لإدخال نظام إجازة الأمومة المدفوعة الأجر،أومع التمتع بمزاي اجتماعية مماثلة، دونأن تفقد المرأة الوظيفة التى تشغلها،أو أقدميتها،أو العلاوات الاجتماعية.
(ج) لتشجيع توفيرم يلزممن الخدمات الاجتماعية المساندة لتمكين الوالدينمن الجمع بين التزاماتهم الأسرية، وبين مسئوليات العمل، والمشاركةفى الحياة العامة، ول سيمعن طريق تشجيع إنشاء وتنمية شبكةمن مرافق رعاية الأطفال.
(د) لتوفير حماية خاصة للمرأة أثناء فترة الحملفى الأعمال التى يثبت أنه مؤذية له.
3- يجبأن تُستعرَض التشريعات الوقائية المتصلة بالمسائل المشمولة بهذه المادة استعراضً دوريًّفى ضوء المعرفة العلمية والتكنولوجية، وأن يتم تنقيحهأو إلغاؤهأو توسيع نطاقه حسب الاقتضاء.
الملاحظات: ربملم تكن هناك ملاحظات على هذه المادة، غير الفلسفة الكامنة خلف مفهوم العمل وميدانه، وهل هناك حكم عام لكل النساء،أمأن الأمر يختلفمن امرأة لأخرى بحسب طبيعة ظروفه وتعليمه ومدى احتياجه ووجود عائل لهمن عدمه؟.
فالاتفاقية تستبطن الحديثعن امرأة واحدة متفردة،ل شأن له بم حولهمن أسرةأو مجتمع، هذه المرأةل عائل له إذ بلغتسن الرشد وليس أمامه إلأن تعول نفسه.
كمأن الاتفاقيةل تنظر بكبير احترام للمرأة التىل تعمل خارج منـزله عمل مأجورًا، وهن تأتى قضية توصيف العمل باعتباره العمل الذى تتلقى عليه المرأة أجرً محددًا، ويتمفى رقعة الحياة العامة، (أى خارج المنـزل)، أم قيام المرأة بوظيفة الأمومة وتربية الأبناء والجهد المنـزلى الكبير الذى تؤديه المرأة داخل جدران منـزله فهو ليس عمل - طبقً لهذ التعريف-.
ومنثم فالاتفاقية تتعاملمع وضع المرأة العاملة - خارج منـزله - باعتباره (مُعطَى) وليس ظرفً تبحثفى طرق التغلب عليهأو توفير شروط أدائه بم يحفظ للمرأة كرامته وشخصيته المستقلة.
أم وجهة نظر الشريعة الإسلاميةفى عمل المرأة فهىأن:
العمل مباح للمرأة كمهو مباح للرجل، ولكن يختلفمن امرأة إلى أخرى حسب ضرورتهأو ضرورة العمل لها، واحتياجه له، ونوع العمل، والظروف التى يؤدِّى فيها، ومدى تعارضهمع مصلحة أسرته.
كم تتفق أغلب بنود المادة (11) معم تنادىبه الشريعة الإسلامية، مثل الحقفى الضمان الاجتماعى، والحقفى الوقاية الصحية، وسلامة ظروف العمل،بل وكفالةحق العمل للمرأة، والسعى لتوفير أجواء صالحة لعمل المرأة
المادة (12)
1- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة فى ميدان الرعاية الصحية من أجل أن تضمن له - على أساس تساوى الرجل والمرأة - الحصول على خدمات الرعاية الصحية، بم فى ذلك الخدمات المتعلقة بتخطيط الأسرة.
2- بالرغم من أحكام الفقرة (1) من هذه المادة، تكفل الدول الأطراف للمرأة الخدمات المناسبة فيم يتعلق بالحمل والولادة وفترة م بعد الولادة، وتوفر له الخدمات المجانية عند الاقتضاء، وكذلك التغذية الكافية أثناء الحمل والرضاعة.
الملاحظات:
تقبل (الرؤية النقدية) هذه المادة بل وتدعو إلى صك بنود تكون أكثر تفصيل تكفل للنساء - وخاصة الفقيرات منهن - دعمً وحماية لحصولهن على رعاية صحية متكاملة، وليس مجرد تلك الخدمات المتعلقة بتخطيط الأسرة.
المادة (13)
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة فى المجالات الأخرى للحياة الاقتصادية والاجتماعية لكى تكفل له - على أساس تساوى الرجل والمرأة - نفس الحقوق، ول سيم:
() الحق فى الاستحقاقات الأسرية.
(ب) الحق فى الحصول على القروض المصرفية، والرهون العقارية، وغير ذلك من أشكال الائتمان المالى.
(ج) الحق فى الاشتراك فى الأنشطة الترويحية، والألعاب الرياضية، وفى جميع جوانب الحياة الثقافية.
الملاحظات: تتعلق هذه المادة بثلاثة مجالات، ليست على نفس الدرجة تجاه قضاي النساء، فالمجال الأول عائلى، والآخر اقتصادى، والثالث ثقافى رياضى.
والمجال الأول كُرِّسَت له المادة (16)، وهى الخاصة بالأحوال الشخصية، والتعليق على هذ المجال سيرد لاحقً فى التعليق على المادة (16).
إل أنه يحسن بن الوقوف قليل عند البند () الخاص بالاستحقاقات الأسرية، وهو م يشمل قضية الميراث والمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة فيه، وم يثار حول الشريعة الإسلامية، من أنه أحيانً تعطى الرجل فى بعض الظروف - ضعف المرأة ، والباحث المنصف فى أحكام وقواعد الميراث يتبين له أن أنصبة الميراث ل يتحكم فى توزيعه بين المستحقين عامل الذكورة والأنوثة، بل ثلاثة عوامل - كم يقول د. محمد عمارة:
1- درجة القرابة بين الوارث - ذكرً أو أنثى- وبين الموَرَّث -المتوفى- فكلم اقتربت الصلة زاد النصيب فى الميراث.
2- موقع الجيل الوارث من التتابع الزمنى للأجيال، فالأجيال التى تستقبل الحياة عادة يكون نصيبه فى الميراث أكبر من نصيب الأجيال التى تستدبر الحياة، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين، فالبنت ترث أكثر من الأم- وكلتاهم أنثى- بل وترث أكثر من الأب، والابن يرث أكثر من الأب - وكلاهم من الذكور-.
3- العبء المالى الذى يوجبه الشرع على الرجل دون المرأة، فإن العدل يستوجب تفاوتً بينهم فى قوله تعالى: }يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ{ [النساء: 11]؛ لأن الذكر الوارث هن - فى حالة تساوى درجة القرابة والجيل - مكلف بإعالة زوجة أنثى - بينم الأنثى - الوارثة - إعالته فريضة على الذكر المقترن بها، وحالات هذ التميز محدودة جدًّا، إذ م قيست بعدد حالات المواريث.
ولعل ذلك يحيلن على قاعدة أخرى تحكم أنصبة المواريث، وهو أن حق المرأة فى الميراث ل يمكن فهمه إل فى ضوء الموازنة العادلة بين الحقوق والواجبات المالية التى تقرره الشريعة على كل من الرجل والمرأة.
فالإسلام يلزم الرجل بالإنفاق على المرأة: زوجة، وكذلك يلزمه بالإنفاق على البنت والأم والأخت عند حاجتهن، ول يلزم الزوجة بالإنفاق على نفسه أو أسرتها، ولو كانت غنية، فجميع م تملك من أموال له وحدها، وهى غير مكلَّفة أو ملزمة بالإنفاق على أحد، إل فى حدود ضيقة جدً ، والرجل وحدَه مكلَّف وملزَم بالإنفاق على بيته، وتتسع دائرة إنفاقه على أقاربه، شرط يساره وحاجتهم.
والمجال الثانى: الاقتصادى، تحكمه قواعد المجال الخاص به، والمرأة كالرجل فيه سواء، فكلاهم ذو ذمة مالية مستقلة تمامً عن ذمة الآخر، ولو كان زوجين.
المجال الثالث: الترويحى والرياضى والثقافى، فليس ثمة اعتراض على هذه الأمور بذاتها، بل الاعتراض على الظروف المحيطة به والشروط التى تؤدَّى فيها، لذ تدعو هذه (الرؤية النقدية) الدول الإسلامية الأطراف إلى توفير شروط أداء هذ المجال أمام النساء، بم يحفظ حياءهن وعفافهن، وعدم اطلاع الأجانب عليهن، خاصة عند أداء الأنشطة الرياضية والترويحية.
المادة (14)
1- تضع الدول الأطراف فى اعتباره المشكلات الخاصة التى تواجهه المرأة الريفية، والأدوار الهامة التى تؤديه فى تأمين أسباب البقاء اقتصاديًّ لأسرتها، بم فى ذلك عمله فى قطاعات الاقتصاد غير النقدية، وتتخذ جميع التدابير المناسبة لضمان تطبيق أحكام هذه الاتفاقية على المرأة فى المناطق الريفية.
2- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة فى المناطق الريفية، لكى تكفل له - على أساس التساوى مع الرجل - المشاركة فى التنمية الريفية والاستفادة منها، وتكفل للمرأة بوجه خاص الحق فى:
() المشاركة فى وضع وتنفيذ التخطيط الإنمائى على جميع المستويات.
(ب) نيل تسهيلات العناية الصحية الملائمة، بم فى ذلك المعلومات والنصائح والخدمات المتعلقة بتخطيط الأسرة.
(ج) الاستفادة بصورة مباشرة من برامج الضمان الاجتماعى.
(د) الحصول على جميع أنواع التدريب والتعليم، الرسمى وغير الرسمى، بم فى ذلك م يتصل منه بمحو الأمية الوظيفية، والحصول كذلك فى جملة أمور على فوائد كافة الخدمات المجتمعية والإرشادية، وذلك لتحقق زيادة كفاءته التقنية.
(ه) تنظيم جماعات المساعدة الذاتية والتعاونيات، من أجل الحصول على فرص اقتصادية متكافئة، عن طريق العمل لدى الغير أو العمل لحسابهن الخاص.
(و) المشاركة فى جميع الأنشطة المجتمعية.
(ز) فرصة الحصول على الائتمانات والقروض الزراعية، وتسهيلات التسويق والتكنولوجي المناسبة، والمساواة فى المعاملة فى مشاريع إصلاح الأراضى والإصلاح الزراعى، وكذلك فى مشاريع التوطين الريفى.
(ح) التمتع بظروف معيشية ملائمة، ول سيم فيم يتعلق بالإسكان والإصحاح والإمداد بالكهرباء، والماء، والنقل، والاتصالات.
الملاحظات: هذه المادة خاصة بالمرأة الريفية، وليس ثمة م يمكن التحفظ عليه إل عدة أمور:
أوله: تعريف مفهوم العمل، ففى حين تعمل المرأة الريفية أغلب ساعات النهار منذ طلوع الشمس وردحً من ساعات الليل مع زوجها، ل يعد كل هذ العناء والمجهود الشاق عمل فى نظر الاتفاقية، لانحصار مفهوم العمل فى: العمل فى رقعة الحياة العامة مقابل أجر، وعمل المرأة فى قطاعات الاقتصاد غير النقدية يجعله ل يظهر فى الأرقام النهائية للناتج الإجمالى القومى.
فى حين أن عمل الزوجة الريفية مع زوجه داخل أو خارج بيته يساعد على تنمية أسرتها، كم أن عمل المرأة الريفية بأجر مع غير زوجه يساعد على تنمية دخل الأسرة ويظهر فى الأرقام النهائية للناتج الإجمالى القومى.
فيجب أن تكون هناك طريقة لإظهار قيمة عمل المرأة فى الريف أو فى المدن مع زوجها، داخل أو خارج بيته فى الأرقام النهائية للناتج الإجمالى القومى.
ثانيه :أمر آخر ل يقل أهمية عم سبق، وهو أن:
مخاطر موانع الحمل فى الريف أكبر منه فى الحضر، حيث ل يتوفر الأطباء لإجراء الكشف الذى يسبق الاستخدام، ومتابعة حالة المرأة الصحية بعده، والاتفاقية إذ تقنن لذلك، فإنه تطلق يد المنظمات الأجنبية للعمل فى الريف من أجل تحقيق أهداف سياسات سكانية عالمية بالدول النامية.
لذ تدعو هذه (الرؤية النقدية) الدول إلى العمل على توافر الخدمة الطبية فى الريف، ليس من أجل تخطيط الأسرة فحسب، بل للعناية بالصحة والعلاج عمومً.
المادة (15)
1- تمنح الدول الأطراف المرأة المساواة مع الرجل أمام القانون.
2- تمنح الدول الأطراف المرأة فى الشئون المدنية أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل، ونفس فرص ممارسة تلك الأهلية، وتكفل للمرأة - بوجه خاص - حقوقً مساوية لحقوق الرجل فى إبرام العقود وإدارة الممتلكات، وتعامله على قدم المساواة فى جميع مراحل الإجراءات المتبعة فى المحاكم والهيئات القضائية.
3- توافق الدول الأطراف على اعتبار جميع العقود وسائر أنواع الصكوك الخاصة التى له أثر قانونى يستهدف تقييد الأهلية القانونية للمرأة باطلة ولاغية.
4- تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيم يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سُكناهم وإقامتهم.
الملاحظات: تتعلق هذه المادة بمسألة أهلية المرأة فى الشئون المدنية وهى مشكلة غربية بالأساس، وليس بالضرورة أن يكون العالم على صورة الغرب، وفى حضارات بأكمله احتفظت النساء بالذمة المالية المستقلة وبشخصيته القانونية المستقلة عن أهله وعن زوجها، ولم تعانِ نساء حضارات بأكمله من عدم أهليتهن الإدارية فى إدارة ممتلكاتهن، كم أن حضارات بأكمله اعترفت بأهلية نسائه فى تحرير العقود والالتزام بنصوصه.
فالمرأة فى الإسلام منذ أربعة عشر قرنً له ذمة مالية مستقلة تمامً عن ذمة الرجل، وأهلية كاملة ل تقل عن ذمة الرجل المالية شيئًا، فله حق تملك جميع أنواع الأموال من عقارات ومنقولات وأموال سائلة (نقود) كالرجل سواء بسواء، وله حق التصرف بمختلف أنواع التصرفات المقررة شرعً فيم تملكه، فله أن تبيع وتشترى وتقايض وتهب وتوصى وتقرض وتقترض وتشارك وتضارب وتوقف وترهن وتؤجر.. إلى آخره وتصرفاته نافذة بإرادته الذاتية، ول يتوقف شيء من ذلك على رض أب أو زوج أو أخ.
إل أن قضية البند 4 من المادة (15) تدفعن للحديث عن أمرين:
الأول: هو المتعلق بحركة الأشخاص وانتقالهم، وهى ربم تتماس مع قضية سفر المرأة المسلمة التى وضع الإسلام له بعض الضوابط، وهى أن تسافر مع محرم أو فى رفقة آمنة بإذن زوجها، وذلك تحقيقً لهدفين:
- توفير الحماية والأمن للمرأة على نفسه.
- والحفاظ على متانة العلاقة الأسرية وتماسكه إذ توجب الشريعة على الزوج أل يستخدم حق الإذن إل لتحقيق مصلحة مشروعة للأسرة تعلو على مصلحة الزوجة فى السفر، كم أن للزوجة أن تعترض على سفر الزوج إذ أصابه وأطفاله ضرر من سفره.
الثانى: منـزل الزوجية، وعم إذ كان هو محل سكن الزوجة أم لا، وهى قضية تتصل باستقرار محل الزوجية، واعتباره سكنً لكل الزوجين، وهو أحد مترتبات عقد الزواج ضمنًا، ومن ثَمَّ فإن النص على حرية اختيار محل السكن ربم يوحى بحق المرأة فى أن يكون له سكن آخر غير محل سكن الزوجية، تقيم فيه استقلال دون الزوج، وهو الأمر الذى يستلزم توضيح رأى الشريعة التى تقرر:
أول- اعتبار مسكن الزوجية أثرً من آثار عقد الزواج القائم على رض الطرفين واختيارهم.
ثانياً- استقرار الحياةالاجتماعية الذى يفرض توحيد محل سكن الزوجية المشترك بين الزوجين.
وباختصار فإن:
سكن الزوجية هو سكن للمرأة، تشارك فى اختياره والموافقة عليه سلفً قبل الزواج، فضل عن أن القرآن الكريم قد أضاف ملكية سكن الزوجية إلى الزوجة وأوجب على الرجل أن يهيئ له السكن المناسب الذى يتفق مع مكانته الاجتماعية والاقتصادية ومع درجة يسار الزوج أو إعساره: (ل تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ ول يَخْرُجْنَ) [الطلاق:1]، (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم) [الطلاق: 6].
أم فى حالة أن يكون لكل منهم سكن آخر بالإضافة إلى سكن الزوجية، فيشترط أل يُخِل بالحقوق المشتركة المترتبة على عقد الزواج الإسلامى.
أم عن محل الإقامة فهو اعتبار قانونى يمكن لكل من الطرفين اختياره، وتترتب عليه الآثار القانونية فى هذ الشأن.
المادة (16)
1- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة فى كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية، وبوجه خاص تضمن - على أساس تساوى الرجل والمرأة -:
() نفس الحق فى عقد الزواج.
(ب) نفس الحق فى حرية اختيار الزوج، وفى عدم عقد الزواج إل برضاه الحر الكامل.
(ج) نفس الحقوق والمسئوليات أثناء الزواج وعند فسخه.
(د) نفس الحقوق والمسئوليات كوالدة، بغض النظر عن حالته الزوجية، فى الأمور المتعلقة بأطفالها، وفى جميع الأحوال تكون مصالح الأطفال هى الراجحة.
(ه) نفس الحقوق فى أن تقرر بحرية وبشعور من المسئولية عدد أطفالها، والفترة بين إنجاب طفل وآخر، وفى الحصول على المعلومات، والتثقيف، والوسائل الكفيلة بتمكينه من ممارسة هذه الحقوق.
(و) نفس الحقوق والمسئوليات فيم يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو م شابه ذلك من الأنشطة المؤسسية الاجتماعية، حين توجد هذه المفاهيم فى التشريع الوطنى، وفى جميع الأحوال تكون مصالح الأطفال هى الراجحة.
(ز) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة، بم فى ذلك الحق فى اختيار اسم الأسرة، والمهنة، والوظيفة.
(ح) نفس الحقوق لكل الزوجين فيم يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات، والإشراف عليها، وإدارتها، والتمتع بها، والتصرف فيها، سواء بل مقابل أو مقابل عوض ذى قيمة.
2- ل يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أى أثر قانونى، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية - بم فيه التشريع - لتحديد سن أدنى للزواج، ولجعل تسجيل الزواج فى سجل رسمى أمرً إلزاميًّ.
الملاحظات: هذه المادة الخاصة بالأسرة تدعو إلى منح المرأة والرجل نفس الحقوق على قدم المساواة فى عقد الزواج وفى أثنائه وعند فسخه، وكذلك فى القوامة والولاية على الأبناء، وذلك يتعارض مع قاعدة ولى الزوجة عند عقد الزواج، ومع المهر، وقوامة الرجل على المرأة فى الأسرة، وتعدد الزوجات، ومنع زواج المسلمة بغير المسلم، وأحكام الطلاق والعدة، وعدة الوفاة، وحضانة الأولاد.
وهذه المادة من أخطر مواد الاتفاقية على الإطلاق، وهى تمثل مادة - حزمة، تضم مجموعة بنود تعمل على مستوى (الأحوال الشخصية) زواج - طلاق - قوامة - وصاية - ولاية - حقوق وواجبات الزوجين - حقوق الأولاد، باختصار: كل م يمس الأسرة كمؤسسة ونظام قيم ونمط حياة.
كم أن هذه المادة تمثل نمط الحياة الغربى، وهى تتجاهل معتقدات شعوب العالم ومنظوماته القيمية وأنساقه الإيمانية.
فالبند () يتجاهل مسألة الولاية على البنت التى لم يسبق له زواج، وكثير من الآراء الشرعية - استنادً على حديث ل زواج إل بوَلى - تشترط موافقة الولى لتحرير عقد الزواج، حتى يكون شرعيًّا، والقاضى ولى من ل ولى له.
والبند (ب) يتجاهل موافقة الولى - فى حالة البنت التى لم يسبق له زواج - وتطلق حرية البنت فى اختيار من ترضاه، إل أنه تبعً لهذه (الرؤية النقدية) فإن الزواج محصلة توافق آراء بين البنت ووليها، الذى هو أكثر خبرة وتجربة منه ومعرفة بمصلحتها، وعليه تعود عواقب فشل الزواج، لذ يشترط أن يكون له رأى فى إقرار الزواج، ذلك أن الرؤية الإسلامية تفرق بين البِكْر والثَّيِّب، فالبكر ل يصح تزويجه إل بعد استئذانها، ول يمكن بحال إجباره على الزواج بأحد ترفضه، إذ ينظر الإسلام إلى الزواج بوصفه عقدً يشترط لصحته أن يكون العاقد بالغً راشدً راضيً بالعقد، ولقد أعطى الرسول r الحرية لفتاة شكَت إليه أن أباه أجبره على الزواج من ابن أخيه.
يقول شيخ الأزهر السابق الشيخ جاد الحق -عليه رحمة الله-: (إذ اختلفت المرأة بِكْرً كانت أم ثيبً مع عصبتها، ورضيت لنفسه زوجً ولم يقبله ولى أمره بل رفضه وحظره عليها، فله أن تلج للقاضى ليتولى عقد نكاحه من هذ الزوج الذى اختارته شريكً له فى حياته بمحض إرادته).
البند (ج) يتجاهل م يفرضه الإسلام على الزوج من تقديم مهر، وتأثيث منـزل الزوجية، وتكفُّل بالنفقة، وتحمل الخسائر كاملة إذ فصم عُرَى الزوجية، من تأثيث منـزل للحاضنة، ومن متعة، ونفقة، وكفالة أبناء، فى حين أن المرأة لو فصمت عُرَى هذه الزوجية (بالخُلْعِ) فليس عليه أكثر من رد م أخذته مهرًا، ومن ثَمَّ فإن اختلاف الالتزامات والواجبات ينتج اختلاف المسئوليات والحقوق، ومن هن ينش حق القوامة للرجل على زوجته فى إطار الأسرة وشئونه وقراراتها، وينش حق المرأة فى المشاورة، وأن تخرج قرارات الأسرة معبرة عن توافق وجهتى نظر الزوج والزوجة، لتسود (ثقافة السفينة)* التى على ظهره كل منهما، وإذ غرقت تغرق بالجميع، وإن نجت نجت بهم معً.
البند (د) يفصل بين مسئولية الأم كوالدة ووضعه كزوجة، والشريعة الإسلامية تتفق مع هذ البند فيم يختص بالرعاية الإنسانية والصحية للأم والطفل، وتضع أحكامً خاصة بثبوت النسب وغير ذلك، فى حالة م إذ كان الحمل نتيجة زواج أم ل.
البندان (ه) و (و) يتجاهلان وضع الأسرة كمؤسسة مكونة من زوجين، للزوج قوامة فيه (أى الأسرة) }الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ{ [النساء: 34] كم أن له أيضً الولاية على الصغار، رغم أن هذ ل يعنى انفراد الزوج بتحديد القرارات دون رأى الزوجة، فالأمر شورى ومحصلة توافق آراء، مع ترجيح رأى الزوج الذى ل يسيء استعمال حقوقه، أو يتعسف فى استعماله.
البند (ز) الخاص باسم العائلة حيث تطالب الاتفاقية بإعطاء المرأة حق اختيار اسم عائلته على قدم المساواة مع الرجل، فإن الإسلام ل يجيز نسبة الأولاد لغير آبائهم }ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ{ [الأحزاب: 5]، كم أن الشريعة تقرر انتساب الزوجة نفسه إلى عائلته وليس إلى عائلة الزوج.
البند (ح)، هذ البند هو تعبير عن نموذج لتصدير المشكلات الاجتماعية، فبأثر من انتفاء الذمة المالية للزوجة فى الغرب قرونً طويلة، ظلت المرأة الغربية تناضل لاسترداد ذمته المالية المستقلة، لذ تنص على هذ الحق فى كل المعاهدات واتفاقات وإعلانات حقوق الإنسان الخاصة بالمرأة، أم الشعوب والحضارات التى ظلت فيه النساء محتفظات بذمتهن المالية، فل يشعرن بحاجة للدخول فى معركة من هذ النوع، وتقبل هذه (الرؤية النقدية) هذ البند دفاعً عن كل نساء العالم، وحقهن فى أن يسترددن ذمتهن المالية المستقلة تعبيرً عن حق من حقوق الإنسان / البشر، الذى كرمه الله.
[1]- تركزت تحفظات الدول العربية على المادة (2) التى تتعلق بحظر التمييز فى دساتير الدول وتشريعاتها، والمادة (7) والمتعلقة بالحياة السياسية، والمادة (9) وتتعلق بقوانين منح الجنسية للمرأة، والمادة (15) وتتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة فى الأهلية القانونية وقوانين السفر والإقامة، والمادة (16) وتتعلق بقوانين الزواج والأسرة، والمادة (29) وتتعلق برفع الخلاف فى تفسير الاتفاقية أو تطبيقه بين الدول الأطراف إلى محكمة العدل الدولية
* المقصود بالغرب فى هذه "الرؤية النقدية" الغرب الثقافى والحضارى وليس الغرب الجغرافى.
* من الجدير بالذكر أن تعالت الأصوات المعارضة لإفرازات تلك الحضارة من أبنائه أنفسهم فجعلهم يكثرون من نقده ويحذرون قومهم مم تشير إليه سفينة حضارتهم. انظر النقد اللاذع الذى قدمه بريجنسكى فى كتابه "الفوضى" Out of Control.
* صك هذ المصطلح الدكتور سيف الدين عبد الفتاح إسماعيل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهر
الملاحق
- {ln: women-social-terms-united-nations 'الخصوصية الحضارية للمصطلحات مصطلحات وثائق مؤتمرات الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة والمجال الاجتماعى}
- {ln:cedaw-agreement 'إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة}