رغم التقدم الذي حققته البشرية في شتى مجالات الحياة والذي مكن من الارتقاء بالإنسان وحفظ كرامته، فإن بعض الظواهر الاجتماعية السلبية ما زالت تمتلك مقومات الصمود والبقاء، وتطبع المجتمعات بما في ذلك تلك التي توحي باكتمال تحررها وتمدنها.
ولعل العنف الممارس بحق المرأة هو من بين الظواهر الأكثر إساءة لجوهر الإنسانية ولمنجزها، والأكثر دلالة على أنه مازال أمام البشرية طريق طويل عليها أن تقطعها من أجل أن تكتمل إنسانية الإنسان بقطع النظر عن جنسه وعرقه وثقافته، وحتى تتحول حقوق الإنسان إلى خيمة يستظل بقيمتها وتستفيد من حمايتها وفضائلها المرأة والرجل معاً.
فحقوق الإنسان تظل مهددة ومنقوصة ومبتورة ما لم يتم القضاء على ظاهرة العنف الممارس ضد المرأة سواء في بعده النفسي الجسدي أم الاجتماعي أم الاقتصادي أم السياسي أم الثقافي والإعلامي.
بهذه الكلمات بدأت السيدة ليلى بن علي رئيسة منظمة المرأة العربية تقديم كتاب «العنف ضد المرأة بين سطوة الواقع وتكريس القيم الإنسانية» الصادر عن منشورات صوت المرأة العربية والذي احتوى اثني عشر محوراً لمجموعة من الباحثين نذكر منها: العنف ضد المرأة إستراتيجيات وتطوير، العنف ضد المرأة.. البعد الإنساني والحقوقي، المرأة اللاجئة والعنف، العنف في العلاقات الأسرية، العنف ضد المرأة في المنطقة العربية، الوقاية من العنف ضد المرأة، إضافة إلى عدة ملاحق منها رسالة السيدة ليلى بن علي إلى السيدات الأول بالدول العربية «بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة»، القرارات والاتفاقات الدولية ذات العلاقة بالوقاية من العنف ضد المرأة، ملحق عن حملة الأمين العام للأمم المتحدة «اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة»، وإعلان الأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد المرأة.
يأتي هذا الكتاب لتأكيد ودعم القضاء على العنف ضد المرأة، وأن هذا الأمر يعد ضرورة حضارية واجتماعية بقدر ما هو قيمة أخلاقية، فمكافحة هذه الظاهرة جزء لا يتجزأ من مكافحة مختلف مظاهر العنف في عالمنا اليوم وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقضاء على الأمية والفقر والجوع والحد من النزاعات المسلحة ومكافحة كل أشكال التطرف والانغلاق. إضافة إلى التوعية بخطورة ممارسة العنف عامة وضد المرأة خاصة إيماناً بأن حماية المرأة من العنف تمثل حجر الزاوية في بناء الأسرة المتوازنة وإرساء مقومات المجتمع المتآزر المتضامن.
الوطن السورية
العنف ضد المرأة بين سطوة الواقع وتكريس القيم الإنسانية
- التفاصيل